تقارير وتحقيقات

رويترز: تصريحات السيسى تؤكد نجاحه فى مواجهة الإسلاميين بسلاحهم..

لجأ عبد الفتاح السيسى المتوقع على نطاق واسع أن يصبح رئيسا لمصر إلى محاربة الإسلاميين بسلاحهم، فقد حرص السيسى فى أحاديثه فى الفترة الأخيرة على الدعوة للدفاع عن صورة الإسلام الصحيح حتى فى ذروة صراع الدولة المصرية مع جماعة الإخوان المسلمين، وكشف عن تدين شديد ربما يهيئ الساحة لصراع عقائدى طويل مع الإسلاميين.

واستهدف قائد الجيش السابق – الذى أطاح بالرئيس الإخوانى محمد مرسى ومن المتوقع أن يفوز فى انتخابات الرئاسة التى تجرى هذا الشهر – الأسس العقائدية للجماعات الإسلامية، واتسمت نبرته فى حديثه للمصريين بالورع وشدد على أن الخطاب الدينى يكبل مصر ويحول دون انطلاقها.

وقال فى أول مقابلة تلفزيونية له أذيعت يوم الخامس من مايو آيار “أنا أتصور أن الخطاب الدينى فى العالم الاسلامى بالكامل أفقد الإسلام إنسانيته. إحنا بالنسبة للعالم الإسلام… الأمر محتاج مننا ومن كل الحكام أن يراجعوا مواقفهم لأن إحنا هنقف قدام الله سبحانه وتعالى ويقول لنا أنتوا قدمتونى للناس إزاى”.

ومع كثرة الإشارات الدينية فى حديثه ربما يتضح أن السيسى أكثر تقوى ظاهريا من أى من القادة ذوى الخلفية العسكرية الذين حكموا مصر منذ قيام ثورة 1952.

ولا يعنى هذا أنه سيخلط الإسلام بالحكم فى دولة كان للدين دور رئيسى فى صياغة قوانينها وثقافتها منذ زمن بعيد. وقال السيسى إنه لا يوجد شىء اسمه الدولة الدينية وتحدى بذلك أحد الأسس الرئيسية لفكر الإسلاميين، لكن من المؤكد أنه سيعمل على حماية الدور الذى يلعبه الدين فى الحياة العامة وربما يعمل على توسيعه.

وفى حين تحاول السلطات الحد من نفوذ الإسلاميين بتشديد الرقابة على المساجد فإن السيسى قد يعمل فى حالة فوزه بالرئاسة على تعزيز دور الإسلام غير السياسى الذى تدعمه الدولة.

وقال خليل العنانى الخبير فى الحركات الإسلامية بجامعة جون هوبكنز فى الولايات المتحدة “هو يحاول أن يحل محل الإسلاميين ويرد على حجج الإخوان المسلمين أنه معاد للإسلام.”

وأضاف “ثمة جانب دينى فى شخصيته وفى الوقت نفسه هى أداة سياسية لتعزيز شعبيته وشرعيته بين المصريين المحافظين، وتابع “لديه رؤية دينية من نوع ما للمجتمع.”

وشبه البعض السيسى بالرئيس الراحل أنور السادات الذى اغتاله متشددون إسلاميون عام 1981 وكان معروفا عنه التدين وأطلق عليه وصف الرئيس المؤمن. ومثل السادات تبدو على جبهة السيسى (زبيبة) من أثر السجود. كما ترتدى زوجة السيسى الحجاب.

* الانقلاب على الإخوان

وقد شجعت صفة الورع التى عرف بها السيسى جماعة الإخوان المسلمين على الاعتقاد أنه الرجل الذى يمكن التعويل عليه بعد أن عينه مرسى قائدا للجيش فى أغسطس عام 2012. لكن السيسى كشف عن آراء مناهضة لفكر الإخوان بشدة بعد عزل مرسى فى أعقاب احتجاجات شعبية على حكمه بعد ذلك بأقل من عام.

وعاب السيسى على الجماعة فكرها وقال إنها تزعم امتلاك الحقيقة المطلقة وتسعى لتقديم فكرة الدولة الإسلامية على مصر، وفى المقابلة التلفزيونية قال السيسى إن الجماعات التى تتبنى العنف هى ستار للإخوان. ولم يرد الإخوان على هذه الاتهامات التى ساقها السيسى الذى تعتبره الجماعة العقل المدبر لانقلاب دموى. وتصر الجماعة التى يقبع معظم قادتها خلف القضبان فى السجون أنها ملتزمة بالعمل السلمى.

وعلى مدى عشرات السنين ظلت الجماعات الإسلامية الساعية لصبغ الحكم برؤيتها للإسلام شوكة فى خاصرة الدولة. ومنذ عزل مرسى واجهت الدولة أسوأ موجة عنف من جانب الإسلاميين منذ التسعينات.

ولقى مئات من رجال الشرطة والجيش مصرعهم فى هجمات تصاعدت فى العام الماضى بعد حملة عنيفة شنتها الدولة على أنصار مرسى وقتلت فيها المئات منهم. وقال السيسى إنه تم اكتشاف محاولتين لاغتياله.

وفى أحد اللقاءات التى عقدها السيسى فى الفترة الأخيرة قال إن “قطاع السياحة أضير على مدى 50 عاما مضت بشكل متواصل نتيجة الخطاب الدينى غير المرتبط بمفاهيم وتطورات العصر حيث تعرضت السياحة لضربات مختلفة خلال تلك الفترة. وكلما كانت تحاول النهوض تتعثر مرة أخرى.”

ودعا السيسى إلى “ضرورة أن يكون هناك خطاب دينى مستنير لحماية المجتمع من الأفكار الدخيلة. وهذا أمر سيأخذ وقتا طويلا حتى نتمكن من معالجته وتجاوز سلبياته.”

وطالب السيسى علماء الدين بتفسير الإسلام بما يواكب العصر، وقال إن الخطاب الدينى تجمد لمئات السنين.

كما قال إن دور العبادة يجب أن تلعب دورا فى إصلاح المشاكل الأخلاقية فى مصر وإن القرارات الصائبة يجب أن تنسجم مع المجتمع وأحكام الدين.

*النشأة فى القاهرة الإسلامية

ووصفه الإعلامى ياسر عبد العزيز الذى التقاه وتابع تعليقاته عن الدين بأنه مسلم معتدل يختلف منهجه تمام الاختلاف عن المذهب الوهابى السائد فى السعودية.

وقال إن السيسى سيعزز “دور الخطاب الدينى فى المؤسسات العامة والحياة العامة.” لكنه لن يخلط الدين بالحكم.

وأضاف “إنه يرى الإسلام قوة للخير والعمل”، وربط السيسى رؤيته للدين بطفولته ونشأته فى حى الجمالية بقلب القاهرة الإسلامية. وقال إنه يتذكر كيف كان المسيحيون واليهود يمارسون شعائرهم الدينية دون أى عوائق وأشار إلى تأثره بشيوخ الإسلام أمثال الشيخ محمد متولى الشعراوى الذى كان يستمع إليه فى صغره.

كما أشار البعض إلى تأثير مفتى مصر السابق على جمعة على السيسى. فقد أظهرت لقطات مسربة أن السيسى كان حاضرا وسط جمع من ضباط الجيش العام الماضى قال فيه جمعة إن رجال الأمن الذين يقتلون متشددين أو يقتلون على أيدى المتشددين مآلهم الجنة، و”جمعة” صوفى شأنه شأن الكثير من الشخصيات الدينية فى مصر.

وتكهن البعض أن السيسى ربما كان ينتمى إلى أحد الطرق الصوفية بعد أن ظهر تسجيل يتحدث فيه عن أنه شاهد رؤى وأن السادات قال له فى أحد أحلامه إنه يعلم أنه سيصبح رئيسا فى يوم من الأيام.

والتقى السيسى بقيادات مشايخ الطرق الصوفية فى أحد لقاءاته بعد أن استقال من منصب وزير الدفاع وقائد الجيش فى مارس آذار. وأعلن المشايخ تأييدهم للسيسى رئيسا لمصر، وقال السيسى فى لقائه بوفد الطرق الصوفية “يارب يكون لينا أجر إن إحنا حمينا الناس فى مصر وحمينا الإسلام كمان.”

ويتهم أعضاء فى جماعة الإخوان السيسى باستغلال الدين لأغراض سياسية وهى عينها التهمة التى توجه إلى الجماعة، وقال عضو بالجماعة طلب عدم نشر اسمه “استغل الدين ليبيح سفك الدماء وأتى بالشيوخ لتبرير القتل. هو يريد فقط أن يجعل الدين صلاة وصوما.”

وفى حين أن الجماعات الإسلامية فى مصر تشترك مع الإخوان فى معارضتها للسيسى فقد حاز السيسى تأييد حركة الدعوة السلفية عندما عزل مرسى من منصبه.

وسمح لحركة الدعوة السلفية وذراعها السياسى حزب النور بمواصلة أنشطتهما على النقيض من بقية الحركات الإسلامية.
وقال الشريف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية فى القاهرة “السيسى مهتم شخصيا بالاستلام الصحيح… وتقويض الحركات الإسلامية.”

وأضاف “هذا جزء من رؤيته: تصحيح الدولة للرؤية الإسلامية لتصحيح كل الأخطاء والشرور وانتهاكات الحركات الإسلامية فى مختلف أنحاء العالم.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى