ليبيريا.. يتامى «الإيبولا» مشتتون بين التبني ودور الرعاية
يدور جدل حاد في ليبيريا بين الحكومة، ودور رعاية الأيتام حول مصير الأطفال، الذين فقدوا آباءهم، خلال تفشي وباء “إيبولا” المميت، فبينما تري الحكومة أن الخيار الأمثل لهؤلاء هو إسكانهم مع عائلات كفيلة، يحذر الطرف الثاني من أن الأسر البديلة عادة تلجأ إلى استخدام الأطفال في الشحاذة أو الاتجار بهم.
وإحدى هؤلاء المشردين، “لوربو غايفلور” (20 عاما)، التي تعتبر نفسها محظوظة، بعد أن عثر أشقاؤها اليتامى الستة على أماكن في دار رعاية الأيتام المحلية بعد وفاة والدهم الأرمل جراء الإصابة بفيروس “إيبولا”.
“دار الرعاية مناسبة لإخواني وأخواتي، لأن والدي وافته المنية أثناء أزمة إيبولا”، هكذا استهلت “غايفلور” حديثها لوكالة “الأناضول.”
وبعد وفاة والدهم، عثر أشقاء “غايفلور”، على مأوى لهم في “مؤسسة بقاء الطفل”، وهي مبادرة مجتمعية تحت إشراف أحد رجال الدين للأيتام.
وقالت “غايفلور” إن دار رعاية الأيتام جنبتها تحمل مسؤولية الوالدين في سن مبكرة، حيث يتلقى إخوتها الآن التعليم ابتدائي مجاني في مدرسة رياض الأطفال بدار رعاية الأيتام، الذي توفر أيضا لهم التغذية اليومية.
“غايفلور”، التي تسعى الآن لتحقيق حلمها، بأن تصبح مضيفة جوية بالدراسة في مدرسة الخطوط الجوية، أضافت “ليس لدينا من يدفع الرسوم المدرسية لأشقائي، لذلك تساعدهم مؤسسة بقاء الطفل، مجانا وأنا سعيدة من أجلهم”.
ورغم ذلك، أعربت عن استيائها إزاء التصريحات المتكررة، التي أدلى بها مسؤولون حكوميون، بأن الحكومة تساعد الأطفال الذين تيتموا بسبب فيروس “إيبولا” في الحصول على حياة جديدة وتلقي التعليم.
وأضافت “منذ افتتاح المدرسة، لم نسمع من الحكومة حتى الآن”.
وتستضيف “مؤسسة بقاء الطفل” 24 طفلا من الذين فقدوا آبائهم بسبب تفشي “إيبولا”، فيما يعرب رئيس المؤسسة الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس “الاتحاد الوطني لدور رعاية الأيتام، ومؤسسات رعاية الأطفال في ليبيريا” عن مخاوفه من أن خطط الحكومة لنقلهم إلى منازل تبني مؤقتة “كفالة أو رعاية تبني.”
وفي حديث لوكالة الأناضول، تساءل رئيس المؤسسة، القس “أوثيلو فيندلي”، “كيف يمكن أن تُسكن الأطفال وسط أسر، لا تملك بالفعل ما يكفي لأنفسها في بلد منكوب بالفقر”.
وأعرب رجل الدين وفاعل الخير، عن مخاوفه من أنه عندما يتم دمج أيتام “إيبولا” وسط الأسر، ثمة احتمالات كبيرة بأن يعاني الأطفال سوء المعاملة، وعدم وجود فرص كافية للتعليم، ويمكن استغلالهم لبيع السلع في زوايا الشوارع.
في ليبيريا، تتجه كثير من الأسر الفقيرة إلى استغلال أطفال، لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات لتوفير الطعام والمال للأسرة من خلال بيع البسكويت والمياه وغيرها من السلع في الشوارع.
وقال “هنا تكمن مشكلتنا، والحكومة تقول إنه لا ينبغي أن نأخذ هؤلاء الأطفال إلى دور (رعاية)، بشكل دائم ولكن كيف سيجرون تقييما كاملا لرعاية هؤلاء الأيتام؟”.
ورأى، “فيندلي” أن الحكومة يجب أن تولي مزيدا من الاهتمام لإلحاقهم على الفور بالمدارس، وتوفير الدعم اللازم لدور الرعاية.
وأضاف “في كل مرة نحن (اتحاد دور رعاية الأيتام) نتوجه لعقد لقاء مع الحكومة، لا يخبرونا كم من هؤلاء الأطفال تم إلحاقهم بالمدارس”.
ووفقا للقس، فقبل تفشي “إيبولا”، كان يتواجد 2850 يتيما في جميع أنحاء البلاد موزعين على 74 دار أيتام، ولكن المرض الفتاك زاد الأمور سوءا، ما تسبب في زيادة أعداد الوافدين على مؤسسات رعاية الأيتام التي تعاني بالفعل.
