أقنعة “البلاك بلوك” والشال الفلسطينى تتحدى الشرطة.. المتظاهرون بالميدا
“قناع أسود” يخفى معالم الوجه كاملة، تبرز منه عينان فقط، اتخذته مجموعة “البلاك بلوك” كرمز لشبابها، واعتبرته القيادات الأمنية دليل إدانة كافيًا للقبض على أى فرد يرتديه، أو يمسكه، أو حتى يسير بالقرب ممن يرتديه، وبرز هذا فى إلقاء القبض العشوائى على كل من يرتديه.
كانت البداية فى القبض على اثنين من أعضاء حركة 6 أبريل أمام مكتب النائب العام، وكشفت الحركة، فى بيان رسمى لها، أن القبض عليهما تم عشوائيا بسبب ارتدائهما تيشيرتات داكنة اللون.
ولم يكن أعضاء حركة 6 إبريل وحدهم الذين ألقى القبض عليهم عشوائيا، ولكن أيضا الزميل بـ”امل مصر” محمد إبراهيم الذى ألقت قوات الشرطة القبض عليه، دون سبب، موجهين اتهامًا له بأنه عضو بجماعة “بلاك بلوك”.
الدليل على عشوائية القبض على الأفراد حدث فى تحقيقات قسم الدقى مع المتهمين بالانتماء لجماعة “البلاك بلوك” حيث تم الإفراج عنهم وأثبتت التحقيقات أنهم لا ينتمون للجماعة، وإنما كانوا يرتدون الأقنعة كنوع من المداعبة والتقاط الصور التذكارية، وليس أكثر، وأنهم لا تربطهم أى علاقة بأعضاء “بلاك بلوك”.
المشاهد السابقة تؤكد أن القناع والملابس السوداء، بل وحتى الشال الفلسطينى، أصبح أداة يتم استخدامها لتبرير إلقاء القبض على الأفراد وتلفيق التهم لهم.
وأعطى القرار الذى أصدره النائب العام بإلقاء القبض على الأفراد المنتمين لجماعة “البلاك بلوك” الفرصة للقبض على المجموعات عشوائيا، حيث جاء نصه كالتالى “ضبط وإحضار جميع عناصر مجموعة (بلاك بلوك) ومن ينضم إليها، وتكليف مأمورى الضبط القضائى من رجال الشرطة والقوات المسلحة بضبط أى شخص يشتبه فى انتمائه لتلك الجماعة، وتسليمهم إلى النيابة العامة”.
ورغم ذلك، لم يتوقف المتظاهرون عن ارتداء الأقنعة السوداء والشال الفلسطينى، وظهروا به ثانيا فى تظاهرات “جمعة الخلاص”.
أشرف بدير، 22 سنة، قابلناه فى المسيرة المتجهة من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين لميدان التحرى.. قال أشرف “أعلم جيدا التهم التى يتم توجيهها الآن لمن يرتدى الشال الفلسطينى ويتلثم به، ولكننى أرتديه فهو مجرد رمز للعروبة، كما أننى لا أخاف مما يقومون به، وإذا تخوفت ما كنت شاركت فى الثورة من بدايتها أو شاركت فى المسيرات، وإذا كان النائب العام يريدنا أن نتوقف عن ارتداء الملابس السوداء حتى لا يتم القبض علينا فلن نتوقف”.
محمد صلاح، 17 سنة، تلثم بالشال الفلسطينى ليحمى نفسه من الأمطار، وعندما سألناه عما إذا كان يتخوف من إلقاء القبض عليه، قال “أعلم أن هناك حالة ترصد للملثمين، ولكننى أرتديه للحماية من المطر فقط، وأحاول قدر الإمكان، كلما اقتربت من قلب الميدان أو رجال الشرطة، أن أخلعه حتى لا تلقى قوات الشرطة القبض على بدون سبب”، مؤكدا أن ما تفعله الشرطة الآن أمر خاطئ ولن يساعد فى القضاء على فكرة “البلاك بلوك” كما تتصور.
أحمد زكى شاب ملثم بقناع أسود فى ميدان التحرير، وقال نتعرض لمضايقات من الشرطة والمواطنين بسبب ارتدائنا للقناع.. “أحمد” يحكى ما حدث معه قائلا “هددنى واحد من المواطنين بسلاح أبيض محاولا الحصول على كل النقود التى معى بحجة أننى سارق من جماعة البلاك بلوك، إضافة إلى أن الشرطة تلقى القبض على كل من يرتدى القناع عشوائيًا”، مضيفا “نحن لسنا مخربين، ولكن لنا مطالب محددة أهممها أن نحيا فى الوطن بأمان”.
يحيى نصر عبد الرازق قابلانه أيضًا فى الميدان وهو يرتدى القناع.. يقول “يحيى”: “أعلم خطورة ارتدائى له، ولكننى لن أتخلى عنه، وإذا كانت الشرطة تريد القبض علينا فقط لأننا نطالب بدولة تقوم على العدالة والحرية فلتتفضل”.
من جانبهم، تفهم الباعة فى ميدان التحرير أهمية القناع الآن وضموه لسلسلة المبيعات فى الميدان، من علم مصر والشال الفلسطينى.. أحدهم هو إبراهيم أحمد يقول إنه بدأ يبيع القناع منذ حوالى أسبوع، مع بدء ظهور حركة البلاك بلوك، مضيفًا أن هناك إقبالاً كبيرًا من المتظاهرين فى الميدان على شرائه.
سعر القناع، كما يوضح “إبراهيم”، 10 جنيهات، ويشتريه المتظاهرون طوال الوقت دون تأثر بقرار النائب العام بإلقاء القبض على عناصر البلاك بلوك.
وعن تعرضه لأى مضايقات بسبب بيعه، أكد “إبراهيم” أن هذا لا يحدث، لكنه معرض لخطر طوال الوقت بسبب وجوده فى ميدان التحرير.
ناصر أمين، الناشط الحقوقى، وصف إلقاء القبض العشوائى على المواطنين الذين يرتدون أقنعة سوداء، أو من يشتبهون فيهم، بحالة من الفوضى فى الدولة تسبب فيها النائب العام.
وأكد “أمين” أن النظام ارتكب جرمًا بما قام به من أفعال غير مبررة فى قانون العقوبات، وحظر أشياء غير محظورة فى القانون، فقط لانتماء الأفراد إلى جماعة معينة، مضيفًا أن القرار تسبب فى فوضى أدت لإلقاء القبض على المواطنين عشوائيا فقط لأنهم يرتدون زيًا معينًا، وناشد “أمين” النيابة العامة بتطبيق صحيح القانون، وإطلاق سراح الأفراد فورا لعدم وجود جريمة.