إبريل الأسود على طلاب الأزهر.. تجدد حالات الاشتباه بالتسمم.. والطلاب ي
شهر أبريل الشهر الأسود، كما أطلق عليه طلبة جامعة الأزهر الشريف، حيث شهد العديد من الكوارث بدأت مع أول أيامه بتسمم 580 طالبا مرورا بوفاة الطالبة غادة بعد أن صدمتها سيارة أمام المدينة الجامعة فور عودتها من مظاهرات احتجاجية لتسمم زملائه، مرورا بوفاة طالب كلية الهندسة أحمد الباز، وصولا إلى تجدد حالات التسمم لطلاب الأزهر فى مشهد استحق أن يطلق عليه “ما أشبه اليوم بالبارحة”، وهو نفس اليوم الذى شهد الحادثة الأولى وهو يوم الاثنين، نفس السيناريو سيارات إسعاف تنقل المصابين ومظاهرات وقطع طرق.
بدأ عدد من الطلاب الشعور بارتفاع فى درجات الحرارة وقىء وغثيان فعلى الفور أدركوا أنها حالات تسمم ولكن هذه المرة المتهمة “التونة” وليست “الفرخة”، وبعد الاشتباه فى أول حالات الإصابة قام المئات من الطلاب بالتجمهر وقطع طريق النصر أمام الباب الرئيسى لجامعة الأزهر، وقطع طريق مصطفى النحاس أمام مبانى المدينة الجامعية للبنين.
واستمرت العشرات من سيارات الإسعاف من نقل الطلاب، كما حدث فى حالات الإصابة الأولى، إلى مستشفيات التأمين الصحى ومستشفى الزهراء وسيد جلال والحسين الجامعى، ووصل حالات الاشتباه فى الإصابة بحالات التسمم والإعياء إلى نحو 161 مصابا.
وقام الطلاب ساخرين فى تدوينات على موقع التواصل الفيس بوك بطرح سؤال “هو ليه البنات مش بيتسمموا هما كمان رغم أنه نفس الأكل..هل عندهم طباخين أفضل ولا النظافة أعلى..ولا اتعودوا وخدوا حصانة؟! ، ولكن سرعان ما ظهرت حالات اشتباه بالتسمم فى مدينة الطالبات وانتقل المشهد إلى هناك.
الطلاب انتقدوا عدم حدوث أى تغييرات سواء على المستوى الإدارى أو على مستوى الخدمات، على حد قولهم، خاصة بعدما علموا من أن القوات المسلحة ستستلم خدمات المدينة الجامعية والمطاعم بدءا من العام الدراسى القادم.
ورفع الطلاب لافتات تطالب بإقالة شيخ الأزهر أحمد الطيب واتهموه بالمماطلة فى تنفيذ مطالبهم، كما أكد بعض الطلاب أن رئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد لم يقل كما أعلنت مشيخة الأزهر وأنه يباشر أعماله كرئيس للجامعة.
وأثناء تظاهر الطلاب من ناحية طريق النصر حاول الطلاب قطع الطريق على سيارة أمن مركزى ومنعها من دخول معسكر الأمن المركزى قطاع اللواء أحمد شوقى المجاور لجامعة الأزهر، فما كان من سائق السيارة إلا أنه حاول مسرعا الفرار بالسيارة، وكاد أن يصدم الطلاب، ما أدى إلى قيامهم برشق السيارة والمعسكر بالحجارة، فردت قوات الأمن المركزى من داخل المعسكر بإلقاء القنابل المسيلة للدموع ووقعت الاشتباكات، ولكن سرعان ما تم فضها بعد قيام مأمور قسم شرطة ثان بمدينة نصر بالتفاوض مع الطلبة ومنعهم من الاشتباك مع قوات الأمن المركزى، واستجاب الطلاب للمأمور.
وأثناء تظاهرات الطلاب قبل قيامهم بإعادة فتح طريق مصطفى النحاس قبل الساعات الأولى من صباح أمس، طالب عدد منهم بإقالة شيخ الأزهر، بينما ردد طلاب آخرون برحيل الرئيس محمد مرسى، مشيرين إلى أن الأزهر بجامعته لم يتلقى الرعاية اللازمة من رئيس الدولة أو الحكومة، ورددوا هتافات “ارحل.. ارحل”، واعتزم البعض الآخر تنظيم مسيرة واعتصام أمام مشيخة الأزهر حتى إقالة شيخ الأزهر”.
ومن جهته، قال الدكتور إبراهيم الهدهد، نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون التعليم والطلاب، إن أكثر من 12 ألفا من طلاب الأزهر تناولوا نفس وجبة التونة فى الغذاء، ولم تحدث لهم مشكلة.
وأضاف الهدد، أن الطلاب الذين تسمموا ربما يكونوا تناولوا وجبات من خارج المدينة الموجودة بمحيط المدينة الجامعية، لافتا إلى أن التحاليل الطبية ستحسم هذا الأمر وتوضح أين المشكلة على وجه التحديد، وما إذا كان التلوث الغذائى سببه طعام المدينة أم لا.
وفى أول رد فعل سريع قرر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قطع زيارته إلى الإمارات العربية المتحدة والعودة صباح اليوم، الثلاثاء، على طائرة خاصة للوقوف على أحداث تسمم عدد من طلبة المدينة الجامعية.
كما أمر بفتح تحقيق فورى تحت إشرافه مباشرة للوقوف على حقيقة الأمر، بعد ما تردد أن السبب فى ذلك يرجع إلى معلبات التونة، والتى كان قد اعترض عليها الطلاب من قبل، وتم تغييرها بناء على طلبهم وبعد موافقتهم، جدير بالذكر أن شيخ الأزهر فى زيارة للإمارات لتسلم جائزة الشيخ زايد الثقافية.
كما تحركت مؤسسة الرئاسة بناء على تكليف من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وقام الدكتور محمد مصطفى حامد، وزير الصحة والسكان، والدكتور أيمن على، مساعد رئيس الجمهورية، بزيارة طلاب الأزهر المصابين بمستشفى التأمين الصحى بمدينة نصر، فى وقت متأخر من مساء الاثنين.
كما أمر وزير الصحة بسرعة توجه الفرق الوقائية من الوزارة للمستشفيات والمدينة الجامعية، لأخذ العينات من الوجبات الغذائية المتناولة، وعينات من البراز لتحليلها بمعامل وزارة الصحة، كما أمر بإنشاء غرفة طوارئ مكونة من الدكتور عبد الرحمن السقا، رئيس هيئة التأمين الصحى، والدكتور هشام عطا، وكيل وزارة الصحة، لمديرية القاهرة، ومدير مستشفى التأمين الصحى الدكتور سمير العتال، والدكتور علاء هايم مدير الشئون الوقائية بمديرية القاهرة.
وتعبيرا منه عن اهتمامه البالغ أجرى الرئيس محمد مرسى اتصالا برئيس اتحاد طلاب الجامعة أحمد البقرى، للاطمئنان على صحة طلاب الجامعة بعد حادث التسمم، واستغرقت المكالمة ثلث ساعة حاول فيها الاطلاع على حقيقة الأمور والذى أكد أنه أعطى أوامره لوزير الصحة بوضع كافة إمكانيات الوزارة لخدمة الطلاب، مشيرا أنه سيبحث مع شيخ الأزهر فور عودته من الإمارات تلك الأحداث.
