«اللى تغلب به.. ارقص له»
عادى أن تفعل كل شىء من أجل مصالحك، واللى تغلب به العب به، هذه مبادئ المصلحية والميكافيلية التكتيكية، وقد يضطر السياسى لفعل أشياء لا يرضى عنها ليكسب أرضا أو أنصارا. وقد رأينا المشهد الشهير لمرشح يبوس العيال الصغيرة ويحتضن الفقراء. ويكون موسم الانتخابات هو موسم البوس والأحضان للمواطن. نقول هذا بمناسبة ما يحدث على منصة رابعة العدوية حيث اضطرت قيادات الجماعة لتغيير تكتيكاتها وارتكاب كل الأفعال التى كانوا ضدها، رأينا الأغانى الوطنية على المنصة، وتمت الاستعانة ببنات وأولاد، ورأينا شبابا يرسمون الجرافيتى. وهى تصرفات كانت الجماعة ومشتملاتها ضدها تماما بل كانوا يقفون ضدها ويحطمون أدوات الغناء. ونظن أنهم مازالوا لكنهم يسعون للتقارب من الشعب من خلال أفعال الناس العادية، فالأغلبية من المصريين متدينون وسطيون يحبون الحياة وأهل البيت، وفى رمضان يتابعون المسلسلات بعد التراويح. المصريون يحبون الحياة والدنيا والآخرة، والجماعة تفعل ذلك لجذبهم فكانت الأغانى والجرافيتى. لكن الغريب أن الأغانى والرقص أغضبت بعض السلفيين الذين أعلنوا أنهم ضد الرقص والغناء، وأن اللجوء إلى هذه الطرق لن يجذب لهم مواطنين ولكنه سيسبب انصراف الحلفاء.
ونحن هنا لا نلوم على الإخوان أن يطوروا من وسائلهم، أو يفعلوا من أجل السياسة ما كانوا يرفضونه، لكننا نلفت النظر إلى أنهم إذا كانوا يعرفون أن الشعب المصرى له ميول مختلفة فكيف فات عليهم طوال عامين ونصف، أن يتفهموا ويتعرفوا على الشعب بتعدده وخلافاته، ويعرفوا أن الاختلاف قد لا يعنى العداء، والدليل أن أقرب حلفائهم هددوا بمغادرة الاعتصام لو استمرت الأغانى، ونحن هنا أمام أغان وطنية وليس أفلاما خارجة مثلا. ولدينا قطاع من حلفاء الجماعة كانوا ومازالوا ضد تحية العلم والسلام الجمهورى. وكانوا يتباهون بهذه التصرفات بينما أغلبية المصريين تجزع منهم وتراهم كائنات فظة كئيبة. لم يفهموا الشعب المصرى ببساطته ووسطيته، ورفضه للتعصب والتحذلق معا.
ربما كان على الجماعة أن تعيد النظر فى تفكيرها وسياساتها وطريقة التعامل مع المعارضة والشعب، لكنهم خلال فترة وجيزة، غادروا ما كان من اعتدال وانتزعوا الأقنعة الطيبة، ليرى الناس وجوها أخرى عطشى للسلطة والنفوذ بلا إمكانات، والنتيجة أنهم تورطوا وورطوا الدكتور مرسى فى صراعات مع الجميع مؤسسات ومعارضة وحلفاء سابقين.
والمثير أنهم اليوم وهم يحاولون كسب مؤيدين يفعلون أشياء كانوا يرفضونها، وهذه هى السياسة التى كان عليهم أن يتعلموها، وربما لا يزال عليهم أن يعرفوا أن السلطة شهوة تحتاج للترشيد فى الممارسة، وأنها لها لذتها وأخطارها. ولا تكفى المؤامرات والشماعات لتفسيرها.
مثلا لم نر واحدا من الجماعة أو مشتملاتها يعترف بوجود أخطاء قاتلة فى حكم مرسى وجماعته، وأنه لم يكن رئيسا للمصريين وأنه كان يقود نظاما فاشلا. لم نر مراجعة أو اعترافا فقط نفس الصلف والغرور الذى أضاع السلطة. لكنهم اليوم مستعدون للغناء والرقص من أجل جذب مؤيدين ويفعلون أشياء بلا قناعة. تطبيقا لنظرية «اللى تغلب به.. ارقص له».