تقارير وتحقيقات

خبراء : «الأنفاق والهاون والصواريخ»..ثلاثية أسلحة تطورها المقاومة في غزة

تحاول فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة تطوير قدراتها العسكرية بشكل متسارع منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صيف العام الماضي، استعداداً لمواجهة محتملة سواء كانت قريبة أو بعيدة.

وتعمل المقاومة في غزة على تطوير أدواتها العسكرية التي كان لها تأثير أكبر خلال المواجهة الأخيرة، من أبرزها: قذائف الهاون، والصواريخ، والألغام الأرضية، وأسلحة الدفاع الجوي، إضافة إلى الأنفاق التي تُصنف على أنها أهم الأسلحة الاستراتيجية، كما يرى خبراء عسكريون وأمنيون فلسطينيون.

ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية، مؤخراً، تقارير حول امتلاك حركة حماس أنفاقاً هجومية تصل للعمق الإسرائيلي، وأن هذه الأنفاق باتت تمثل رأس حربة لديها، لإدراكها أن هذا السلاح سيشكل المفاجأة في المواجهة القادمة.

وقالت صحيفة “معاريف”، الإثنين الماضي، إن الذراع العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام، أتمت استعداداتها للمواجهة القادمة بتجهيز الأنفاق بشكل جيد، وإطلاق الصواريخ التجريبية للتعامل مع إسرائيل بشكل مختلف عن أية مواجهة سابقة بينهما.

وكان سامي ترجمان، قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، قال في تصريحات إعلامية، إن الجيش أعدّ خطة عسكرية كبيرة سيتحدد من خلالها شكل المعركة المقبلة في غزة، والتي ستكون الأنفاق عنوانها، حيث سيتم تدمير الأنفاق، ومواجهة عناصر حماس لتدمير قدراتهم الصاروخية، ومنع انطلاق هجمات ضد إسرائيل.

كما تحدث عدد من قيادات حماس، في عدة تصريحات صحفية، خلال الأشهر القليلة الماضية، عن أن كتائب القسام، تكمنت من تطوير قدراتها العسكرية أضعاف ما كانت عليه خلال الحرب الأخيرة.

وقال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في تصريح له خلال حفل أقيم في مدينة غزة، الثلاثاء قبل الماضي، إن “المقاومة الفلسطينية في غزة اليوم هي أقوى أضعاف أضعاف أضعاف ما كانت عليه خلال الحرب قبل عام”.

وشنت إسرائيل في السابع من يوليو/ تموز 2014، حربا على غزة استمرت 51 يوما. وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أفادت بيانات رسمية إسرائيلية مقتل 68 عسكريًا، و4 مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 إسرائيليًا، بينهم 740 عسكريًا، خلالها.

ويقول المختص في الشأن الفلسطيني، عدنان أبو عامر للأناضول “لا شك أن المقاومة في قطاع غزة تُجري عملية استخلاص واسعة للدروس والعبر من الحرب السابقة، فتعمل على التخلص من نقاط الضعف لديها، وتحاول جعل نقاط الضعف الإسرائيلية نقاطاً جادة واستراتيجية، حتى تستغلها ضد الجيش بشكل جيد خلال أية مواجهة مقبلة”.

ويضيف أبو عامر “ستعمل المقاومة على تطوير قدراتها في كافة المستويات، ومنها على سبيل المثال تطوير أسلحة استهداف المدرعات، وتكثيف هجماتها ضد القوات الراجلة، إضافة إلى محاولتها المتواصلة لإحباط دور سلاح الجو الإسرائيلي، وإحداث نوع من الشلل لهذا السلاح لإبعاده عن أجواء القطاع”.

ويتوقع أن تحظى “قذائف الهاون” بأهمية كبيرة لدى الفصائل المسلحة، “لما كان لها من دور مهم في تحسين صورة النصر لدى المقاومة، عندما استهدفتت خلال الأيام الأخيرة للحرب، التجمعات العسكرية الإسرائيلية القريبة من حدود القطاع، وأوقعت خسائر كبيرة لدى الجانب الإسرائيلي”.

ويشير أبو عامر إلى احتمالية أن تعمل المقاومة في غزة على زيادة الكثافة النيرانية لتلك القذائف، وأن يكون مداها أكبر مما كانت عليه خلال الحرب السابقة.

وخلال الأيام الأخيرة للحرب، اعتمدت الفصائل في قطاع غزة، وفي مقدمتها القسام، وسرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، على سلاح “قذائف الهاون”، في عمليات قصف المستوطنات والبلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، أو ما يُعرف بـ”غلاف غزة”.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، في تقارير نشرتها في ذلك الوقت، أن الحياة في محيط غزة، باتت مشلولة، وأن البلدات والمدن المحيطة بالقطاع أخذت تفرغ من مستوطنيها في أعقاب سقوط قذائف الهاون التي تُطلق من القطاع تجاهها.

كما عمل الجيش الإسرائيلي على إجلاء أكثر من 400 عائلة من مستوطنات غلاف غزة، بسبب تلك القذائف.

وفي 24 أغسطس/ آب 2014، أصيب أكثر من 12 إسرائيلياً بجراح خطيرة، بينهم 5 جنود، بعد تعرضهم لقصف كثيف بقذائف الهاون، جراء استهداف كتائب القسام لمعبر “إيريز” (بيت حانون) شمال قطاع غزة، بحسب بيان صادر عن الكتائب آنذاك.

