الاستفتاء على الدستور يضع مصر على حافة المجاعة والإفلاس.. ألمانيا تؤجل
“الإخوان فى حاجة إلى أن يدركوا أن الديمقراطية لا تعنى فقط الفوز فى الانتخابات، فالديمقراطية هى رعاية لسياسة إدماج الآخرين فى المجتمع، وإجراء حوارات هادئة مع قوى المعارضة”، واكتساب القادة لاحترام معارضيهم يأتى عبر التوصل إلى حلول مرضية للطرفين لا من خلال الإملاءات والشروط”، بهذه العبارات افتتح الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان فى صحيفة “نيويورك تايمز” ليعبر عن المشهدد السياسى الراهن الذى تعيش فيه مصر الآن خلال الفترة الحالية، فى إشارة منه إلى أن مصر فى حاجة إلى ثقافة الحوار والاختلاف السلمى مشبها الفوز فى انتخابات دون حوار مع المعارضة بجهاز كمبيوتر دون أنظمة سوفت وير.
وانشغلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية بشكل واضح بالحالة المصرية وما تمر به بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور، وحالة الاضطراب والاستقطاب السياسى التى دخلت إليها مصر بعد رفض قوى المعارضة مسودة الدستور الجديد، وتمسك السلطة الحاكمة ومن حولها من الإسلاميين به، دون توافق واضح .
من جانبه قال عاصم عبد المعطى الخبير الاقتصادى ورئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد، إن هناك مجموعة من الأشخاص استولت على الجهاز المصرفى خلال الفترة الماضية، ولن يستقر حال البلد خلال هذه الفترة طالما هناك سيطرة مباشرة من هؤلاء الأفراد على سوق النقد.
وأوضح عبد المعطى لـ”اليوم السابع” أن القرض لن يعطى أى صلاحيات أو شهادات تؤكد جدارة مصر الائتمانية، لأنه ببساطة كيف لدولة مدينة ومقترضة وظروفها السياسية مضطربة، وتحصل على شهادة من الصندوق بأن لها جدارة ائتمانية بطريقة أو بأخرى؟!
وأشار عبد المعطى إلى أن مصر حصلت على أكثر من 11 مليار دولار هذا العام فى شكل قروض من العديد من الدول مثل قطر والسعودية وتركيا، لافتا إلى أن الحكومة حاليا تستهل خراب للجيل القادم والحكومات القادمة، فى ظل ارتفاع الإنفاق العام لسداد أقساط الدين إلى الثلث، والربع للدعم والربع الآخر للأجوار والباقى للاستثمار فى شتى المجالات .
وأوضح عبد المعطى أن الحكومة الحالية موجهة لتخريب مصر، والصورة فى الوقت الحالى قاتمة تماما، ولابد أن يكون هناك رؤية واضحة لمعالجة الموقف بشكل واضح.
ولفت عبد المعطى إلى أن صندوق النقد الدولى لن يعط لمصر فى التوقيت الحالى، أى قروض، بعدما رأى أن جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية تسيطر على الحكم بشكل مباشر، بالإضافة إلى اتخاذ العديد من القرارات والعودة فيها مرة أخرى، وهذا أمر يخيف المستثمر الأجنبى والمحلى بشكل كبير .
ودعا عبد المعطى إلى ضرورة أن تطرح الحكومة رؤية مستقبلية واضحة خلال الفترة المقبلة ووجود كوادر فنية مؤهلة لها رؤية دون توجهات سياسية.
من ناحية أخرى، أظهرت الصحافة الألمانية تصريحات لـ”ديرك نيبل” وزير التنمية الألمانى أنه أعرب عن تخوفه من دخول مصر فى ديكتاتورية جديدة تحت حكم الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين.
وقال نيبل لصحيفة “برلينر تسايتونج” الألمانية، إن هناك خطرا من إعادة إنتاج النظام الديكتاتورى للرئيس المخلوع حسنى مبارك “بأشخاص جديدة هذه المرة”.
وذكر نيبل أن عدم استقرار مصر فى ظل الأوضاع المضطربة فى الدول المجاورة، مثل سوريا ولبنان والأردن يعنى أيضا خطورة أمنية كبيرة على المنطقة، مؤكدا أن حكومة بلاده قلصت اتصالاتها بالحكومة المصرية لحين إشعار آخر، معلنا تأجيل خطط إعفاء مصر من الديون جزئيا، والتى تقدر بنحو 240 مليون يورو.
وأضاف نيبل أن بلاده مستعدة لدعم مصر عندما تعتزم التطور إلى مزيد من الديمقراطية ودولة القانون، وتابع: “الأمر بيد الحكومة المصرية”.
من ناحية أخرى قال الكاتب الأمريكى الشهير، توماس فريدمان، إن “مصر تسير على خطى باكستان وليس على خطى الهند، التى تخطو خطوات كبيرة نحو الديمقراطية، وذلك بعد أن تم تعيين مسئول مسلم كرئيس لجهاز الاستخبارات الداخلية منذ 3 أسابيع”، وأكد أن “محاولات إرساء الديمقراطية فى مصر حتى الآن قد باءت بالفشل”.
وأوضح “فريدمان”، فى مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن “الإخوان فى حاجة إلى أن يدركوا أن الديمقراطية لا تعنى فقط الفوز فى الانتخابات، فالديمقراطية هى رعاية لسياسة إدماج الآخرين فى المجتمع، وإجراء حوارات هادئة مع قوى المعارضة”، مشددًا على أن “اكتساب القادة لاحترام معارضيهم يأتى عبر التوصل إلى حلول مرضية للطرفين لا من خلال الإملاءات والشروط”.
وأكد الكاتب الأمريكى أن مصر الآن فى حاجة لثقافة الحوار، والاختلاف السلمى، فالفوز فى انتخابات دون حوار مع المعارضة كالكمبيوتر دون سوفت وير، لن يعمل بدونه”. وتابع الكاتب الأمريكى فى مقاله أنه “بدلا من أن تكون مصر دولة ديمقراطية، يشعر فيها المواطنون بأنهم فاعلون فى مجتمعهم، بقى الشعب فى موقف المتفرج”.
وأشار فريدمان إلى أن المعركة الناشبة فى مصر، والتى اندلعت عقب مجموعة من القرارات الاستبدادية التعسفية للرئيس محمد مرسى، ليست بين الأكثر والأقل تدينا، فلقد نزل مئات الآلاف من المصريين إلى الشوارع، وكثير منهم يتظاهر لأول مرة بسبب الخوف من العودة إلى الاستبداد تحت ستار الإسلام، فالمعركة الحقيقية حول الحرية وليس الدين.
وأكد الكاتب الأمريكى، أن قرارات مرسى الأخيرة بدءا من إصدار إعلان دستورى يضعه فوق الرقابة القضائية، ثم الاندفاع نحو إنهاء عملية صياغة دستور جديد ناقص للغاية وطرحه سريعا للاستفتاء دون إفساح المجال لنقاش عام كافى، تؤكد مخاوف المصريين بأنهم استبدلوا استبداد مبارك بآخر بقيادة الإخوان المسلمين.
ويقول دان برومبرج، خبير شئون الشرق الأوسط فى معهد الولايات المتحدة للسلام، إن مسودة الدستور تضمن حرية التعبير لكنها لا تضمن الحرية بعد التعبير. فى إشارة من الخبير الأمريكى إلى ما سوف يترتب على حرية الرأى من اعتقال ومحاكمات قضائى.
وتؤكد العديد من التقارير الإخبارية الصحفية المحلية أن بعثة الصندوق فى القاهرة قد توصلت إلى اتفاق شفهى مع الحكومة المصرية على القيام برفع الضرائب دون وضع شروط مكتوبة فى الاتفاق الرسمى لتجنب إحراج الحكومة فى توقيت تحتاج فيه إلى القرض البالغ قيمته 4.8 مليار دولار.
وأوضحت التقارير الصحفية أن حكومة هشام قنديل قد شرعت فى تنفيذ المطلوب إلا أن السلطات المصرية عادت وأبلغت الصندوق بصعوبة تحقيق طلبه برفع ضريبة المبيعات، وقالت إنها سوف تقوم باستخدام وسائل أخرى بخلاف ضريبة المبيعات.
وأشارت المصادر إلى أن قيام الحكومة المصرية برفع الضرائب على بعض السلع الأسبوع الماضى وموجة الانتقادات الفورية العنيفة فى وسائل الإعلام المحلية والشارع دفعها للعدول عن القرار بعد ساعات قليلة قد تسبب فى ارتباك شديد فى صندوق النقد الدولى، حيث كانت إدارة الصندوق تضغط فى اتجاه رفع الضرائب قبل عدة أيام من صدور القرار رسميا فى التاسع من ديسمبر الجارى.
ونتيجة لتراجع الحكومة المصرية عن وعودها الشفهية بالقيام برفع الضرائب قبل الاجتماع الرسمى لمديرى الصندوق، تدخلت الإدارة الأمريكية لإقناع الحكومة المصرية للتقدم بطلب لتأجيل المحادثات حول القرض فى ظل الأوضاع الداخلية المضطربة التى ستؤثر بالقطع على قرار المؤسسة المالية العالمية وهو ما قامت الحكومة المصرية بالفعل بإعلانه فى وقت لاحق، فى ظل شعور صندوق النقد الدولى بقلق بالغ من تأثير الأوضاع الراهنة على سمعته فى مصر بعد أن تعرض لحملة كبيرة ترفض حصول مصر على قروض من المؤسسة العالمية.
ووأكدت بيانات لمحللين ماليين فى واشنطن أن عجز ميزان المدفوعات المصرى يصل إلى 11.2 مليار دولار فى السنة المالية 2011 ــ2012 والتى انتهت فى يونيو الماضى، فيما تشهد الإنتاجية تراجعا وهناك حالة عدم ثقة بين الممولين، ومن المستبعد أن يبقى الاقتصاد المصرى واقفا على قدميه إذا استمرت الحكومة فى برامج الدعم الواسعة النطاق وتقليص الدعم على سلع بعينها وفرض ضرائب جديدة سيكون صعبا من الناحية السياسية, خاصة فى هذه المرحلة.
ومن جانبها قالت مجموعة ستراتفور الاستخبارية الأمريكية فى تقرير قبل عدة أيام أن حالة الاقتصاد المصرى تبدو قاتمة إلا أن القاهرة لا تعتمد كليا على قرض صندوق النقد، فمازال لدى الحكومة نحو 15 مليار دولار فى احتياطيات العملات الأجنبية، والقاهرة تلقت تمويلات من مجموعة متنوعة من المصادر، ففى أكتوبر الماضى، أرسلت تركيا أول 500 مليون دولار من قرض بقيمة 2 مليار دولار، والشريحة الثانية مقرر لها 30 يناير المقبل. وسوف يتم استخدام الجزء المتبقى من القرض بقيمة مليار دولار لتمويل الواردات التركية إلى مصر، بالإضافة إلى قروض قطرية ووعود سعودية وكويتية وقرض من بنك التنمية الإفريقى.
وأضاف التقرير أن هناك خيارات أخرى فى حال عدم التقدم للحصول على قرض الصندوق ومنها إمكانية خفض قيمة العملة أو تخفيض الاستهلاك، خاصة من السلع المستوردة.