وانتقد المنسق العام للحركة الشعبية لاستقلال الأزهر عبد الغنى هندى الذى تواجد بجامعة الأزهر للاطمئنان على صحة الطلاب الاهتمام الذى وصفه من قبل رئيس الجمهورية بالمبالغ فيه، مستنكرا قيام محمد مرسى بإجراء اتصال برئيس اتحاد الطلبة الإخوانى للإطلاع على أحوال الطلاب، مضيفا “كان الأولى أن يجرى الاتصال بقيادات الأزهر بالجامعة والمشيخة إذا أراد بالفعل أن يطمأن على طلابه”، مضيفا “لم نر هذا الاهتمام من رئيس الجمهورية فى حالات التسمم التى تحدث فى الجامعات الأخرى، أو حتى فى القضايا الاجتماعية والسياسية الأخرى.
ورصد “امل مصر” بعض المعلبات التى توزع على الطلاب فى وجبات العشاء ووجد أن تاريخ صلاحيتها ممتد حتى عام 2015.
إلى ذلك قامت لجنة طبية من جامعة الأزهر بزيارة مطعم المدينة الجامعية وقامت بأخذ عينات من التونة لفحصها والتأكد من صلاحيتها، لمعرفة أسباب تسمم الطلاب.
وأكد الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، فى تصريحات لـ”اليوم السابع”، أنه أمر بفتح تحقيق فورى لمعرفة ملابسات الأمر، وأنه يتابع حالات الطلاب من خلال التواصل مع النواب والمسئولين.
إلى هنا بدأت تلوح فى الأفق مرة أخرى أن ما حدث هو مخطط لإقالة الطيب، حيث أكد نشطاء على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، أن زيارة شيخ الأزهر للإمارات والإفراج عن 103 من المصريين هناك لم تشفع له بالرغم من فشل مرسى فى الإفراج عنهم.
يذكر أن رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، قرر الإفراج عن 103 من السجناء المصريين ممن صدرت بحقهم أحكام فى قضايا مختلفة، كما تكفل بتسديد الالتزامات المالية التى ترتبت على السجناء المصريين تنفيذاً لتلك الأحكام، وذلك تقديراً للعلاقات المتميزة بين البلدين ولدور مصر ولمكانة الأزهر وإمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب، كرمز للوسطية وللاعتدال ولدوره فى الدفاع عن أهل السنة والجماعة.
بينما تباينت الآراء بين عدد من السياسيين حول تلك الحادثة، حيث قال الكاتب إبراهيم عيسى، قد انكشف الخداع الإخوانى أمام المواطن المصرى ولم يعد أمامهم أى بديل سوى تزوير الانتخابات”.
وأضاف عيسى خلال برنامجه على قناة القاهرة والناس، أن هناك رابطا منطقيا بين الإفراج عن السجناء المصريين بالإمارات، وبين حادث تسمم طلاب المدينة الجامعية بمدينة نصر، التابعة لجامعة الأزهر، فى إشارة منه إلى الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر الذى نجح فى زيادة روابط الصلة بين مصر والإمارات، والتى أسفرت عن الإفراج عن هؤلاء السجناء.
ومن جانبه، قال المهندس باسم كامل، القيادى بحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، عضو مجلس أمناء التيار الشعبى، إن الإخوان المسلمين يمكن أن يقوموا بأى شىء من أجل تنفيذ مخطط التمكين من السلطة، مضيفاً إننا لا نستبعد تورطهم فى واقعة تسمم طلاب الأزهر، رغم عدم وجود أى إدانة قاطعة ضدهم.
وأضاف القيادى بحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، فى تصريحات خاصة لـ “امل مصر”، أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر شوكة فى حلق الإخوان، خاصة بعد رفضه مشروع الصكوك الإسلامية، بالإضافة إلى تكريمه فى الإمارات، ونجاحه فى التوسط للإفراج عن مسجونين مصريين فى السجون الإماراتية.
وأشار عادل إلى أن تزامن واقعة تسمم طلاب الأزهر للمرة الثانية، بالتزامن مع تكريم شيخ الأزهر بالإمارات، ونجاحه فى التوسط للإفراج عن 103 مساجين مصريين بالإمارات، تؤكد وجود مؤامرة كبرى تدبر لهدم مؤسسات الدولة المستقرة الفاعلة، وإعادة هيكلتها على هوى الإخوان.
