الغنوشى: لقائى مع السبسى لم يكن لعقد صفقات ولن نترشح للرئاسة
نفى رئيس حركة النهضة الإسلامية فى تونس راشد الغنوشى ما يتردد من أن لقاءه مع زعيم حركة نداء تونس رئيس الوزراء الأسبق، الباجه قايد السبسى فى باريس مؤخرا قد شهد عقد صفقات فيما بينهما بشأن إدارة المرحلة المقبلة.
وأوضح الغنوشى أن النهضة قبلت الدخول فى حوار مع المعارضة طواعية ولم يفرض عليها.
وتابع :”هذا القرار جاء تلقائيا من قبلنا ولم يتم الاتفاق عليه مع أحد.. ولقاؤنا مع السبسى لم يكن لقاء عقد صفقات بقدر ما كان لقاء أوليا لإذابة الجليد فى العلاقات”.
وعن إمكانية تقديم الحركة لتنازلات فى إطار سعيها لحل الأزمة السياسية الراهنة، قال الغنوشى :”نحن قدمنا عدة تنازلات بالفعل من أجل الوفاق الوطنى، منها أننا لم نشترط إدراج الشريعة فى الدستور، كما أننا كنا ننادى بنموذج برلمانى، ولكننا قبلنا بنموذج للحكم مزيج بين الرئاسى والبرلمانى”.
وحول مصير قانون حماية الثورة الذى يلقى معارضة من أطراف سياسية عدة، قال: “القانون يمكن تأجيل إقراره للمجلس القادم لأن المجلس الحالى أصبحت مهامه محددة، وهى متعلقة بالانتخابات وإتمام الدستور والقانون الانتخابى والهيئة الانتخابية”.
أما فيما يتعلق برابطات حماية الثورة التى ترى أطراف سياسية معارضة أنها الذراع المسلح للنهضة وتحملها مسئولية العنف الذى يتعرض له المعارضون خاصة من التيارات الليبرالية واليسارية، أوضح الغنوشى أن “هذه الرابطات محالة للقضاء وكل رابطة يثبت أنها مخالفة للقانون تحل”.
وجدد الغنوشى رفضه لمطلب المعارضة الرئيسى وهوالإسراع فى تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، كما جدد تمسكه بحكومة العريض.
وأوضح :”نحن للآن متمسكون بحكومة سياسية إلى أن يفضى الحوار الوطنى إلى خارطة طريق تقود البلاد نحوتنظيم وإجراء الانتخابات، وحينها يكون هناك مبرر للقبول بهذه الحكومة المستقلة لضمان الحيادية خلال العملية الانتخابية”.
وتوقع الغنوشى أن يتم الانتهاء من وضع الدستور فى أكتوبر المقبل وأن تجرى الانتخابات نهاية العام أو مطلع العام المقبل.
وعن الأنباء التى ترددت عن اجتماع عقد قبل يومين فى باريس بين السبسى ووزير الخارجية السعودى سعود الفيصل واحتمالية وجود وساطة خارجية لحل الأزمة، أجاب :”لم يبلغنى خبر هذا الاجتماع ولا علم لى بمحتواه.. كما لا أتوقع وجود أى وساطة خارجية لأن التونسيين متجهون لحل مشاكلهم بأنفسهم”.
ونفى الغنوشى أن تكون الحلحلة الأخيرة فى موقف النهضة قد جاءت نتيجة ضغوط أمريكية أو أوروبية أو الخوف من تكرار النموذج المصرى، وشدد :”لا، لم نتعرض لأى ضغوط من الخارج، ولكننا حريصون على إنجاح التجربة التونسية فى التحول الديمقراطى، وهذا وحده ما يحدد مواقفنا”.
وتابع : “النموذج المصرى بدا فى الأول مغريا للبعض، ولكن ما أن بدأت الدماء تسيل والمجازر تتعدد حتى أصبح مثارا للخوف فى تونس وأصبح من ناصروه فى الأمس ينددون به”.
وأردف :”لقد قلنا لمن تحمس فى البداية للنموذج المصرى هل يسركم أن تفض اعتصاماتكم بنفس الطريقة .. لا أحد يتمنى هذا فى تونس”.
