العنف الأسري.. طريق الأطفال إلى الشارع
يعد العنف الأسري من القضايا التي تؤرق المجتمعات، بما تخلفه من آثار على الأفراد نتيجة الاعتداءات المادية والمعنوية التي تمارس داخل الأسرة وترتكب اتجاه أي فرد ولاسيما الأطفال والنساء.
ومن أهم السلبيات التي يتسبب فيها العنف الأسري ظاهرة “أطفال الشوارع”، فرغم اشتراك عدة أسباب في هذه السلبية، إلا أن الخلافات والمشاحنات المستمرة بين الزوجين، وانفصال الزوج عن الزوجة تعد من الأسباب الرئيسية لظهور أطفالالشوارع. عصا حديدية
ولعل أبرز حوادث العنف التي حدثت على مدار العام الماضي، قيام أب بضرب ابنته التي تدعى “ندى.ر.ح” 4 سنوات بعصا حديدية لتأديبها لكثرة بكائها، فحدثت إصابتها وفوجئ بوفاتها فقاما بنقل الجثة والتخلص منها.
كما عرض برنامج ” الحياة اليوم”، حادثة الطفلة سارة التي اتهمت والدها بتعذيبها، وإصابتها بعاهة مستدميه في وجهها لأنها أكلت قطعة من ‘’الكفتة’’ في الفرن، وقالت سارة من خلال حوارها للبرنامج ‘’بابا ضربني عشان أكلت صباح كفتة، رغم إن فيه 4 صوابع كفتة في الفرن، وبعدها حدفني في الأرض’‘.
وتابعت: ‘’ولما وقفت بدأ يضربني الحائط وقالي إن الكفتة ناقصة قطعة، انتي أكلتِ من الكفتة دي من غير كذب ولو كذبتِ هايبقى فيها ضرب، لذلك قلت له أيوة يا بابا وبدأ يضربني، في ثاني يوم مسكني ضربني بالعصا على يدي أكتر من مرة، وبعدها بكيت وخفت منه أنه يفكرني بحاجة أنا عاملها ويضربني عليها’‘.
ولتأتي المأساة الثانية وهي قيام أب بتعذيب نجله بمساعدة زوجته باستخدام أساليب غير آدمية كالكي بأسياخ الحديد المحمية بالنار والكهرباء عقابا له على مشاجرته مع أحد زملائه، بكفر الدوار بالبحيرة.
فيما قتل أب ابنته البالغة من العمر عامين ونصف، بمركز دار السلام، في محافظة سوهاج، بعد أن أخذها من طليقته، حيث ظل يضربها ضربًا مبرحًا حتى الموت، مستخدما صاعق كهرباء وإطفاء السجائر المشتعلة بجسدها حتى تُوفيت من الألم.
فيما أثار مقطع فيديو نُشر على موقع “يوتيوب” يظهر ضرب أطفال وتعذيبهم في جمعية مكة المكرمة لرعاية الأيتام بالهرم ردود فعل، وقد أظهر الفيديو شخصا يضرب أطفالا ويشتمهم ويركلهم بوحشية، غير مبالٍ بصراخهم وتوسلاتهم إليه ليسامحهم.
وعلى إثر الحادثة قرر الدكتور علي عبدالرحمن، محافظ الجيزة، حل مجلس إدارة الجمعية وتكليف لجنة مؤقتة للإدارة لمدة ثلاثة أشهر، لحين تسوية الأوضاع المالية والإدارية.
ذئاب بشرية
وأب تجرد من مشاعر الإنسانية والرحمة، وعاشر ابنته الجامعية أكثر من مرة لمدة 3 سنوات في غياب والدتها عن المنزل، ولم فُضح أمره فرّ هاربا.
فيما عاشر أب ابنته الكبرى، معاشرة زوجية بمسكنه بمنشأة ناصر، بعد انفصاله عن زوجته، بالإضافة إلى ذلك أجبرها على ممارسة الرذيلة والنوم في أحضان صديقه بمنزله، وعندما اعترض إخوتها الأصغر منها هددهم بالطرد من المنزل أو القتل في حال عصيان أوامره.
ولتأتي الكارثة الكبرى وهي حمل طفلة من أبيها وعندما عادت لاحظت الأم مرض ابنتها قامت بتوقيع الكشف الطبي عليها لتكتشف الكارثة بأن فلذة كبدها حامل، وعندما سألت طفلتها أخبرتها بأن والدها تعدى عليها أكثر من أربع مرات لتسرع بتقديم بلاغ ضد الأب بقسم الشرطة.
أطفال بلا مأوى
الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، قالت إن الحكومة المصرية والوزارة، لا تستطيع مواجهة ظاهرة أطفالالشوارع بمفردها، مؤكدة ضرورة التكاتف من قبل المجتمع المدني ووزارة التعليم والصحة ووزارة الشباب والرياضة بالإضافة إلى وزارة العدل لعمل حزمة من التشريعات، التي تدين الأسرة في حالة ممارسة العنف ضد أبنائها.
وأضافت “والي” في تصريحات لشبكة الإعلام العربية “محيط”، أن الوزارة وضعت برامج تربوية للتعامل مع «أطفال الشوارع» مجهولة النسب، مشيرة إلى أنه سوف يتم إلحاق هؤلاء الأطفال بدار رعاية مع تهيئة الحالة النفسية، وصناعة أسرة له.
وأشارت إلى أن عدد أطفال الشوارع الذين تم حصرهم يبلغ 16 ألف طفل على مستوى جمهورية مصر العربية وفقا لبحث الذي أعدته لجنة بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية، والذي ارتكز على معرفة انتماء هؤلاء الأطفال لوطنهم أم لا، وما يطلبونه من متطلبات آنية لرجوعهم لأسرهم.
وأكدت “والي” أن هدف الوزارة، حماية وتأهيل ودمج «الأطفال بلا مأوى»، وتوفير فرص عمل لهم بعد تركهم لدار الرعاية، مضيفة أنه يجب معالجة أساس المرض وليس الأعراض، وذلك عن طريق برنامج تكافل الأسر بمبلغ ثابت، بالإضافة إلي تخصيص مبلغ لكل طفل ما زال بالمرحلة التعليمية، أي دعم مادي مشروط، مع توفير فرص عمل للأسرة.
من جانبه، أوضح الدكتور علي ليلي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الأسرة يجب أن تتمتع باللين والدفء العائلي فإذا سقط، فإن من المتوقع أن يلجأ الطفل إلى الشارع الذي يصبح البيئة البديلة له، وذلك هربا من المعاملة القاسية التي يتلقها من أهله.
وأضاف “ليلي” في تصريحات لشبكة الأعلام العربية “محيط”، أن الأب في الغالب هو الذي يعامل أولاده بقسوة نتيجة تعرضه للعنف في الصغر الأمر الذي ينتج لنا سلالة من العنف الأسري التي تؤدي في النهاية إلى وجود أطفال الشوارع، مضيفا أنه يجب على الأسرة أن تلجأ إلى وسائل العقاب مثل الحرمان من الشيء المفضل أو الخصام وآخر شيء الضرب على أن يكون ليس موجعا.
وأشار إلى أن الأب الذي يعاشر ابنته مريض نفسي ومختل عقليا، ولعل الأمر يرجع إلى أن الحياة أصبحت مليئة بالأفلام الإباحية والإعلانات التي تذاع على الفضائيات، فأصبح لا يوجد تأكيد على القيم الدينية والاجتماعية، كما أن المحيط العائلي غير آمن الأمر الذي يجعل الفتاة تلجأ إلى الشارع بعد تعرضها لتحرش أو المعاشرة الزوجية من قبل أبيها.
تعاليم الإسلام
فيما أوضح الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، أن التعاليم الإسلامية حثت على حسن تربية أبنائنا عن طريق حديث الرسول صلي الله عليه وسلم “لموهم لسبع واضربوهم لسبع وصاحبوهم لسبع ثم اتركوا لهم الحبل علي الغارب”، لافتا إلى أن الرسول لم يضرب خادم أو أو أحد أبنائه.
وأضاف، أن الحالة الاقتصادية من أسباب انتشار أطفال الشوارع، فأصبح الأب لا يستطيع توفير قوت يوم أطفاله فيطلقهم يسرحون في الشارع أو أنه يقوم بالضرب والعنف لعدم مقدرته على تحمل الظروف الصعبة التي يمر بها، بالإضافة إلى عدم وجود توعية من قبل المدرسة وازدياد حالات العنف، الأمر الذي يدفعهم للتسرب من التعليم والأسرة واللجوء للشارع.
أما هاني هلال الأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل، فقال إن العنف الأسري أو المدرسي وراء ظاهرة أطفالالشوارع، فمن خلالهما يلجأ الطفل إلى الشارع لكي يجد مأوى يحتمي فيه.
وأشار هلال إلى أن هناك في قانون الطفل بند يحث على وجود لجان لحماية الأطفال في كل أحياء مصر.