الإخوان والرئيس التوافقى
أحسنت الظن كعادتى بقادتى فى الجماعة وحللت تحليلا بسيطا لقصة الرئيس التوافقى وهو: الرئيس التوافقى لن يضر مصر بشىء، ولن يعطل المشروع الإسلامى الحضارى بمفهومه الشامل، ليس مقتصراً على ركن الحدود فقط، كما يعتقده البعض على الإطلاق، لأنه فى المرحلة القادمة هذا الرئيس لن يمثل إلا نفسه، فى ظل وجود النظام البرلمانى الذى تنادى الإخوان به، والذى تكون فيه كل الصلاحيات مع رئيس الوزراء الذى جاء من الحكومة المشكلة من الأغلبية الموجودة بمجلس الشعب المنتخب، والأغلبية الموجودة بمجلس الشعب أغلبية ذات المرجعية الإسلامية، وأعتقد أنه لن يكون رئيس الوزراء توافقياً، هذه ثقتى بهم، لأنه سيكون بيده السلطة التنفيذية، ولذلك زادت جماعة الإخوان فى الضغط بتشكيل الحكومة مؤخراً، وهو ما يلاحظه المتابع للأحداث.
إذن سلطة تشريعية مع أصحاب المشروع الإسلامى الحضارى متمثلة فى مجلسى الشعب والشورى، وسلطة تنفيذية أيضاً مع أصحاب المشروع الإسلامى الحضارى، متمثلة فى رئيس الوزراء الذى سيأتى من الحكومة المشكلة من الأغلبية ذات المرجعية الإسلامية، وسلطة قضائية نزيهة ليس عليها غبار فى مصر ويكن لها الجميع الحب والاطمئنان، ومعهم رئيس دولة توافقى شرفى لتحسين العلاقات مع الدول الخارجية.
التفسير الثانى هى رسالة الطمئنة التى أرسلتها جماعة الإخوان المسلمين أثناء الثورة بأنهم لن يترشحوا للرئاسة حتى تتم الثورة وتنجح، فلن تريد جماعة الإخوان أن تخالف هذه الرسالة التى أرسلوها إلى شباب ورجال مصر، ولكن أن تعترض جماعة الإخوان على الترشح كتنظيم، ليس هذا معناه أن تلفظ أى مرشح صاحب مرجعية إسلامية.
ولكن فى حالة أن يخالف تفسير الموقف ظنى ويكون غير ذلك، فأريد أن أسأل بعض الأسئلة البسيطة، هل قلنا فى مجلس الشعب لابد أن نختار أعضاء توافقيين؟، حتى لا يضع الغرب العراقيل أمامنا مستشهدين فى ذلك بموقف حكومة حماس، وهو استشهاد أظنه غير موفق لأن فلسطين لها وضع ومصر لها وضع آخر تماما، وأيضا هل نتيجة مجلس الشعب كانت ترضى الغرب أو لا تخالف أهواءهم حتى لا يضعوا هذه العراقيل، وهل رئيس توافقى معناه أن تغير الدولة هويتها، وتسير على هوية هذا الشخص، فهوية الدولة معروفة، والغرب لن يكونوا بهذا التفكير الضيق، يهتم بشخص واحد فقط، ويترك باقى الشعب، ولكن يهتم بهذا الشخص فقط، إن كان مع هذا الشخص معه كل الصلاحيات من السلطات التنفيذية وتشكيل الحكومة كما اهتم بمبارك من قبل، أما أن يهتم الغرب بالرئيس فى نظام برلمانى، فأعتقد أنه من التفكير الخاطئ تماما.
أمر آخر لماذا وضعنا نصب أعيننا حركة حماس، وما حدث معها من حرب وإقالة، ولم نضع أمامنا حزب العدالة والتنمية التركى، على الرغم من أن النظام التركى الموجود فى بلد كان يحكمه العسكر أقرب إلينا فى الظروف من حركة حماس الموجود فى بلد يحكمه الاحتلال الصهيونى متجسد فى بعض الشخصيات العميلة.
وأعلم جيدا أن جماعة الإخوان تكون فى النهاية مع رأى الشارع نظراً لانتشار قاعدتها داخل النسيج المجتمعى، ورأى الشارع متجسد أمامها دائما؛ لأنها القوة الوحيدة التى تتكلم على منابر السياسة بلسان أعضائها المنتشرين فى كل شوارع المعمورة، كما حدث يوم 25 يناير، على الرغم من أن الثورة لو فشلت ما كان سيحاكم ولا يحاسب على هذا اليوم إلا الجماعة وشباب الجماعة، وقد ظهر هذا فى حوار ضابط أمن الدولة معى عقب اعتقالنا فى نفس اليوم ليلا من ميدان التحرير فى معسكر السلام، حيث كان يتهم حتى الشيوعيين بأنهم إخوان مسلمين، ويحفظ تصريح الدكتور عصام العريان، وكان يردده على كل من يدخل عليه ” ألم يقل لك مسئولك من الإخوان انزل بدون أن تقترب من الممتلكات العامة والممتلكات الخاصة؟”.
تفسيرات وتخيلات فى قصة الرئيس التوافقى لكنها لم تحسم بعد، ولعل جماعة الإخوان ترينا خيرا كما رأينا منها فى كل يوم من أيام الثورة المصرية منذ اندلاعها.