تقارير وتحقيقات

حزب «العدالة والتنمية» يبدأ رحلة البحث عن 13 نائبا لتصبح تركيا رئاسية

تصاعد الجدل مؤخرا بتركيا حول ضرورة إجراء تعديلات دستورية حتى يتم تحويل نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي، وهو الأمر الذي يصر عليه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان لتحقيق طموحاته بالسيطرة على جميع أركان الدولة، وبدأ حزب العدالة والتنمية رحلة البحث عن 13 نائبا، هو كل ما يحتاجه لطرح تعديل الدستور إلى الاستفتاء.

ومن أجل تحقيق حلم أردوغان بعد حصول حزبه على 317 مقعدا برلمانيا من مجموع 550، يستشعر الحزب الحاكم الحاجة الماسة لإقناع 13 نائبا على الأقل من الأحزاب الأخرى بالموافقة على التعديل ليصل عدد النواب المؤيدين إلى 330 نائبا لنقل التعديل الدستوري إلى الاستفتاء الشعبي.

كان نواب حزب العدالة والتنمية الأعضاء بلجنة التوافق الدستورية خلال الدورة البرلمانية الـ24 نقلوا تحويل النظام البرلماني الحالي إلى الرئاسي، إلا أن أحزاب (الشعب الجمهوري الكمالي، والحركة القومية اليميني، والشعوب الديمقراطية الكردي) عارضت المقترح، وحملت الحزب الحاكم وقتها مسؤولية عدم إجراء التعديلات الدستورية على أحزاب المعارضة.

ومما لا شك فيه، أن نتائج الانتخابات النيابية المبكرة في الأول من نوفمبر الجاري أظهرت قوة ونفوذ حزب العدالة والتنمية مجددا بعد حصوله على 317 مقعدا في البرلمان، في مقابل انخفاض شعبية الأحزاب السياسية الثلاثة، فبدأ الجدل مجددا حول تحويل النظام البرلماني إلى الرئاسي من قبل رئيس الجمهورية أردوغان وقادة حزبه الحاكم بعد أن توقف هذا الجدل خلال الأشهر الخمسة الماضية بسبب انخفاض شعبيته عقب الانتخابات العامة التي جرت في السابع من يونيو الماضي.

وأعلن أردوغان -في كلمة خلال اجتماعه مع المختارين (رؤساء الأحياء) مؤخرا- أن نتيجة الانتخابات بمثابة رسالة وجهها الشعب لضرورة صياغة دستور جديد للبلاد في أقرب فرصة، وأيضا ضرورة أن تراجع الأحزاب نفسها في أمر إعاقتها للمطلب الشعبي في صياغة دستور جديد لتركيا، وهي الإشارة التي التقطها الحزب الحاكم وبدأ العمل حاليا في هذا الاتجاه، حيث يزور رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، زعيم الحزب الحاكم، خلال الأيام القليلة القادمة أحزاب المعارضة الثلاثة، التي ترفض التحول للنظام الرئاسي، في محاولة لإقناعهم بتشكيل لجنة مصالحة برلمانية جديدة لصياغة الدستور الذي سيسمح لأردوغان بممارسة كافة الصلاحيات.

وترفض أحزاب المعارضة تغيير النظام من البرلماني إلى الرئاسي حتى لا تتاح الفرصة لأردوغان لتحقيق حلمه والهيمنة على كافة مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي قد “يدفعه للديكتاتورية التي سيعود ضررها على مؤسسات الدولة وشعبها”، بحسب رؤية المعارضة.

ولن يتمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق حلم أردوغان حال رفض الأحزاب الثلاثة دعم الحزب الحاكم لنقل الموضوع إلى الاستفتاء الشعبي بعد الحصول على 330 مقعدا برلمانيا، لأنه لم يتمكن من الحصول على 330 مقعدا في الانتخابات النيابية المبكرة، وهو الرقم الذي يسمح له بطرح مقترح التعديلات الدستورية على الاستفتاء.

يشار إلى النتائج الأولية بعد فرز صناديق الاقتراع في عموم المدن التركية أظهرت فوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 49.4% (أي 317 مقعدا)، ثم حزب الشعب الجمهوري بنسبة 25.3% (أي 134 مقعدا)، وحزب الحركة القومية بنسبة 11.9% (أي 41 مقعدا)، وحزب الشعوب الديمقراطية الكردي بنسبة 10.4% (أي 59 مقعدا) في الانتخابات المبكرة التي شهدت إقبالا كبيرا بنسبة 86.21%، وهو رقم غير مسبوق في الاستحقاقات الانتخابية في تاريخ الجمهورية التركية.

كان حزب العدالة والتنمية قد حصل على المركز الأول في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من يونيو الماضي بنسبة 40.87%، أى ب 258 مقعدا من أصل 550 هي إجمالى مقاعد البرلمان، لكنه لم يحقق الأغلبية التى تمكنه من تشكيل الحكومة منفردا، فيما تخطى حزب الشعوب الديمقراطية الكردي لأول مرة الحاجز الانتخابى 10% بحصوله على 13.12% من الأصوات، فيما جاء حزب الشعب الجمهورى فى المركز الثانى بنسبة 24.95%، وحزب الحركة القومية على 16.29%، كما حصلت الأحزاب الأخرى والمرشحون المستقلون على 4.77%.

وأشار مراقبون سياسيون أتراك إلى أنه حال رفض الأحزاب دعم العدالة والتنمية، فحينها قد يلجأ لإقناع 13 نائبا من هذه الأحزاب على الأقل مقابل تقديم وعود كبيرة لهم، على غرار ما فعل مع آرطغرل توركيش، نائب رئيس حزب الحركة القومية السابق ونجل مؤسس الحزب آلب آصلان توركيش، الذي حظى بمنصب نائب رئيس الوزراء بعد استقالته من حزبه وانضمامه للعدالة والتنمية.

ويجري قياديو حزب العدالة والتنمية أول مفاوضات مع قياديي حزب الشعب الجمهوري بعد أن وجه داود أوغلو تعليماته بكتابة برنامج حكومته، والتركيز فيه على ما أسماه بـ”تركيا الجديدة” من خلال إعادة صياغة الدستور بهدف التأكيد على النظام الرئاسي ليكون دستورا “تحرريا شاملا ومدنيا” بدلا من الدستور الحالي الذي أعد إبان الحقبة العسكرية التي أعقبت الانقلاب العسكري في عام 1980 بقيادة الجنرال كنعان آفرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى