“حرب الفوانيس” تشتعل بين “الدرب الأحمر” و”حارة اليهود”.. الصينى “سبونج
يختلف المشهد فى “حارة اليهود” عنه فى “الدرب الأحمر” كلاهما يشهد مراسم الاحتفال بشهر رمضان، تختلف التفاصيل بالمنطقتين على الرغم من وجودهما داخل مصر، إلا أن كل منطقة منهما تعبر عن ثقافة دولتين مختلفتين، وهكذا أعلنت الحرب بين المنطقتين، فحارة اليهود مسقط رأس تجارة الفوانيس “الصينى” التى تتمتع برقصات تصاحبها أنغام أغانى رمضان المصرية، أما منطقة الدرب الأحمر، فما زالت تواجه التيار وتصر على صنعة الأجداد، وتتصدى للهجمات الشرسة التى يشنها الفانوس الصينى الرخيص الثمن على الفانوس “السحرى” المصرى.
“ازدحام شديد – وشماريخ – منتجات صينية” 3 مشاهد تسيطر على منطقة حارة اليهود بالموسكى التى أصبحت “الحى الصينى” بالقاهرة، باستثناء وحيد هو أن الأيدى العاملة المصرية هى التى تبيع خلاصة التفكير والإنتاج الصينى.
عندما تصل إلى الموسكى من ناحية شارع الأزهر تلفت انتباهك الأضواء البراقة الساطعة من الفوانيس، وعليك أن تتحرك كـ”السلحفاة” من شدة التزاحم، وبعد عدة خطوات صغيرة تستغرق منك وقتا كبيرا، تكتشف أن “الحارة” تزداد ضيقا ويزداد معها “حشر” الأهالى.
استمرت المسيرة حتى وصلنا إلى عم صلاح صاحب محل، ليحكى سبب إقبال الأهالى على الفوانيس الصينى على عكس الصناعة المصرية، ويؤكد أنها تتمتع بأسطوانة أغانى رمضانية، والأهم من ذلك أنهم يقبلون على تلك المنتجات لأنها أكثر أمانا على أطفالهم، فهى مصنوعة من البلاستيك عكس الفوانيس المصرية المصنوعة من “الصاج”، ينتهى الحديث مع عمى صلاح نظرا لضيق وقته وكثرة “الزبائن” عليه.
وبعد ذلك عليك أن تتجول فى “الحارة” لانتهاز دقائق من وقت صاحب محل، لا تتعجب فهو “موسم” ينتطره أصحاب المحال على أحر من الجمر
يؤكد الحاج إسماعيل، صاحب محل فوانيس، أن هذا العام أفضل من العام الماضى وأن الفانوس من نوع “سبونج بوب” هى الشخصية الكارتونية الأكثر إقبالا هذا العام.
فى مكان آخر يختلف المشهد تماما عن الموسكى الرابط الوحيد بينهما أن كلاهما يبيع الفوانيس وغير ذلك لا يوجد إلا صراع الثقافات.
“هدوء – ترقب – ألوان شرقية” هذه المشاهد الثلاثة تسيطر على منطقة “تحت الربع” بالدرب الأحمر، حيث ينبع التراث المصرى، رجال أصروا على الاستمرار فى صناعة “الفانوس” المصرى ذات الألوان المتناسقة التى تعتبر بمثابة “علم” يرمز إلى حضارة شديدة التميز والخصوصية.
فى بداية الشارع يلفت انتباهك الفوانيس ذات الأحجام الكبيرة التى تراها دائما فى الخيام والفنادق، وعندما تقترب من أحد المحال تسمع عبارات “اتفضل يا بيه.. طلباتك” وعندما تبادره بالسؤال عن الثمن تكون الإجابة “اللى أنت عاوزه.. مش هنختلف”، تلك العبارات التى كادت أن تنقرض وسط المصطلحات الصينية.
ويقول علام محمد، صانع فوانيس مصرية، إنه يعتز بأن مصر فقط هى التى تصنع الفوانيس الصاج، وأن المصريين هم المحتكرون الوحيدون لهذه الصنعة، بعد أن اقتحمت منتجات الثقافات الأخرى أسواقنا.
وعن المشاكل التى تواجه البائعين يؤكد مصطفى عبده، أن المنتجات الصينية أثرت بشكل كبير على الفانوس المصرى، وأن معظم الأطفال يقبلون على الصينى، لأنه يتمتع بالرقص والغناء، وأشكاله متطورة، لكن الصناعة المصرية تقليدية، وتلتزم بالتراث مع التجديد البسيط، موضحا أنه فى حالة التطوير والخروج عن الشكل المعتاد سيفقد الفانوس المصرى قيمته، لذلك نحاول أن نبحث عن الجديد فى نطاق محدود.
أما أبو يوسف، صاحب محل فوانيس، فرأيه مختلف، حيث يرى أن كل منتج له “زبونه”، فالأطفال يقبلون على الصينى، لكن أصحاب الفنادق والخيام الرمضانية يقبلون على الفانوس المصرى، نظرا لكبر حجمه، فضلا على أنه يعطى الروح الرمضانية، على عكس الصينى الذى يتغير شكله من عام إلى آخر، ويتم استغلال شخصيات كارتونية بعيدة تماما عن تصميمات الفانوس التى تعودنا عليها منذ الصغر.