أنصحني…. من… فضلك.

قد يكون هذا العنوان غريبا لدي البعض… فهناك من سيعتبره ضعفا في قدراتي الفكرية أو عدم قدرتي علي مجابهة الأمور منفردا في عالم تبدلت فيه الأحوال وتعطلت فيه القوانين وفشلت فيه النظريات العلمية في حقبة زمنية عجيبة تتسارع فيها الأحداث وتتلاحق وتجري الأيام والشهور والسنين وكأنها لحظات……نعم أنصحني من فضلك فأنا أحتاج أعمار تضاف لعمري وخبرات سنين مع سنيني لن أصل لرجاحة وحكمة من سبقونا إلا بالوقوف علي خبراتهم وخلاصة تجاربهم وأحكامهم علي الأمور  لذا أقول دائما.. أنصحني من فضلك….وسأستمع بكل جوارحي لأقرر مدي صدق وجدية وفائدة النصح والأرشاد …..وهناك من الشخصيات المغلقة ضيقة الأفق التي ترفض النصح والنصيحة من كل البشر بدعوي أنهم قد حصلوا علي شهادة علمية عالية أو منصب وظيفي كبير أو حققوا شهرة واسعة في تخصصهم أو مجتمعهم … من يرفض النصح كالمريض الذي يرفض الدواء في بداية مرضه ليترك الفيروس ينتشر بجسده ويقتله في النهاية…قد يرفض النصيحة بحجة أنه وصل للقمة من وجهة نظره في مجاله…. ونسي الحكمة التي تقول للعلماء..من قال انه عالم فقد جهل…ولنا في قصة سيدنا موسى والعبد الصالح عبرة وعظه….حينما تفاخر موسي وسأل ربه من يا ربي أعلم أهل الأرض من البشر ..معتقدا أن ربه سيقول له أنت وكانت المفاجأة أن الله أمره أن يتحرك باتجاه مكان معين وسيجد من هو أعلم منه عبدا متواضع  هو سيدنا الخضر( فوجدا عبدا من عبادنا آتينه رحمة من عندناوعلمنه من لدنا علما..قال له موسي هل اتبعك علي ان تعلمن مما علمت رشدا) ( سورة الكهف) ..وكان هذا درسا من الله لنا لنعلم أهمية التواضع بعلمنا وعدم التكبر والتعالي والباهي علي خلق الله مهما كنت ومهما كان علمك أو مالك أو قوتك أو حسبك أو نسبك.
ولكن هل نعرف المعني اللغوي للنصح والنصيحة جيدا وهل  ونتقبلها…
يقولون في اللغة نصح العسل أي صفاه من الشوائب ونصح الرجل قلبه أي نظفه من الأحقاد والكراهية ..
فهل نتقبل النصيحة من بعضنا البعض …ولنعلم أن العرب قد عرفوا النصح بأنه إخلاص المشورة والرأي السديد ومصدرها الوعظ والإرشاد والتوجيه…ويقولون في المثل الشعبي النصيحة علي الملأ فضيحة….لذا يجب أن يكون النصح ما بين الأفراد وليس علي الملأ وأمام الجميع حفظا لماء الوجه ..ويقولون لقد نصحت توبته بمعني خلصت من أدناس العزم على الرجوع .ونصح العمل : أخلصه. ونصَح لولدِه : أرشده إلى ما فيه نفعُه وصلاحُه وتحرّي ما ينبغي له ويقولون إذا نصحت الجاهلَ عاداك …فلا يرفض النصيحة إلا الجاهل قليل الوعي والعقل والحكمة والذكاء فأهلا بالنصيحة من أساتذتنا وخبرائنا فنحن نحتاج النصيحة الصادقة من القلب لتقويم حياتنا….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *