تقارير وتحقيقات

السفير الإسرائيلى الأسبق “زيفى مازل”: الإخوان أدركوا أن الجيش لن يحمى

قال السفير الإسرائيلى الأسبق لدى القاهرة زيفى مازل، إن الجيش فى مصر هو الوحيد القادر على منع تدهور الأوضاع إلى الأسوأ فى ظل الأزمة السياسية الراهنة.
وأشار مازل فى مقال له بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إلى أن كلا من الإخوان المسلمين والمعارضة يبذلان أقصى جهودهما لجعل الجيش فى جانبهم، دون أى نجاح حتى الآن، فوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى لم يفوت فرصة أبدا ليؤكد أن الجيش لا يشارك فى الصراع السياسى، ويكرس طاقته لحماية البلاد، رغم أنه يضيف أنه لن يسمح بانزلاق البلاد إلى الفوضى.
أما المعارضة، فتشعر أن الجيش يمكن أن يعيد النظام بالطريقة التى يريدونها، وفى مظاهرات يوم الجمعة الماضى، دعا المتظاهرون الجيش إلى الخروج من ثكناته وجعل مرسى يستقيل ودعوا إلى انتخابات رئاسية جديدة.
ويرى مازل، وهو خبير الآن بمعهد القدس الإسرائيلى للشئون العامة، أن هذا الوضع يترك الإخوان والرئيس محمد مرسى بمشاعر مختلطة، ففى سياق الأسابيع الأخيرة، أصبح الإخوان يدركون بشكل مؤلم حقيقة أن الجيش لن يحمى النظام إذا فقد شرعيته وحاول اللجوء للقوة للبقاء فى السلطة، فالشائعة التى انطلقت الأسبوع الماضى عن أن الرئيس مرسى ينوى إقالة السيسى انتشرت مثل النار فى الهشيم.
مما دفع مصدر عسكرى لم يكشف عن هويته إلى التحذير من أن ذلك سيكون “انتحارا سياسيا” للرئيس بما أن الجيش جنوده وضباطه على حد السواء، غاضبون من النظام، فسارع أحد ممثلى الرئيس لاسترضاء الجيش بينما نأى الجيش بنفسه عن المصدر الذى لم يذكر اسمه.
وبعدها بثلاثة أيام، يتابع الكاتب، أعلن مرسى عن ثقته الكاملة فى الجيش وتقديره العميق لوزير الدفاع، وهو الإعلان الذى نشره الإعلام ومعه صورة للسيسى يجلس فى مواجهة مرسى فى مكتب الرئيس، ويقول “مازل” إن الشائعة ربما كانت بالون اختبار أطلقه الإخوان الذين أرادوا أن يروا رد الفعل على مثل هذه الخطوة الراديكالية، ومع ذلك، فإن الحادثة يمكن أن ينظر إليها أيضا كجزء من سلسلة أكبر من الصدامات بين الجيش والإخوان، كما يسميها السفير الإسرائيلى الأسبق.
ويذهب “مازل” إلى القول بأن مرسى أدرك حجم المشكلة فى نوفمبر الماضى، عندما بدأت المظاهرات الاحتجاجية على إعلانه الدستورى المثير للجدل، وأطلق الجيش وقتها دعوة للحوار بين كلا الطرفين مع التأكيد على أن الشرعية للشعب.
واعتبر أن ذلك كان بمثابة تصرف مفاجئ من الجيش كقوة مستقلة بعيدة عن النظام تؤكد أن الشرعية للشعب وليس الحكام، على الرغم من أنهم انتخبوا ديمقراطيا فى انتخابات حرة، وكانت هناك بعض المحادثات المتسرعة والسرية وتراجع الجيش عن دعوته، لكن الإخوان لن ينسوا أن الجيش لم يعترف بشرعية الرئيس المنتخب، وفقا لرأى مازل.
ويمضى الكاتب قائلا إنه منذ اندلاع أحداث الشعب فى بورسعيد فى يناير الماضى بين المتظاهرين المعارضين وقوات الأمن والتى خلفت 60 قتيلا، قال السيسى إن الجيش مستعد للتدخل لمنع انهيار الدولة ما لم يتم التوصل إلى حل سياسى، ونُقل عن السيسى قوله إنه لن يسمح للإخوان بالسيطرة على الجيش، وكان هناك رد فعل غاضب من الإخوان، وأدان مرشدهم محمد بديع ما وصفه بالفساد الواسع فى الجيش، فاحتج الجيش واعتذر بديع.
وزاد الجدل بعد تصريحات رئيس الأركان صدقى صبحى التى قال فيها، إن الجيش لا يتدخل فى السياسة إلا أنه سينزل على الشوارع لو أراد الشعب ذلك، وتبعت الأفعال الأقوال.
فعندما فرض مرسى حالة الطوارئ فى مدن القناة بعد اشتباكات بورسعيد، رفض الجيش الإشراف علبه، فلم يكن أمام مرسى خيارا سوى إلغاء حالة الطوارئ.
كما فاجئ السيسى مرسى وأحرجه بشدة عندما أصدر قرارا وزاريا فى 23 ديسمبر الماضى بتحويل حدود مصر الشرقية مع إسرائيل وغزة إلى منطقة عسكرية مغلقة بعمق خمسة كيلومترات باستثناء مدينة رفح، وحاول السيسى بذلك فرض السيطرة على منطقة الحدود، حيث يسعى الجيش لمنع تسلل الجهاديين إلى مصر من غزة، لكنه “نسى” على ما يبدو أن يتشاور مع الرئيس بخصوص القرار الذى أصدره، وهو أمر ضمن صلاحياته الوزارية.
ويؤكد مازل على أن التوتر بين الإخوان والجيش هو مصدر قلق عميق للنظام، فمرسى قد اختار السيسى وزيرا للدفاع بعدما أقال المشير حسين طنطاوى وقيادات الجيش فى أغسطس الماضى، وكانت هناك شائعات بأن السيسى عضو فى الإخوان، لكن سرعان ما اتضح أنه بالرغم من أن زوجته ترتدى الحجاب، إلا أنه ليس عضوا فى الإخوان، بل إن المسئولين الكبار فى حزب الحرية والعدالة حاولوا إقالته، وتجاهلته صحيفة الحزب بشكل تام على مدار أسابيع حتى فسر مرسى للإخوان أنه ليس هناك فائدة من محاولة تغيير الوضع.
إلا أن الإخوان تذكروا أن الجيش طالما كان ضد حركتهم منذ أيام جمال عبد الناصر وحتى مبارك، وهناك شائعات واسعة بأن الإخوان يشكلون ميليشيات سرية ويؤسسون مراكز تنصلت لمراقبة الجيش ليكونوا مستعدين لمواجهته فى حال أصبح هذا الأمر ضروريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى