انهيار صناعة الزيت والصابون في الكاميرون
صعوبات بالجملة يواجهها رجال الأعمال الكاميرونيين الناشطين في قطاعات صناعة الصابون والزيت، لاسيّما في منطقة أقصى الشمال المحاذية لنيجيريا معقل “بوكو حرام”.
فالهجمات المتتالية التي استهدفت المنطقة، منذ نوفمبر الماضي، خلّفت فوضى عارمة ومخاوف، جعلت من الصعب تسويق مثل هذه المنتجات، وفقا لشهادات للأناضول.
ماما تاجودمي، المدير الفني لـ “مايا وشركائها”، وهي “شركة كاميرونية لتكرير الزيت، ومن أبرز المؤسسات الناشطة في مجال إنتاج الزيت والصابون، برقم معاملات سنوي يناهز الـ 61.2 مليون دولار، قال للأناضول: “نبيع جزء كبيرا من منتجاتنا في كلّ من تشاد ونيجيريا وافريقيا الوسطى، غير أنّ الطرقات التي ننفذ منها نحو هذه البلدان لم تعد آمنة بسبب بوكو حرام والعصابات المسلحة بافريقيا الوسطى. كما أنّ السائقين لم يعد بإمكانهم المجازفة بحياتهم للذهاب إلى نيجيريا، مع أنّ الأخيرة تعدّ أهم الأسواق المستهلكة للصابون”.
تاجودمي أوضح أيضا أن مؤسّسته التي توفّر مواطن الشغل لأكثر من 600 شخص، تواجه خطر الإفلاس جراء عدم قدرتها على تسويق منتجاتها، مشيرا إلى أنّ “مخازن الشركة تضمّ 200 ألف كرتونة من الصابون و150 ألف مثلها من الزيت المكرّر .. نحن في وضع صعب للغاية”.
“سواء على مستوى قطاع الزيت أو الصابون”، يضيف تاجودمي، “فلقد سجّلنا، بين شهري يناير الماضي، ومايو الجاري، عجزا انتاجيا تراوح بين 45 إلى 50 % مقارنة بعام 2014 .. إنّها خسارة بالملايين”.
الوضع ذاته تشهده شركة “أزير”، الناشطة بدورها في مجال الصابون والزيوت المكرّرة، والتي اضطرت، جراء انسداد المنافذ أمام منتجاتها، إلى التقليص في طاقتها الانتاجية إلى النصف، أي بنسبة 50 %، واضعة بذلك مستقبل حوالي ألف موظف على المحكّ.
الرئيس التنفيذي للشركة، دجافارو، قال للأناضول، في توضيح للأزمة التي تشهدها جراء “بوكو حرام”: “لدينا 3 آلاف و500 طن من الصابون المخزّن، بقيمة تتجاوز الملايين بل المليارات، وفي صورة تواصل الوضع على ما هو عليه، فسنضطر إلى تعليق جميع أنشطتنا”.
هجمات بوكو حرام على منطقة أقصى الشمال الكاميروني خلّفت الذعر في نفوس السكان والتجار على حد السواء. وبما أنّ جميع المنافذ الرابطة بين الكاميرون وكلّ من تشاد وافريقيا الوسطى ونيجيريا، أضحت غير آمنة، تبعا لذلك، فقد اضطرت بعض الشركات في المنطقة إلى إغلاق وحداتها الانتاجية، من ذلك شركة تكرير زيت النخيل “برواكام”، والتي أغلقت مصنعيها في كلّ من بونابيري الواقعة في المدخل الغربي لمدينة دوالا، العاصمة الاقتصادية للكاميرون، وفي بلدة ياتو.
المدير العام للشركة، إيف كولو، قال، في تصريح للأناضول: “لدينا ألفين و500 طنا من الزيت النباتي، وألف و800 طنا من زيت فول الصويا، و680 طنا من الزيت الخام في مخازننا. لا يسعنا الاستمرار في انتاج كمّيات أخرى طالما لم نتمكّن من بيع هذا المخزون”، لافتا إلى أنّه “تمت إحالة المئات من الموظفين في الشركة على البطالة الفنّية”.
ولئن لم تتوفّر أرقام دقيقة بشأن الخسائر المسجّلة من قبل الشركات الناشطة في قطاعات الصابون والزيت، إلاّ أنّ أصحابها والفاعلين عموما يتّفقون على أمر واحد، وهو أنّ جميعها على حافة الإفلاس، حيث أوضح الأمين العام لـ “رابطة شركات تكرير البذور الزيتية في الكاميرون”، جاكي كيملي تشابغو بالقول: “تأكّدوا من أنه لن يمكننا التوقّف عن بيع منتجاتنا والاستمرار في دفع مرتبات الموظفين.. وفي صورة استمرار الوضع على ماهو عليه، فسنضطر إلى إقفال الأبواب”.
تشابغو أضاف أنّ المشغّلين بصدد التفكير في سبل توزيع منتجاتهم وتسويقها في كلّ من تشاد وافريقيا الوسطى ونيجيريا، موضحا أنّه “تمّ إكتشاف ممرّات جديدة، ننكبّ حاليا على التباحث بشأن إحتمالات استثمارها لإيصال منتجاتنا إلى الوجهات المذكورة مع الحكومة”.
وأجبرت انتهاكات المجموعة النيجيرية المسلّحة، التي أثقلت المناطق الكاميرونية المحاذية لنيجيريا بحوادث النهب القتل والاختطافات، الكاميرون ودول حوض بحيرة تشاد، على البحث عن حلول مشتركة لمواجهة مدّ الإرهاب المتنامي في المنطقة، فدفعت تشاد، في 16 يناير الماضي، بقوات تتألّف من ألفي و500 عسكري، إلى شمالي الكاميرون لمساعدتها على القضاء على “بوكو حرام”، ومنع توسّعها نحو بلدان أخرى، قبل أن تنضم إليها النيجر.
ومنذ إطلاق التحالف العسكري ضدّ “بوكو حرام”، قتل ما لا يقلّ عن ألف عنصر من المجموعة المسلحة، ومئات من المدنيين، وأكثر من 100 عنصر من التحالف، وفقا لبيانات متفرّقة صادرة عن الجيشين التشادي والكاميروني.
وبلغة قبائل “الهوسا” المنتشرة في شمالي نيجيريا، تعني “بوكو حرام”، “التعليم الغربي حرام”، وهي جماعة نيجيرية مسلحة، تأسست في يناي 2002، على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.