«مصر القديمة».. بداية الحكاية
التراث المعماري المصري يوضح أحد جوانب الصورة التي تتكرر في العديد من البلدان العربية كل حسب مخزونه التراثي المحلي، وإن كان يجمعها هدف واحد ألا وهو مجابهة محاولات التغريب الثقافي والفني الذي تتعرض له البلاد العربية، وربما نلاحظ أن بعض هذه المحاولات تتسم بالسطحية والابتذال.
لكن تبقى هذه التجارب المعمارية محاولات وعلامات على طريق حل المعادلة الصعبة التي يواجهها عالمنا العربي من أجل عدم الانسلاخ من الجذور والتقاليد والاستفادة من الفكر والتقنية الغربية في مجال الفنون والعمارة بما لا يتعارض مع العادات والتقاليد والثقافة العربية، ومن جانب آخر أهمية مشاركة المبدعين في صنع الحضارة الحديثة كما فعل الأجداد في الماضي، بدلا من الاكتفاء بالتقليد و الاستنساخ لكل ما هو آت من الغرب.
ويوضح لنا الدكتور خالد ممدوح مسؤول مركز التوثيق الحضاري المصري عن مصادر استلهام شكل المبنى المصري أن البعد الاجتماعي يعتبر أحد أهم السمات الرئيسية فهي جانبا أساسيا من جوانب الثقافة العربية.
وأضاف، القاهرة الخديوية وما تبقى من بناياتها لها قصة تقول سطورها إن الخديوي إسماعيل (حاكم مصر بين 1863 و1879) أراد أن يجعل مصر قطعة من أوروبا، وأن يجعل القاهرة جزءا من باريس، وهي الشاهد الصامد على فكرة تمدين مصر من خلال “الأوربة” ـ أي التحول على الطريقة الأوروبية ـ وهي الفكرة التي سادت البلاد في تلك المرحلة التاريخية .
الاستلهام من التراث الفرعوني
في بدايات القرن العشرين اتجه بعض المعماريين إلى استعمال العناصر الشكلية للطراز الفرعوني مثل البوابات والأعمدة والكرانيش وقلدوها بالمواد والإنشاءات الحديثة، ومن أمثلة هذه المباني ضريح سعد زغلول ومحطات السكة الحديد بالجيزة والأقصر، ومباني جامعة الإسكندرية ..
وفي فترة التسعينات من القرن العشرين نجد عودة أخرى إلى استلهام الطراز الفرعوني في التصميم من خلال اتجاهين أساسيين، الأول امتداد للاتجاه الذي ظهر في بدايات القرن العشرين والذي يعتمد على نقل مفردات المعبد الفرعوني إلى واجهات المبنى، ويمثل هذا الاتجاه مبنى الركاب الجديد بمطار الأقصر، ومبنى المحكمة الدستورية العليا بكورنيش النيل بالمعادي، والعديد من المباني الأخرى.
أما الاتجاه الآخر فقد ركز على استخدام الشكل الهرمي والذي ارتبط ارتباطا وثيقا بأهرامات الفراعنة، كما في مدينة مبارك العلمية ببرج العرب، أو بشكل رمزي تجريدي كما في نصب الجندي المجهول بمدينة نصر، ويبدو أن الشكل الهرمي له جاذبية خاصة أيضا بالنسبة للمعمار العالمي، و يظهر ذلك في تصميم الهرم الزجاجي بساحة متحف اللوفر بباريس . الاستلهام من التراث الإسلامي
الاستلهام من التراث المعماري الإسلامي له عدة شواهد بدأت في الظهور في بعض المباني المصممة في النصف الأول من القرن العشرين مثل معهد الموسيقى العربية بشارع رمسيس(1929م) أو مبنى جمعية المهندسين المصرية بنفس الشارع (1935م)، حيث استلهم المصممون بعض مفردات وعناصر الطراز الإسلامي في تصميماتهم .
كما تظهر نماذج لمباني يظهر فيها إعادة إحياء الفكر المعماري الإسلامي مرة أخرى وفي فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.