وتابع: “قبل تفشي إيبولا، كان لدينا أكثر من 2000 يتيم، قبل أن يضيف الفيروس 3192 آخرين، ونحن كمؤسسات رعاية أطفال نسأل بشأن ما الإجراء الذي سيتخذ مع هؤلاء الأطفال؟”.
وبحسب تقرير المنظمة الصادر في 5 مايو/ أيار الجاري، فقد سجلت منطقة غرب أفريقيا، وتحديداً في الدول الثلاث الأكثر تضررا (غينيا وسيراليون وليبيريا)، ما لا يقل عن 26 ألف و628 حالة إصابة بـ “إيبولا”، و11 ألف و20 حالة وفاة، وذلك منذ نهاية 2013.
وأعلنت المنظمة، فى 9 مايو/ أيار الجاري خلو ليبيريا تمامًا من فيروس “إيبولا”، وذلك بعد مرور 42 يومًا على دفن آخر حالة مؤكدة مصابة بالمرض، وهو معيار انتهاء أي تفشٍ للوباء القاتل.
و”إيبولا”، هو من الفيروسات القاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات المحتملة من بين المصابين به إلى 90%؛ جراء نزيف الدم المتواصل من جميع فتحات الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس.
وفي المقابل، دافعت الوزارة المسؤولة عن حماية الأطفال، عن خطتها، وأشارت إلى أنها تبذل قصارى جهدها لتقديم المساعدة للأطفال الذين تيتموا بسبب فيروس “إيبولا”.
وفي تصريح للأناضول، قالت ليديا ماي شيرمان، نائب وزير شؤون الجنس والأطفال والحماية الاجتماعية، بالنظر إلى التجارب السابقة السلبية، التي شهدنها في الماضي مع دور الأيتام، طلبنا أن لا تدخل أي دار أيتام أي من أيتام إيبولا”.
ووفقا لشيرمان، سجلت الوزارة بدعم من الأخصائيين الاجتماعيين في جميع أنحاء البلاد، أن إجمالي 4539 طفلا أصبحوا يتامى وتضرروا من “إيبولا”، استفاد منهم 1562 طفلا من برنامج المساعدات النقدية التي ترعاه منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، العديد منهم، تم تسكينهم مع أسر حاضنة.
وأضافت أن كل طفل متضرر، تلقى مبلغ 150 دولار من خلال أسرته الحاضنة من أجل الطعام والرعاية الاجتماعية، و”الناس يقولون إننا لا نفعل شيئا، وهذا ليس صحيحا. حيث تلقى 1562 طفلا على الأقل مخصصاتهم”.
ولكنها، أقرت أنه على الرغم من تلقي هذا المبلغ، تم اكتشاف أن بعض الأسر لا تستخدم المال بحكمة.
وتابعت معربة عن أسفها: “هناك عائلة لديها 36 طفلا متضررا، حصل كل منهم 150 دولار، ولكن عندما قمنا بزيارة المنزل، وجدنا أنه على الرغم من الأطفال يبدون في صحة جيدة
ومظهر حسن، سقف المنزل في حال يرثى لها، ما يؤدي لسقوط المياه من أعلى عندما تمطر”.
ومضت قائلة: أنا مستاء للغاية! ماذا فعلوا بالمال عندما تلقوا ما مجموعه 5400 دولار عن 36 طفلا”.
وعندما سئل عن سبب عدم استخدام المال لإلحاق الأيتام بالمدارس، أشارت إلى أن هذه ليست الخطة، حيث “لا تمنح يونيسيف هذه الأموال للتعليم”.
ولم تكشف المسؤولة الليبيرية النقاب عن عدد الأيتام الذين تم تسكينهم لدى أسر حاضنة لكنها قالت إن التقييم مستمر في حين أن بعض أيتام “إيبولا” يجري حاليا استضافتهم
من قبل مواطنين حسني النية، وأقارب.
ويستهدف برنامج “يونيسيف”، 8000 طفل من أجل الاستفادة من حزمة مالية، حيث أشار ممثلها القُطري إلى أن دعم المنظمة الحكومة الليبيرية، لا يهدف إلى وضع الأيتام “إيبولا” في دور الأيتام.
وقال المسؤول الأممي، شيلدون يت، لوكالة الأناضول: “نمول الحكومة لرعاية أيتام إيبولا من خلال وزاراتي شؤون الجنس والصحة، ولكننا لا نؤيد إضفاء الطابع المؤسسي على أيتام إيبولا”.
وأضاف أن أيتام إيبولا “لا ينتمون إلى دور الأيتام. فكيف سيحصلون على حياة أفضل وتعليم عبر القليل من الدعم الذي يتلقونه من دور الأيتام في مجتمعات الصغير؟”.
ووفقا للمسؤول الأممي، تعتقد “يونيسف” أن مشكلة أيتام “إيبولا”، أنه لا ينبغي أن ينظر إليهم باعتبارهم مجموعة في عزلة بل بنفس الطريقة التي ينظر بها إلى أي مجموعة أخرى من الأطفال المعرضين للخطر.