خميس النقيب يكتب: أعداء الوطن وأبناء الفتن
إن هذه الثورة المصرية المجيدة انتقلت من القاموس مباشرة إلى النفوس، ولم تبدأ في الميدان إلا بعد أن حركها الإيمان، وقبل أن تقوم في الميادين والشوارع والدروب قامت في العقول وتركزت في القلوب، ولن تستطيع قوة أن تأخذها من النفوس، أو تحذفها من العقول، أو تقتلعها من القلوب، هذا الشعب المصري العظيم عرف سبيل حريته، وسلك طريق عزته، ومن ذاق طعم الحرية لابد أن يحافظ عليها ويضحي من أجلها. طريق النصر إنما يحتاج إلى صبر ومصابرة ومرابطة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (آل عمران:200).
القوة مهما بلغت لم ولن تُترك على الأرض لتدير الكون كيفما شاءت أو تتحكم في الخلق كلما أرادت.. كلا “فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة” (سورة فصلت :15 – 18)، والباطل إلى زوال وانحسار “قل جاء الجق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا” (الإسراء: 81). والحق إلى بقاء وانتصار “وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ” (يونس: 82) والتدمير عاقبة المكر السيء “فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين” (الانعام)، والقطع جزاء الظالمين “فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين” (الأنعام :45).
وما نراه من مكر الماكرين وعبث العابثين حتى لو وصل زلزل الجبال أو شويش على الأجيال أو حتى كان لعب على الحبال.. فإنه لا يبعد نصرا ولا يغير حال “وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب” (سورة البقرة). المهم أن نثق في وعد الله “ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله” (الأحزاب).
أعداء الوطن يمكرون بالليل والنهار”بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً ..” (سبأ: 33)، وأبناء الفتن على مدار الساعة يخططون، وكل يوم يدبرون، وفي كل مؤتمر يمكرون، لكن مكرهم وتخطيطهم وتدبيرهم عند خالقهم “وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم..” (سورة إبراهيم: 46)، وحتى لوكان مكرهم لتزول منه الجبال الراسيات فلن يخلف الله وعده بنصرة أهل الحق.. كيف؟ “وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال * فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام” (سورة إبراهيم: 46 – 47).. هذا بلاغ للناس وإنذارهم ودعوتهم الى التوحيد والتذكر “هذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ” (إبراهيم: 52).
لكل شيء حقيقة، ولا يعرف العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه (صحيح)، المهم أن نأخذ بالأسباب ونطرق الأبواب وندعو رب الأرباب، وهو تعالى لن يخذل الشهداء ولن يغبن الشرفاء، ولن يحرم الأوفياء، وستضع- اليوم أو غدا- حرب الحاقدين من أعداء الوطن ومروجي الفتن داخليا وخارجيا أوزارها.. “وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” (آل عمران: 120).