“فضل”: وقعنا فى قبضة السلفيين وافتقدنا روح “أبوزيد” فى الاجتهاد
قال الناقد الدكتور صلاح فضل، يتصادف فى الذكرى الثانية لرحيل الباحث الكبير الدكتور نصر حامد أبو زيد، والذى مثلت قضيته الشهيرة نقطة فاصلة فى تاريخ الثقافة العربية المعاصرة، حيث تسببت فى إفاضة الباحثين المجتهدين فى الفكر الإسلامى بالخوف والجبن والتراجع، نتيجةً لما أحاط بالقضية من توترات عصيبة وتهديدات خطيرة اضطرت “أبو زيد” للهجرة والتماس الأمان فى كنف الجامعات الغربية عامةً، والهولندية خاصة.
وأوضح “فضل” فى تصريحات خاصة لـ”امل مصر” أنه ترتب على ذلك، تقريبًا أن انقطع التيار الحداثى الذى يجتهد فى توظيف تقنيات البحث العلمى، وأدوات التحليل المعرفى، لتجديد الخطاب الدينى، مما جعلنا اليوم نقع فى قبضة السلفيين الذين لا يعرفون معنى للاجتهاد، ولا يدركون ضرورة التطور، ولا يفطنون للمقاصد الجوهرية فى التشريع الإسلامى، بل يعتمدون مقابل كل ذلك على التفسير الحرفى للنصوص، والتزمت الشخصى فى فهمها، والأفق المحدود فى إدراك غاياتها الكبرى.
وقال “فضل” اقتراب نصر حامد أبو زيد، وتوقف سيل مدرسة الاجتهاد فى الفكر الإسلامى تقريبًا فى مصر أفقر إلى حد كبير المجال الحيوى فى الفلسفة الإسلامية، وتركنا فى موقف يسمح اليوم لبعض ممثلى النيابة ممن لم يدرس لهم فى كليات الحقوق أمثال محمد أبو زهرة وعبد الوهاب خلاف وعلى الخفيف، ولم يقرؤوا تفسيرات الشيخ محمد عبده، ولم يدركوا مقاصد المشرع الإسلامى العميقة فينساقون وراء الدعاوى الجاهلة المسيئة حقيقةً للإسلام، والمشوهة لصورته فى إقامة الحسبة على المناضلة المصرية الدكتورة نوال السعدواى التى تفخر بها الثقافة العربية، وهى إحدى المرشحات لجائزة نوبل لإبداعاتها وكتاباتها المهمة بينما، يترك القانون لممثلى النيابة العامة حق رفع القضية أو حفظها، ولو كان لدينا أساتذة شريعة فى كلية الحقوق يعرفون معنى الاجتهاد، ويغارون على سمعة الثقافة العربية والدين الإسلامى، ويتعمقون فى دراسة التراث، ويدركون قداسة الحرية فى العصر الحديث، ولو كان لدينا أساتذة بهذا القدر لما لجأ خريجهم لوكلاء النائب العام لإجازة مثل هذه الدعاوى كفانا تشويهًا للفكر الإسلامى، وكفانا ضيق أفق فى فهمه وتطوره، وجديرٌ بنا أن نكتسب ثقةً أعظم بمبادئنا السمحة وديننا الحنيف، وألا نحمله قصور عقولنا عن الفهم.