وفي السياق ذاته، يُصنف أبو عامر الأنفاق العسكرية، بأنها أحد “أهم الأسلحة الاستراتيجية التي تشكل تهديداً حقيقياً لإسرائيل”.

ويقول “واضح أن الإسرائيليين لم يستطيعوا أن يحققوا نتائج جوهرية في حربهم على الأنفاق في غزة خلال العملية العسكرية السابقة، رغم أنهم بذلوا جهوداً كبيرة في ذلك”.

ويستطرد “العديد من التقارير الإسرائيلية تحدثت خلال الفترة الماضية عن تطوير المقاومة للأنفاق وحفرها لأنفاق إضافية على حدود القطاع وداخل إسرائيل، وهذا يؤكد وجود حرب تجري خلف الكواليس بين المقاومة وإسرائيل، فالأخيرة تحاول جمع أكبر كم من المعلومات، ووضع الخطط لمواجهة الأنفاق، فيما تواصل المقاومة عملها لتطوير هذا السلاح الاستراتيجي”.

وكانت حركة حماس استخدمت الأنفاق في الحرب الأخيرة، لشن هجمات على أهداف إسرائيلية خارج حدود القطاع، وزعم جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، قبل عدة أشهر قيام الحركة، بترميم الأنفاق التي تم تدميرها في الحرب.

ولا يستبعد المحلل نفسه، وجود تأثير للحصار المفروض على غزة على عملية تطوير قدرات المقاومة، لكنه يرجح أن تنجح الفصائل المسلحة في تجاوز هذا الحصار، واستغلال كافة الإمكانيات المتوفر لديها مهما كانت بسيطة لتنمية قدراتها.

وفي هذا الصدد، يقول “لا شك أن الحصار جزء أساسي من محاولات تقويض قدرات المقاومة، وإيقاف تطويرها وتسلحها العسكري، ولكن المقاومة لديها بدائل أخرى، وإمكانيات تتجاوز الحصار، وهذا ما أثبت فعالياته خلال الحرب الأخيرة”.

ويمضي بقوله “الميدان أثبت أن الحصار فشل في إحداث شلل في قدرات المقاومة، بدليل تفاجئ جيش الاحتلال بكثير من الأدوات التي لم يكن يعلم بها”.

من جانبه، يرجح الخبير العسكري الفلسطيني، واصف عريقات، أن تعمل المقاومة في غزة على تطوير أسلحتها الدفاعية مثل الصواريخ، والرشاشات، وأسلحة القنص، والمتفجرات، والألغام الأرضية، إضافة إلى الأنفاق التي تصنف على أنها أهم الأسلحة الاستراتيجية التي تملكها.

ولا يستبعد عريقات في حديثه مع الأناضول أن تكشف المقاومة عن وسائل وأسلحة جديدة خلال أية مواجهة قادمة مع إسرائيل، كما فعلت في المعركة السابقة.

ويقول “العمل العسكري يجب أن يحظى بالإبداع والتنويع فهو عمل ليس جامد، ووفق شواهد المعركة السابقة فمن المتوقع أن تكشف المقاومة عن مفاجئات جديدة”.

ولا يتوقع عريقات أن ينجح الحصار المفروض على غزة في وقف تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية وتسليحها.

ويكمل حديثه “الحاجة أم الاختراع، والضغط يولد إبداعاً، لذلك المقاومة في غزة تستغل كافة الإمكانيات المتوفرة لديها مهما كانت متواضعة، لصناعة أسلحتها وتنمية قدراتها”.

بدوره يرى الخبير الأمني الفلسطيني، إبراهيم حبيب، أن المقاومة في غزة تمكنت من تطوير قدراتها بشكل كبير خلال العام الماضي.

ويقول حبيب للأناضول “الصواريخ من أهم الأسلحة التي تعمل المقاومة على تطويرها بتحسين مداها ودقتها، وهذا واضح من خلال التجارب الصاروخية اليومية التي تجريها كتائب القسام”.

ويقول الجيش الإسرائيلي، إن القسام يجري بشكل شبه يومي، تجارب إطلاق صواريخ تجاه البحر المتوسط، قبالة قطاع غزة.

كما أن هناك تطوير واضح في مجال صناعة الطائرات بدون طيار، فالمقاومة تحاول السيطرة على عدة طائرات استطلاع إسرائيلية لاستغلالها في تطوير قدرات طائراتها، لتستند عليها في أي مواجهة قادمة مع إسرائيل، وفق حبيب.

وأعلنت كتائب القسام، في 12 أغسطس/ آب الجاري، أنها استولت على طائرة استطلاع إسرائيلية، وتمكّنت من إعادة تركيبها وإدخالها للخدمة لديها.

وفي تطور نوعي ولافت أعلنت القسام، يوم 14 يوليو/تموز 2014 (خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة) رسمياً، عن تمكن مهندسيها من تصنيع طائرات بدون طيار، وإنتاج 3 نماذج منها، لتنفيذ مهام خاصة في إسرائيل.

ويتوقع حبيب أن تكون “الأنفاق هي السلاح الاستراتيجي الذي يحظى بالاهتمام الأكبر لدى المقاومة في غزة، وذلك لما أثبت من فعالية خلال الحرب الأخيرة”.

ويعتقد أن المقاومة ستعمل على استغلال سلاح “قذائف الهاون” في المواجهة المقبلة بشكل أكبر، و”ذلك بعد أن أثبتت هذه القذائف خلال الحرب، قدرتها على إلحاق أضرار بشرية ومادية كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى