أطفال الشوارع قنابل على وشك الانفجار.. وخبراء: زواجهم أزمة
أطفال الشوارع مشكلة تؤرق المجتمع نظاما وأفرادا، فهؤلاء يعيشون في عالم خاص بهم بتقاليد وظروف وطريقة مختلفة عن الجميع وتأتي قضية زواجهم الذي لا يعتبر زواجا رسميا، بالشكل المتعارف عليه، أزمة يعجز الجميع عن حلها، حيث أكد عدد من المتخصصين في هذا الشأن أن زواج هؤلاء يعقد أزمة وينتهك حقوق الأطفال الذين أتوا من هذا الزواج.
مجتمع خاص
وقالت الدكتور عبلة البدري أمين عام جمعية الأمل لأطفال الشوارع، إن هؤلاء الأطفال نجحوا في أن يخلقوا مجتمعهم الخاص وشكلوا الأسر التي افتقدها معظمهم، مضيفا أنهم كونوا أجيالا لها نفس الظروف وكلهم يتركون نفس التأثيرات السلبية على المجتمع.
وأضافت “أغلبهم لا تصدر لهم شهادات ميلاد ولا يوجد ما يثبت نسبهم وهذا يعتبر قضية أمن قومي لوجود مواطنين غير مسجلين أو لهم هوية ويرتكبون الجرائم وينخرطون في انحرافات”، موضحة أنه يجب الآن النزول لأماكن تواجدهم وإقناعهم بالإقامة في دور الرعاية وتزويجهم بشكل رسمي”.
وأكدت أن تحجيم قضية أطفال الشوارع يأتي بتضافر جهود الجمعيات الأهلية وألا تعمل أي منهم في معزل عن الأخرى، وأنه يجب وضع سياسة اجتماعية واضحة لمساعدة المهمشين لتحقيق الاستيعاب داخل الأسرة وحماية أطفالها من الهرب، مضيفة أن تحقيق التكافل الاجتماعي وعدالة التوزيع هو شرط أساسي.
عملية معقدة
وأوضحت أن “القضية معقدة وتحتاج لتوفير احتياجات الأسر وتوفير أماكن بديلة لحل مشكلة العشوائيات” ، مؤكدة أن زواجهم عملية لا يمكن ضبطها فهي جزء من معيشتهم وأنه ليس زواجا بالشكل المتعارف عليه وإنما هي اعتداءات واغتصابات تُعقّد عملية رصد الأطفال وإثبات نسبهم.
وأضافت: تعاملت مع حالات اغتصاب وفتحنا مركزا متخصصا لتأهيل الضحايا حرفيا واستخراج أوراق الثبوت لهم لكن هناك صعوبة في متابعتهم، قائلة “هناك قانون الطفل الصادر عام 2008 يعطي للأم حق إثبات الطفل واستخراج شهادة ميلاد له حتى وإن كان الأب مجهولا لكن لا يوجد تفعيل لهذا القانون”.
من جانبه، أكد محمود بدوي رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث أن فكرة زواج أطفال الشوارع لا تندرج تحت المسمي الرسمي للكلمة وإنما هي علاقات لا تخضع لأي قواعد أو إشراف من أي نوع سواء الدولة أو الأسرة بل هم من يضعون قواعدهم الخاص بهم وقد أوجدوا جيلا ثانيا وثالثا منهم، وهؤلاء هم الأخطر في المرحلة المقبلة.
وأضاف أن الجيل الناتج عن هذا الزواج يعقد حل المشكلة لأنهم أطفال نشأوا في الشارع وقد لا يعرف كثير منهم والده أو والدته، مضيفا أن هؤلاء هم ضحايا ويتعرضون لجرائم الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، معتبرا أن ما طرحه البعض من مبادرات مثل خضوع هؤلاء الأطفال لتدريبات في جمعيات خاضعة لإشراف القوات المسلحة فكرة جيدة.
وقال بدوي إنه يجب على الدولة وكل جمعيات المجتمع المدني المعنية بتلك القضية أن يضعوا أطروحات قابلة للتطبيق على أرض الواقع، مضيفا “وزارة التضامن الاجتماعي حاليا تعمل بشبه تكليف رئاسي وقد نرى نتائج في المرحلة القادمة نتائج ملموسة لأن هناك تضافر بين الوزارة والمنظمات المعنية تعمل على ذلك الملف ونأمل إلى ترجمة ذلك بشكل حقيقي في الواقع”.
إشكاليات الحصر
”هناك بدايات حاليا تتمثل في إعادة تقييم كل المؤسسات العاملة في مجال رعاية الأطفال وتوضع ضوابط للعمل بها ومدى خبرة الناس والبنية التحتية للمؤسسة ككل” وفقا لما قاله رئيس الجمعية المصرية لرعاية الأحداث، مشيرا إلى أهمية فكرة التواصل الإنساني مع هؤلاء الأطفال وعدم نهرهم لكي لا يشعر بكره المجتمع له وينتج عنه بعدها سلوك عدواني.
محمود بدوي أشار في هذا الصد إلى أن فكرة الإيداع في دور رعاية الغرض منها هو إعادة تأهيل الطفل والخضوع للقياسات والاختبارات النفسية لكن على أرض الواقع يحدث العكس تمام فقد يتم إيداع طفل مع آخرين لهم خبرات إجرامية متقدمة ويحتك بهم ليتعلم أشياء أخطر.
وتابع أن حصر أعداد هؤلاء الأطفال إشكالية كبرى، وأن بعض الجهات والمنظمات تقدم أرقاما مغلوطة عن أعدادهم، مضيفا أنه وفقا لآخر حصر سليم سيعلن عنه قريبا فإن أعدادهم لن تتجاوز حاجز الـ20 ألف وهذا هو الرقم الأقرب للدقة، معتبرا أن فكرة الوصم الاجتماعي بأن هؤلاء هم أطفال شوارع هي أخطر ما يكون لأنها تهدم كل ما يتم إحرازه من تقدم في هذا الصدد .