النزاعات في الشرق الأوسط مقدمات لـ«حرب عالمية ثالثة»
اعتبر خبراء روس أن الأوضاع والنزاعات المشتعلة في الشرق الأوسط هي “مقدمات” لحرب عالمية ثالثة، وأن أزمات المنطقة قادت الى “أفول” نجم دول إقليمية كبرى، كما أنها ستقود إلى خارطة جيوسياسية جديدة ستلقي بظلالها ليس على المنطقة فحسب بل على العالم كله.
وقال شامل سلطانوف رئيس مركز الابحاث الاستراتيجية “روسيا والعالم الاسلامي”(غير حكومي)، في ندوة نظمتها أمس الجمعة، وكالة روسيا اليوم الدولية(رسمية)، تحت عنوان “الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، إن ما يجري اليوم في الشرق الاوسط هو “مقدمات لحرب عالمية ثالثة”.
ورأى رئيس المركز خلال حديثه في الندوة التي حضرها باحثون من معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية(حكومي) ومن معهد دراسات الشرق الأوسط(غير حكومي) وحشد من الصحفيين، أن تلك الحرب ستبدأ نتيجة ”سلسلة الصراعات الاقليمية في الشرق الأوسط التي ستؤدي الى انفجار جيوسياسي كبير، أو أنها ستتخذ شكل الحرب الشمولية التي شهدناها قبيل الحرب العالمية الثانية التي تواجه فيها معسكرين أو تحالفين كبيرين”.
وأضاف أن “المواجهة الكونية تقترب، وعلينا أن ننظر إلى الأمر من هذه الجهة وليس من وجهة نظر نضالات الشعوب وتوقها للسلام والعدالة الاجتماعية”.
كما استنتج سلطانوف أن النزاعات في الشرق الأوسط “ستؤدي إلى اضعاف كافة اللاعبين المحليين والاقليميين وليس فقط البلدان المنخرطة في النزاعات”.
ووفقا لوكالة ” الأناضول”، أكد حيدر جمال رئيس اللجنة الاسلامية في روسيا(هيئة غير حكومية تعنى بتقديم خدمات للمسلمين في روسيا)، موافقته على ما ذهب إليه سلطانوف بخصوص أن العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة، إلا أنه اختلف مع الأول في العوامل التي ستؤدي إلى تلك الحرب.
وأضاف جمال أن “الحرب العالمية التي يتوقعها ستنتج بسبب اتجاهيين الأول الصراع بين البيروقراطية العالمية كصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الاخرى والاتحاد الاوروبي من جهة وبين البيروقراطيات الوطنية التي تتحول إلى هياكل عتيقة ترفض التنازل عن مكتسباتها أو الخروج من المسرح السياسي والقيادي”.
ومضى قائلا: “الاتجاه الثاني، هو الصراع بين الطبقات الحاكمة والطبقات المعدمة التي لا تجد ما يسد رمقها ولا يروقها بالطبع بل ولا يعنيها ما يسمى بالعولمة أو الحضارة العالمية”.
ورأى رئيس اللجنة الإسلامية أن “الشرق الأوسط أضحى -وكما كان تاريخيا- منطقة التحول الحاسم والدفن النهائي للراسمالية والليبرالية، كما سيعود له مركزه القيادي الذي سرقته اوروبا لقرنين ماضيين من الزمان”.
واعتبر جمال أن ما يجري في الشرق الأوسط أسقط الأقنعة وكشف كذب ما وصفها بـ”النظريات والأساطير”، مثل أن إيران “طليعة الثورة”، حيث أن علاقات طهران ما بعد إسقاط الشاه مع واشنطن وتل أبيب “باتت مكشوفة”، حتى أنه اتضح أنها “تريد أن تكون شرطي الإقليم لمصلحة الغرب”.
وتوقع أن المواجهة الحقيقية القادمة ستكون بين تنظيم “داعش” والسعودية التي “ترتدي عباءة أمير المؤمنين وزعيم العالم الاسلامي”.
واعتبر رئيس اللجنة أن “ما يشاع حول أن الصراع في اليمن (شيعي-سني) غير صحيح، فكل طرف يبحث عن مصالحه، نحن نشهد اعادة توزيع وتقسيم المنطقة وخيراتها”.
من جهته قال الكسندر كوزنيتسوف، نائب رئيس معهد التنبؤ والتسويات(مركز دراسات غير حكومي)، أن فبراير/ شباط الماضي حمل الذكرى الرابعة لما يسمى بـ”الربيع العربي” الذي “لم يجلب الخير لأحد، وتبخرت من خلاله كل آمال الشعوب بالقضاء على الديكتاتوريات وحدثت كوارث انسانية في معظم الدول التي حصل فيها”.
ورأى كوزنيتسوف أن نتائج الربيع العربي كانت “تفكيك نظام العلاقات الدولية الذي كان قائما على اتفاقية سايكس بيكو(1916) وتلاشت الحدود بين بعض الدول والمؤكد أن الحدود ستتغير وسيترافق ذلك مع سفك الدماء، ثانيا إضعاف كبير لدور الدولة الوطنية واضمحلال دور القوى الاقليمية وكان أهمها العراق وسوريا ومصر”.
واعتبر أن الدول العربية الإقليمية فشلت في تعزيز مواقعها في حين أن دور ايران ينمو ويسيطر على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا ولبنان، وقد تتحول إيران إلى امبراطورية إقليمية كبيرة، ولكن ظروفها الداخلية قد لا تساعدها في ذلك بالمرحلة الراهنة”.
وأشار نائب رئيس المعهد أن العنصر المهم الاخر لنتائج الربيع العربي هو “زيادة دور ونفوذ التنظيمات غير الحكومية كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والمتطرفين كـداعش وجبهة النصرة في كل من سوريا والعراق”، لافتاً إلى أن تلك التنظيمات “باتت تنافس دول بكاملها، بل وتقوم بدور الدولة احيانا وتسيطر على مساحات واسعة من الأراضي وتقيم عليها أنظمتها وتمارس سلطتها هناك”.
ونوه إلى نقطة أخرى “بالغة الأهمية” تزامنت مع الربيع العربي و”ترتبط بتوتر العلاقات بين السنة والشيعة وارتباط ذلك بالتنافس بين إيران والسعودية على النفوذ في المنطقة، إضافة إلى تضرر الأقليات وعلى رأسهم المسيحيين من الصراعات والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط”.
وفي رده على اسئلة الصحفيين حول نظرته لـ”داعش” ومصير منطقة الشرق الأوسط بوجوده فيها، أجاب سلطانوف بالقول “أنا أكره داعش ولكن جماهير الدول العربية تلتف حوله لأنهم يوحدونهم حول فكرة عامة، ولأنهم يحققون العدالة الاجتماعية في المناطق التي يسيطرون عليها”.
فيما ردّ جمال على سؤال آخر حول أن “داعش” أو افكاره قد تهدد روسيا، فقال إن “مسلمي روسيا جزء من النسيج المجتمعي الروسي، وبعيدون كل البعد عن الأفكار المتطرفة التي يحملها داعش، ولكن خطر داعش الحقيقي قد يكون في مناطق أواسط آسيا لا سيما طاجيكستان واوزبكستان حيث الفقر والجوع والاضطهاد”.