وعما إذا كان لا يزال يستبعد استنساخ النموذج المصرى، وهو نفس الحديث الذى كان يردده نظام الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك حول استبعاد استنساخ الثورة التونسية فى مصر، أجاب الغنوشى :” نعم، ما زلت أستبعد استنساخ النموذج المصرى لأن الجيش التونسى جيش مهنى وبعيد عن السياسة”.
وحول احتمالية اتحاد كل أطياف المعارضة التونسية وكل أطياف المعادلة السياسية ضد النهضة بما يشكل عامل ضغط يقارب عامل قوة تدخل الجيش، قال :”عندها سنمضى إلى الانتخابات حتى تفصل صناديق الاقتراع بيننا”.
وعن مدى تأكده من تحقيق النهضة للأغلبية فى الانتخابات القادمة، قال :”ليس المهم أن تحقق النهضة الأغلبية، إنما المهم أن يفوز الخيار الديمقراطى بتونس”.
واستبعد الغنوشى أن يؤدى تباين موقفه مع موقف الأمين لحركة النهضة حمادى الجبالى والذى يقبل بحكومة كفاءات مستقلة لإدارة المرحلة الراهنة إلى وجود انشقاق داخل الحركة، وأوضح :”النهضة بها أصوات كثيرة، ولكن الموقف الرسمى هو الذى تحدده المؤسسات ويعبر عنه رئيس الحركة .. الحركة حزب متماسك والدليل على ذلك أن كتلتنا البرلمانية هى الوحيدة التى زادت ولم تنقص”.
كما استبعد حدوث ما يتردد عن انهيار تحالف الترويكا الحاكم، والذى عززته أنباء عن احتمالية قيام النهضة بإقصاء رئيس المجلس التأسيسى مصطفى بن جعفر من منصبه بعد قيامه بتعليق عمل المجلس، وقال :”مصطفى بن جعفر ركن وضلع من أضلاع مثلث الترويكا، ولا أظن أن الترويكا ستتفسخ قبل الانتخابات .. نحن ذاهبون إلى حوار وطنى والكل سيعبر عن رأيه”.
وعن نية الحركة ترشيح حمادى الجبالى للانتخابات الرئاسية القادمة عن الحركة، قال: “حتى الآن لم نقرر من سيكون مرشحنا وهل سنخوض الانتخابات الرئاسية أم لا.. ولكن فى الأغلب لن نترشح لها”.
وعن سبب طلب حركة النهضة من الاتحاد العام التونسى للشغل إدارة المفاوضات مع أحزاب المعارضة، قال: “الاتحاد منظمة كبيرة ومهمة ولها دور تاريخى يتجاوز دوره الاجتماعى، فضلا عن كونه ليس طرفا فى الصراعات السياسية .. وبالتالى هو بدوره التاريخى والاجتماعى وحياده الأنسب لإدارة الحوار مع المعارضة، كما أنه يضم فى نفس الوقت فى صفوفه كل التيارات”.
ونفى الغنوشى ما تردد عن توليه رئاسة المكتب السياسى فى تنظيم الإخوان الدولى، مشددا على أن “كل ما يقال فى هذا الشأن غير حقيقى وجزء من افتراء الإعلام المصرى”.
وأوضح: “النهضة تنظيم تونسى مستقل لا علاقة تنظيمية له بأى تنظيم بالخارج إلا فى إطار علاقات الأخوة الإسلامية العامة”.
ورفض الغنوشى تحميل المعارضة لحركة النهضة مسؤولية انتشار ظاهرة التيار السلفى المتشدد بالمجتمع التونسى وما نتج عنه من اعتداءات، وقال :”هذا كلام فارغ، فالظاهرة السلفية ليست ظاهرة تونسية بل عالمية، وحظ تونس منها ليس أكثر من غيرها”.
وحول تقييمه لوصف بعض المعارضين لحركته بـ”النكبة والنهبة” فضلا عن تحميلها بمفردها مسؤولية تدهور الأوضاع فى البلاد، قال :”هناك من يحن لعهد بن على بتونس كما يحن بعض المصريين لمبارك .. وهذا كلام فارغ وتعبير عن انحطاط لغة الخطاب فى مواجهة الخصم .. هؤلاء تنافسوا معنا من قبل وكانت أنصبتهم زهيدة ولذا لا يراهنون على صناديق الاقتراع وإنما على الفوضى والانقلاب، ولذا صفقوا للانقلاب الذى حدث بمصر”.