تقارير وتحقيقات

اللحمة مش دايما مفيدة.. 1% فقط من حالات الغش الغذائى يتم ضبطها.. كل طبيب بيطرى مسئول عن سلامة مليون مواطن.. ولحوم الحمير والكلاب “بلوة سودة”

“هل فكرت مرة، أثناء تناولك وجبة من اللحوم خارج المنزل، ما مصدر تلك اللحوم؟ وما نوع الحيوان المذبوح صاحب المذاق المميز الذى تأكله؟ وهل كان سليما خالى من الأمراض قبل عملية الذبح؟”، نادرا ما يحدث أن يفكر أحدنا فى هذه الأمور، فقط ما يشغلنا هو القضاء على الجوع، ويساعد فى ذلك بعض التوابل والإضافات التى تجعل من تلك الوجبات، أكلة شهية.
 
 
نسبة لا تتعدى الـ1% فقط، من عمليات الفساد والغش الغذائى يتم اكتشافه، من خلال 100 طبيب بيطرى عامل فى التفتيش على الأغذية التى تقدم لـ100 مليون مصرى، أى بمعدل طبيب بيطرى واحد فقط مسئول عن سلامة غذاء مليون مواطن، ذلك ما أكدته الدكتورة شيرين زكى، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء البيطريين، والتى أشارت إلى ضرورة تعيين أعداد من الأطباء البيطريين خاصة بالتزامن مع قرب خروج الكثير من ذلك العدد الضئيل الموجود على المعاش.
 
 
وأكدت شيرين، فى تصريحات خاصة لليوم السابع، أن اللحوم تنقسم إلى عدة أنواع، منها الملوثة، والتى يتم بيعها رغم انتهاء مدة صلاحيتها مثلا، أو لا يتم حفظها بشكل سليم، ولم يتوفر لها الاشتراطات الصحية السليمة لحفظها من عمليات نقل وثلاجات، مما يصيب اللحوم ببكتيريا أعلى من المعدلات المسموح بها، وأخرى مجهولة المصدر، وهى ليست بالضرورة أن تكون لحم مواشى أو ضأن أو دواجن أو  أى نوع من اللحوم المسموح بتناولها ومحللة شرعا، قائلة: “مشكلتها أنها غالبا تكون لحوم مفرومة وذلك لإخفاء معالمها، خاصة أن الطبيب البيطرى من الممكن أن يتعرف بنسبة كبيرة على نوع الحيوان المذبوح من خلال النسيج وتركيب العظم والعضل واللحم”.
 
وتابعت: “يتم إضافة كمية كبيرة من الدهون على تلك اللحوم، وكميات من الصبغات الحمراء لإكسابها اللون الأحمر المميز للحوم البلدية الطازجة، ويتم التعامل معها بأسوأ الأساليب من ناحية المفارم والتخزين، ففى كثير من الضبطيات نجد أنه يتم وضع عظم الدواجن والدهون والهياكل والريش والأمعاء، وأحشاء الحيوانات، ويتم فرمهم فى مفارم مخصصة ويتم توزيعها على بائعى الكباب والكفتة واللحوم المصنعة، “اللانشون، والسوسيس، والبرجر”، ومصنعات اللحوم التى يتم تصنيعها تحت بير السلم”. 
 
وشددت على أن كافة اللحوم مجهولة المصدر فاسدة، خاصة أنه لا يمكن التعرف على نوع الحيوان المذبوح، وما تم إضافته عليها، ولفتت إلى وجود نوع ثالث من اللحوم الملوثة “معلومة المصدر” يتم ذبحها أمام المواطنين لكن خارج المجزر دون إجراء أى كشف بيطرى عليها، مشيرة إلى أن الفحص البيطري قبل الذبح يلاحظ العلامات التى تظهر على الحيوان تدلل على مرضه أو إرهاقه والتى قد يتم رفض ذبحه بناء عليها، وأثناء الذبح تظهر علامات أخرى، وبعد الذبح يتم فحص شامل لكل أعضاء الحيوان من القلب والغدد الليمفاوية لضمان خلوها من الأمراض، لكن مع الذبح خارج المجازر يصعب التأكد من سلامة اللحوم، من عدمه.
 
وتابعت بأن فساد المواد الغذائية يؤدى إلى نقل الكثير من الأمراض، فإصابة ذبيحة واحدة بالسل تسبب العدوة لأكثر من 40 شخصا، وتكلفة علاجه مرتفعة جدا، وبعض أنواع الديدان والطفيليات، يتم نقلها عن طريق اللحوم إن لم يتم طهيها جيدا، ولذلك لابد من التأكد من طهى اللحوم جيدا، وشرائها من مصدر موثوق منه، والتأكد من وجود الختم عليها، هذا بجانب أمراض تسبب ارتفاع درجات الحرارة مثل الحمى القلاعية والجلد العقدى، والتى تجعل درجة حرارة الحيوان مرتفعة، ومن ثم يصبح فقير النزف خلال الذبح، ويجعل المحتوى الدموى للحوم مرتفع، ويرفع من معدلات وجود البكتيريا.
 
 كما أن بعض أنواع الميكروبات تنتقل من الألبان، مثل الحمى القلاعية أيضا، فى حال تناول ألبان جاموسة مريضة دون غليه سيتم نقل العدوى للإنسان، وحدثت بالفعل وتم انتقال العدوى لأطفال نتيجة لعدم غلى اللبن جيدا، أو تناول منتجات الألبان مثل الجين القريش، والتى تعتمد على شرش اللبن دون غليه. 
 
ووصفت لحوم الحمير والكلاب، بـالـ”بلوة السودة”، قائلة إنه من المستحيل أن يذبح أحد حمار سليم، وبالتأكيد سيكون حمار نافق أو مريض، ولأن ذبحه غير شرعى، يتم فى أماكن من أسوأ ما يكون بعيدا عن أعين الرقابة، ولا يراعى فيها النظافة، بجانب أن لحم الحمير نفسه سبق أن أكد مركز السموم التابع للقصر العينى، أن هناك خطورة كبيرة من تناوله خاصة مع المرأة الحامل، والأطفال، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، لضعف مناعتهم، وتظهر عليهم الأعراض بضراوة مثل القيء، الإسهال، نزلات معوية، تسمم قد يؤدى للوفاة، ولأنها تتغذى على القمامة فتنقل الكثير من الأمراض، أما الكلب فهو قطعا محرم، بخلاف أنه عائل لبعض أنواع الطفيليات التى فى حال تناول الأشخاص للحوم ملوثة ببراز الكلب، فإنها تنتقل له، مما يمثل خطورة داهمة على الصحة.
 
 
من ناحيته، أكد الدكتور على سعد على، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء البيطريين، لليوم السابع، أن الأمراض لا تظهر فور تناول تلك اللحوم، بل تظهر على المدى البعيد، نتيجة لتراكم الملوثات، كما يحدث مع متبقيات الأدوية الموجودة فى اللحوم والدواجن، والتى ساهمت فى انتشار الإصابة بالفشل الكلوى، لافتا إلى أنه من أخطر ما يمكن انتقاله للإنسان من اللحوم الملوثة هو “الديدان الشريطية”، والتى قد تتسبب فى الإصابة بمياه على القلب، ومن الممكن أن تنهى الحياة.
 
فى سياق مُتصل، قال الدكتور عبد العزيز الجوهرى، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء البيطريين إنه من المفروض أن يتم إعدام اللحوم المحمومة، وأى حيوانات يتم اكتشاف إصابتها بالسل يجب إعدامها، وهو مرض الخطير الذى ينتقل بسهولة بمجرد ملامسة السكين للحيوان المصاب، وتنقله لكافة الأغراض التى يتم استعمالها مثل السكين، لافتا إلى أن الإصابة بالإنسان لا تظهر بشكل فورى، لكن تبدأ عادة بربو وإلتهاب فى الشعب حتى يصل إلى السل.
 
وتابع الجوهرى أن الديدان الشريطية، من الممكن أن تظهر حويصلة واحدة منها داخل أمعاء الحيوان، وقد يتم إعدام الحيوان بسببها، ورفض ذبحه، من الممكن أن تتسبب فى إغلاق أمعاء أى شخص يتناول تلك اللحوم المصابة، لأن طولها فى الأغلب يصل إلى من 20 إلى 30 مترا داخل المعدة، ولذلك لابد من التمسك بعدم ذبح الحيوانات خارج المجازر للتأكد من خلوها من الأمراض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى