محمد نبيل الجامع يكتب: باسم يوسف ملك الميديا
“وها هو الآن.. ملك الميديا.. هاوارد ستيرن”، ويدخل الإعلامي صاحب أعلى مشاهدة في التليفزيون الأمريكي مقدما لبرنامج توك شو يبدأ الساعة 12 مساءً كل ليلة. هو برنامج شاهدته في زيارتي الأخيرة لأمريكا عام 2000م، يختص في الحديث عن مشاكل الجنس، وكثيرا ما يعرض مناظر تقوم المحطات المحلية بحجبها بطريقة منتظمة. الخلاصة… ملك الميديا هو الإعلامي صاحب الأعلى مشاهدة أو قراءة أو سماعا في وسائل الإعلام. ربما كانت كوكب الشرق في الأربعينات والخمسينات، وكان الأستاذ هيكل بمقاله “بصراحة” في الخمسينات والستينات أيضا نموذجين لملوك الميديا في عصرهما.
اليوم ينال هذا اللقب بجدارة واستحقاق باسم يوسف في برنامجه الفكاهي “البرنامج”، لدرجة أن واحدا من شباب الثورة الإلكترونيين عرف يوم الجمعة بأنه “يوم تقام فيه صلاة الجمعة، ويشاهد فيه برنامج باسم يوسف”.
مصر بثقافتها وحضارتها هي أم الدنيا في مجال الفكاهة والسخرية بداية من قبل المازني وانتهاء بالأسطورة المرحوم جلال عامر، وبينهما أعلام لا حصر لهم من الشيوخ والشباب. وازدهرت السخرية في مصر لأن السخرية هي رد فعل للاستبداد والقهر والظلم والفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء. ولذلك فقد ازدهر أدب الفكاهة والسخرية وثقافتهما في عصر مبارك بصفة خاصة، ولم تتغير الظروف في مصر بعد الثورة الينايرية المستنيرة بل ازدادت سوءًا.
وبقدر الانهيار الذي تعانيه مصر في فترة ما بعد الثورة ظهر المبدع الساخر باسم يوسف الذي يمتهن مهنة الطب وجراحة القلب، وربما يذكرني في ذلك بالمازني نفسه الذي بدأ دراسته بالطب اقتداءً بأحد أقاربه، إلا أنه أغمى عليه عند دخوله معمل التشريح، فتحول إلى كلية الحقوق، ولكنه تركها بسبب زيادة مصروفاتها من 15 جنيها إلى 30 جنيها، ثم ذهب إلى مدرسة المعلمين واشتغل بالتدريس الذي ضاق به واعتزله أيضا، وعمل أخيرا بالصحافة واستقر فيها وأصبح المازني أعظم الأدباء الساخرين في التاريخ المصري المعاصر.
باسم يوسف أصبح ما هو الآن بسبب أمرين متلازمين: موهبة غير عادية (كاريزما)، وظروف استبدادية غير عادية من جانب الحكم الطائفي الحالي خلقت ضيقا واكتئابا فائضين لدى السواد الأعظم من المصريين والمتعاطفين معهم من شعوب العالم وهم كثر. حتى المتعاطفون نسبيا مع الحكم الطائفي لا يتعاطف معظمهم معه حقيقة إلا لأنهم يريدون استقرارا يمكنهم من الحصول على لقمة عيشهم، وكان آخر من حادثني من هؤلاء أحد أعز أصدقائي يقوم بتصدير الفاكهة إلى الخارج، وهو يجد الآن مشاكل كبيرة من أجل إتمام عمله بسهولة نسبية اعتاد عليها من قبل الحكم الطائفي الحالي.
أنا لن أتحدث عن أهمية الفكاهة والسخرية المصرية وطبيعتها الموجهة إلى أفعال وليس إلى أشخاص، حيث أن باسم يوسف يقول بصراحة إنه يحب الرئيس مرسي شخصيا ولكنه يتفكه بأفعاله وأفعال الآخرين بما فيهم جبهة الإنقاذ، كما فعل بالفعل في برنامجه الأخير، وذلك حيثما يستلزم الأمر.
يا سيادة الرئيس أنت وجماعتك: ألا يكفيك أنكم تفعلون فينا ما تفعلون، وتستكثرون علينا أن نتنفس ببسمة أو ضحكة مع باسم يوسف أو غيره، أو نعبر بكلمة في جوهرها نقد بناء؟ أنتم تتخذون القرارات الخاطئة وترجعون فيها، وقرار التحقيق مع باسم يوسف عن طريق نائبكم العام هو قرار خاطئ تماما، وأؤكد لسيادتكم أنه لو حدث مكروه لباسم فسيكون هو الشرارة المشعلة لثورة شعبية يكون فيها باسم بمثابة أبو عزيزي في تونس أو خالد سعيد، أو غباء مبارك في مصر.
لقد اختطفتم السلطان، وتمتعتم بفرصة تقرير مصيركم كما تحلمون، واندمجتم في نعيم الرؤساء والملوك والسلاطين، وتمتعتم بحلاوة الملك، وظننتم أنكم قادرون عليها (على مصر) نشوة وافتخارا واستكبارا، فلا تحرمونا ونحن نختنق من القهر والاستبداد أن نتنفس ببسمة مختنقة أو نقول مجرد أي، آآه، آآه. تفكرون سيادتكم في قانون التظاهر، وقانون الطوارئ، وقانون انتخابات يسمح لكم مرة أخرى باكتساح الانتخابات البرلمانية، وتغيرون الوزارة بمزيد من الأخونة واختيار أهل الثقة الذين لم يكن بعضهم يحلم بمنصب وزير ولو في عالم اليوفوريا، وتصممون على التودد لإسرائيل وأمريكا وصندوق النقد ودول الجار العربي بما يزيد الطين بلة والفقراء فقرا والمرضى مرضا والعمال بطالة والفلاحين بؤسا ورجال الأعمال وقفا لحالهم، وللفوضى بالمزيد، وللبنية التحتية بمزيد من التدهور والانهيار، وللشباب يأسا، وللنساء رعبا، ولإخوتنا الأقباط توجسا وخوفا، وكل هذا وتقولون ما ذنب النباتات؟
الخلاصة:
1. أرجو فورا رجوع النائب العام عن قضايا محاكمة جميع الإعلاميين.
2. أرجو أن يتوقف مجلس الشورى الفاقد تماما للشرعية القانونية والمنطقية والسياسية أن يتوقف عن إصدار أي تشريعات.
3. أرجو أن تجتمع جبهة المعارضة تماما حول جبهة الإنقاذ وتتوحد الجبهة ولا تسمح أبدا لتفككها.
4. أرجو أن تتوحد الأحزاب المعارضة في حزب واحد وليكن حزب الدستور.
5. أرجو ألا تفكر المعارضة إطلاقا في مقاطعة الانتخابات البرلمانية بل تعتبرها أهم المعارك، وليس أم المعارك حتى لا نتشاءم بلفظة صدام حسين.
6. أرجو أن تدخل المعارضة الانتخابات البرلمانية بقائمة موحدة.
7. أرجو أن لا ييأس الشعب من التعبير عن رأيه بالتظاهر السلمي المشروع وخاصة في يوم 25 يناير المقبل إن شاء الله.
8. أرجو أن يستجيب الرئيس مرسي لمبادرة المجلس الوطني ودعوته لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإن كنت أعلم أن هذا رجاء لا يختلف عن عشم إبليس في الجنة.