الرؤيا الصادقة وكشف الأولياء
الرؤيا الصادقة تتميز بالوضوح وهى مبشرة غالبا ولا ترتبط بذكريات سابقة، بخلاف الحلم الذى هو من تفزيع الشيطان، فإنه مجرد تخويف وتفزيع ،فقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم ):(لا تخبر بتلاعب الشيطان بك ) والرؤيا التى تحتاج إلى تعبير فليست من باب الكشف، لأنها رموز تحتاج لتأويل كرؤيا سيدنا يوسف وهو صغير فقد رمز فيها لإخوته بالكواكب ورمز فيها لأبويه بالشمس والقمر.
أما الكشف فهو نوع عال من الرؤيا وهولا يحتاج إلى تعبير لأن الرائى يرى فى منامه الأشياء على ما هى عليه كمن يرى فى منامه أن أخاه قد حضر لزيارته وقدم له طعاما معينا وفاكهة برتقال مثلا فيرى فى اليقظة نفس المنظر، الذى رآه سابقا فى منامه.
وإلى ذلك الإشارة بقول الله تعالى (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون )صدق الله العظيم وكان الرسول قد رأى فى المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة.
فلما ساروا بعام الحديبية للعمرة حسب رؤيا الرسول، صلى الله عليه وسلم، ومنعوا من دخول مكة، وتم عقد صلح الحديبية على أن يعود المسلمون للعمرة فى العام المقبل عجب الصحابة من ذلك.
فصرح القرآن الكريم بأن رؤيا الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق وستقع ولكن وقت تحقيقها هو العام المقبل بعد صلح الحديبية، ولم يتحدد فى رؤياه، صلى الله عليه وسلم، ميعاد عمرته هو وأصحابه.
ورؤياه هذه من باب الكشف الكامل التى لا تحتاج لتعبير، وكلما كان الإنسان صادقا مع الله محبا وذاكرا لله فى كل وقت قياما وقعودا وعلى جنبه ويفكر فى خلق السموات والأرض، ويتوب إلى الله العلى القدير، ويبتعد عن المعاصى والآثام التى تغضبه كانت رؤياه صادقة ويكشف له الله بعض الأسرار التى تطمئنه وتعينه فى الاستمرار فى الحياة، والخروج من أزماتها وعثراتها، وأن يكون فى كنف الرحمن يحيا بالله ولله.
ولكن هل يحسد الإنسان على رؤية رآها؟
نعم قد يحسد الإنسان على الرؤية التى يراها إذا فهمها من سمعها ولم يذكر اسم الله عز وجل عند سماعها قال تعالى مشيرا إلى ذلك على لسان نبيه ورسوله سيدنا يعقوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ( إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين قال يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين .)يوسف الآية 5.4 يقول ابن كثير فى تفسيره فخشى يعقوب عليه السلام أن يحدث بهذا المنام أحدا من إخوته فيحسدونه على ذلك.
ومن آداب التعبير أن يقول السامع للرؤية عندما تقص عليه ( خير لنا وشر على أعدائنا )
ويقول الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، ( الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب.
وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره) فالرؤيا الحسنة لا نحدث بها إلا الأحباء فقط والرؤية المزعجة تكون للإنذار فقط ليرجع الإنسان إلى ربه فلا ننزعج منها، ونسأل الله العلى القدير أن يصرفها عنا ونتصدق على الفقراء والمساكين ونرجع إلى طاعة الله مولانا وحبيبنا فيصرفها عنا، إن شاء، ولا نحدث بها أحدا ولن تضرنا بإذن الله وفضله ومنه وكرمه.