محمد ماضي يكتب: المتأسلمون والمتغافلون
من المسلم به في كل المجتمعات أن تكثر بداخلها التصنيفات وإن بدا للبعض غير ذلك، إنما هي ظاهرة طبيعية لا شك؛ ولكن لابد وأن نفرق بين التصنيف وشق الصف.. فالتصنيف تابع للتوجهات والآراء والأفكار، أما وحدة الصف فلا يجوز إلصاقها بأي آخر سوى المواطنة .
وقد انتشرت منذ زمن ليس بالقريب تلك التصينفات التي منها (الإسلاميون)، وإن سلمنا بصحة هذا المصطلح فالبديهي أن يكون باقس الأطراف غير إسلاميين.. وهذا أكبر دليل على ضعف المُصنِف.
وقد انفردت جماعات بعينها بشرف حمل هذا اللقب مما أدى بنا بالفعل إلى الانشقاق فور إطلاق المسمى في غير موضعه منذ أن بدأ في الانتشار، فمن منا لا يذكر لفظ (سني)، والذي كان يطلق على كل صاحب لحية، وأصبح الناس لا يرون إلا الدم خلف اللحية وخلف أسوار تلك المسميات؛ ولما باءت محاولات مطلقوا الأوصاف بالفشل حيث أنهم انتبهوا مؤخرا أن الإسلامى لن يكون نقيضه إلا كافرا بالإسلام- تحولت اللهجات وتغيرت الأوصاف واجتمعت مرة أخرى كل اللحى تحت اسم جديد أراح أعصابهم (المتأسلمون).. ما أقساها من كلمة! تدل على الجهل قبل الحقد، وإن كانا يسيران جنباً إلى جنب في طريق اللا عودة.. فهذا ما حدث ويحدث.
اختلف البعض حول هذا المصطلح الجديد، فمنهم من قال إنه “تأسلم فلان أي دخل في الإسلام” وغيرها من التعريفات، إلا إنني أراه أخطر من ذلك بكثير، فكلمة “متأسلم” تساوي “متطبع” أي أنه يصبغ حاله بغير صبغته، وهذا حال المنافق والعياذ بالله، وقد انتشرت تلك الكلمة في هذه الأيام انتشاراً مؤداه الانشقاق الفعلي وشطر المجتمع، بل وكسر حائط سد منيع اسمه المواطنة؛ غير أن أفعال وتصريحات كثير ممن ينتمون للـ”متأسلمين” أدت بنا بالفعل إلى مواجهات عدة أغلبها كانت (بيننا وبيننا)، بالفعل أدت إلى انشقاق حقيقي لا يلتئم إلا بمحاسبة تلك العناصر التي أساءت للإسلام قبل المسلمين، وأدت إلى تلك المواجهات المستمرة حتى الآن.
ولكن هذا لا يعني أن نوصف بالـ”متأسلمين” المعنى جارح وهم يقصدونه، والأخطر أنه يستشرى بين الناس. لابد أن نعترف إنها الحرب سواء من الداخل أو من الخارج، ومن لم يدرك ذلك فهو إما غافل أو متغافل؛ أما الغافل فسيأتي يوم يعرف فيه خلف من يسير ومن أي القنوات يروي أفكاره، ولكن هذا المتغافل، واسمحوا لي أن أصفهم بالمتغافلون، فغير هذا الوصف لا يرضاه المولى عز وجل، ولن أصفهم بدون ذلك، المتغافلون وأدعياء العلم فهؤلاء لن نستطيع تصحيح مفاهيم رسخت فى عقولهم ليس عن فهم وإنما بطرق يستحي القلم ذكرها لكم .
أيها المتغافلون لسنا متأسلمين منافقين، بل نحن مسلمون رزقنا الله فطرة سليمة لنرى بها الحق حقاً، ولنا العزة بالإسلام، أما أنتم فبما عزتكم وأنتم ترون الحقيقة وتنكرونها؟ إن الخطأ فيما يحدث من المتغافلين في تلك الظروف الحرجة للبلاد هو اختلاق معركة لابد فيها من منتصر ومهزوم، وهذا لا يؤدي إلى قيام دولة، حيث أن الوقت الذي تحاك فيه الأفعال وردودها ينبغي أن يكون في إصلاح المؤسسات وإعادة هيكلتها؛ دعوة لأصحاب الأقلام.. المؤيد والمعارض، المحب والمبغض، إن الكلمة أمانة والأمانة حمل لا يطيقه كاره لحاضره فاقد لمستقبله، ومَثَلُ هذا يظل قابعا في ماضيه متأرجحا بين الكره وإعادة البناء، وقد إخترنا إعادة البناء. أفيقوا من تغافلكم أيها المتغافلون فإنا مسلمون.