يا كاتبى الدستور
التشريعات القانونية الخالدة … أو هكــذا يظنون ! !
المتابع للأحداث اليومية سيكتشف سريعا مغزى عبارتى الاستفتاحية، والغائبون عن الحياة سيغادرون سريعا وبعيدا عن هذا المقال.
فالوطن هذه الأيام يعيش حالة من الترقب بمزيج الدعوات والابتهالات للجنة المائة ( صانعة الدستور الجديد ) لتسديد خطاهم نحو كتابة دستورا خالدا أبد الدهر … صامدا … متوافقا …. شاملا …. وكاملا .
فلقد شمر الصائغون سواعدهم وأمسكوا بتلابيب أفكارهم وتوجهاتهم للإتيان بنصوص قانونية قابلة لتحدى الزمن …. وكأنهم فى سباق لتسطير أول معجزة تشريعية تعبر بالحياة الانسانية نحو المأمول.
لا أريد أن أقلل من أهمية الدستور القادم للبلاد .. كما لا ينبغى أن نزايد على عقول ذوينا وأقراننا من المواطنين ساكنى دروب هذا الوطن .. وإيهامهم أن الدستور القادم هو ملاذهم الأخير.
كل القوانين تتغير وكذلك الدساتير وكاتبيها سيفنون حتما ،
وسيكتب ألف .. ألف دستور جديد ، طالما ظل الضجيج يملئ الحياة .
فلا بـد أن نعمل سويا على إيفاد رسائل عاقلة لمن وكلوا لنا أمور حياتهم كلها ، نعبر فيها عن طموحاتهم بقدر ما نحترم به عقولهم ، وإيضاح حقيقة هذه المرحلة التى تمر بها البلاد ومدلولاتها بكل ما تحتويه من مؤامرات وابتلاءات وكثيرا من الدعاوى الصادقة أحيانا.
فلجنة المائة “صانعة الدستور” أثــق بوطنيتهم قبل أن أعرف أسمائهم .. وتلك حقيقة لا أحتاج إلى برهانها … وكيف لا وغالبيتهم قد اختارهم هذا الشعب الأبى.
فإذا كان الأمر كذلك فلما التخوف ؟ وما جدوى هذا المقال؟ التخوف يكمن فى تخبط التصريحات الإعلامية الملاحقة لتشكيل اللجنة، ومحاولة إثارة حفيظة الرأى العام من خلال إيهامه أن الدستور القادم سيظل خالدا مدى الحياة وسيلتصق بمصيرنا بلا مفر ولا منجى منــه.
أما عن جدوى مقالى فيطيب لى أن أوضح حقيقـة مفادهــا أن الشعب أصبح الآن ناضجا بما يكفى، ويكفى للجميع عند هذا الحد من المزايدة عليــه، لأنه يستطيع فى طرفة عين أن يوقظنا جميعا من سباتنا العميق!