وأوضح القيادى بحزب الدستور، أن وجود وضع خاص للأزهر فى الدستور الجديد، يعكس لنا وجود خطوة أخرى وهى إسقاط شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والمجىء بشيخ آخر موالٍ لجماعة الإخوان المسلمين للسيطرة على الأزهر.
ووجه باسل، عدة أسئلة حول الواقعة، وهى: لماذا تتكرر حالات التسمم فى المدينة الجامعية للأزهر، على الرغم من علمنا أن طعام جميع المدن الجامعية فى مصر سيئ جداً؟ لماذا لم يزر الرئيس محمد مرسى طلاب جامعة القاهرة عقب حالات التسمم التى وقعت فى المدينة الجامعية بالقاهرة، كما زار طلاب جامعة الأزهر فى واقعة التسمم الأولى؟.
فيما قال الناشط الحقوقى حافظ أبو سعدة، إن موضوع تكرار تسمم طلاب الأزهر والخروج للشوارع وقطعها والتنديد بشيخ الأزهر، أصبح فيلما هابطا وبصراحة المسئول عنه يجب أن يحاسب بتهمة الغباء السياسى، لأنها لعبة مكشوفة بعد نجاح زيارة فضيلة الإمام لدولة الإمارات.
وأضاف أبو سعدة عبر تدوينة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، “الحكاية أصبحت واضحة من أيام مظاهرة النائب العام السابق عبد المجيد محمود لإقالته، ومظاهرات استقبال النائب العام الجديد ومظاهرات تطهير القضاء، وأخيرا مظاهرات تسمم طلاب الأزهر”.
فيما قال أحمد عارف، المتحدث الرسمى باسم الإخوان المسلمون، إن ما حدث فى الأزهر من تسمم الطلاب مساء الاثنين للمرة الثانية خلال فترة قصيرة أمر مسىء، ولكن لا داعى للتعجل فى إصدار أحكام أو تحليلات حتى نعرف المعلومات.
وأوضح عارف فى أن مطالبة بعض الشباب بإقالة شيخ الأزهر هو نتيجة لصدمة الحادث، كما أن اتهام البعض للإخوان ليس عليه دليل وغير منطقى.
بينما تداول طلاب جامعة الأزهر قصيدة لطالب يدعى عبد الله صلاح، بعنوان “رحم الله الأزهر”:
شيعوا جنازة الأزهر وأغلقوا علية المقبرة
وكبروا عليه أربعا وارجوا له المغفرة
واجعلوه قصة لأبنائكم تروى حينا وتسطرا
قد كان يا أبنائى فى مصر شىء يدعا أزهرا
كان بالحق مناديا وللظلم معاديا وللإسلام منبرا
كنت أزهو أننى من أبنائه واذكر تاريخه فافخرا
واذكر علماء له أمروا بالمعروف وأنكروا المنكرا
واذكر علماً شاع من شرفاته فملأ الدنيا اَنُورا
اذكر ليلا كان مظلما فجاء الأزهر فاقمره
اذكر ثورته على كل مستعمر فأجده الآن مستعمرا
رحم الله الأزهرا
كفنوه شيوخ باعوا الدين فيه أصبح متجرا
أمير الشعراء معذرة فلسنا نحى الازهرا
فلو بعثت من البلا و الدين يباع ويشترى
ووقفت على أطلاله لسال دمعك ابحرا
على أطلاله شيوخ كبار اسود حين تزأر
على أطلاله شباب أمثالنا أقسم بالله ليثأر
قاموا واستنهضوه فقام الأزهر مكبرا
وقمنا جميعا ننشد قصيدة عاطرة
قم فى فم الدينا وحى الأزهر
وانثر على فم الزمان الجوهرا