الالتفاف على إرادة الشعب
فى هذه الفترة الانتقالية الحرجة جميعنا لاحظ أن كل القوى السياسية بلا استثناء حاول وما زال يحاول أن يلتف على الإرادة الشعبية الحرة. فبعد استفتاء مارس، ومحاولات الالتفاف على إرادة الشعب مستمرة. مطالبات بتأجيل الانتخابات وبعد الاستجابة لهذه الطلبات تأتى اتهامات للمجلس العسكرى بأنه أطال المرحلة الانتقالية لأنه يريد البقاء فى السلطة. أيضا هناك من طالب بأن يبقى العسكرى ثلاث سنوات كمرحلة انتقالية، وعندما حاول المجلس العسكرى البقاء لأول 2013م لإعطاء وقت كافٍ لوضع الدستور الجديد رأينا هجوما شديدا على المجلس العسكرى يطالبه بتسليم السلطة فورا لمجلس رئاسى مدنى اختاره لنا رجال النخبة والصفوة فعاد المجلس وحدد تسليم السطة فى أول يوليو 2012م.
وبالرغم من كثرة هذه الألاعيب السياسية ولعبة الكراسى الموسيقية وتبادل الأدوار، كان المجلس العسكرى وفيا وأدار انتخابات حرة ونزيهة لاختيار أعضاء مجلسى الشعب والشورى وجاءت النتائج تماما كما توقعناها جميعا ماعدا مفاجأة صعود الأحزاب الممثلة للتيارات السلفية، وبعدها خرج علينا رجال من النخبة والصفوة وصفت الشعب المصرى بالجهل وعدم الفهم بسبب هذه الخيارات التى رجحت كفة الأحزاب الإسلامية.
واستمرت بعض القوى السياسية فى استفزاز المجلس العسكرى وأفراد القوات المسلحة واتهموهم بالكذب وشككوا فى نواياهم حول تسليم السلطة، وآخرون غازلوهم بمقولة الخروج الآمن وكأنهم ارتكبوا أبشع الجرائم، وتطوع فصيل سياسى بتقديم الحماية لهم. وبسذاجة شديدة اعتقد البعض بالخطأ أن المجلس العسكرى يمكن استفزازه ولكن هيهات.
وعندما بدأت معركة الانتخابات الرئاسية وقامت اللجنة المشرفة عليها بتحديد مواعيد الترشيح والانتخابات والإعادة وانعقد اجتماع مجلسى الشعب والشورى الخاص باختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد لمصر الحرة بعد الثورة، لاحظنا جميعا زيادة كبيرة فى قوة موجات الاستقطاب السياسى والجدل حول كل كبيرة وصغيرة كالعادة؛ كل قرار أو إجراء فى المرحلة الانتقالية التى يديرها المجلس العسكرى يسبقه أو يعقبه جدل سياسى واسع وخلافات فى الرأى وأحيانا فورات شبه ثورية فى هيئة محاولات لإسقاط الدولة ونشر الفوضى والإحباط.
الجديد فى هذا الحراك السياسى ومحاولات الالتفاف على إرادة الشعب أن يخرج علينا جهابزة الإخوان المسلمين ويطالبون حكومة الدكتور الجنزورى بالاستقالة لأنهم انتهوا من تشكيل حكومة توافقية برئاسة حزب الأغلبية، ولا نعلم لذلك سببا مع علمنا أن الحكومة يقيلها فقط المجلس العسكرى حسب الإعلان الدستورى، ولا يحق لمجلس الشعب سحب الثقة منها بالشكل الذى تعارف عليه العالم. ولا نعرف هل لهذا الطلب وهذه الرغبة علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة وخاصة بعد أن أعلنت الجماعة عدة تصريحات كان أولها أن الجماعة تبحث عن رئيس توافقى، ثم تراجعت إلى أن الجماعة لن تؤيد رئيسا له خلفية عسكرية ولا رئيسا له خلفية إسلامية، ثم تراجعت إلى أنها تقف على مسافات متساوية من الجميع ولكنها لن تدعم مرشحا كان عضوا سابقا فيها.
هل من العقل أن نشكل حكومة للإخوان تدير معركة الانتخابات الرئاسية وهل من العقل أن تحاول جماعة الإخوان أن تفرض وصايتها على الشعب المصرى العريق وتختار رئيسا توافقيا له أو أن ترفض رئيسا عسكريا أو رئيسا إسلاميا أو تطالب الشعب بعدم انتخاب مرشح معين لأسباب تخص الجماعة ولا تخص الشعب. هل سنعود إلى ممارسات قديمة عانى منها الشعب المصرى على مدى عقود؟ هل سيتم حرماننا من تذوق حلاوة الحرية فى انتخاب رئيس للجمهورية بإرادة حرة لأول مرة فى حياتنا، ولا نعلم هل ستكون آخر مرة أم لا؟ أتعلمون معنى أن يختار الشعب رئيس الجمهورية فى انتخابات حرة ونزيهة لأول مرة فى التاريخ؟
أقولها صريحة وبصوت واضح أعتقد أن الجميع وبلا استثناء مارس لعبة محاولات الالتفاف ومحاولات الوصاية على الشعب ماعدا جهة واحدة فقط وهو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشريفة ومن هنا أطالب البرلمان بإتقان المهمة الرئيسية له فى اختيار لجنة تأسيسية لوضع الدستور الجديد لجنة تمثل جميع أطياف وطوائف الشعب بلا استثناء أو إقصاء والانتهاء من وضع الدستور الذى سيحدد ملامح الحكم، واتركوا حكومة الإنقاذ تنهى مهمتها، واتركوا المجلس العسكرى لإجراء انتخابات حرة ونزيهة لاختيار الرئيس القادم الذى سيتسلم السلطة، ونطالب جميع القوى السياسية بإعطاء الشعب فرصة لانتخاب رئيس الجمهورية بكامل حريته لأول مرة فى حياته، ونطلبهم بالتوقف عن وصف الشعب بالجهل والتوقف عن محاولات فرص الوصاية التى زادت حدتها هذه الأيام وأتمنى من الله أن يعلم الجميع ويتعلم أن الشعب المصرى أذكى شعوب العالم ويمكنه فرض إرادته ببساطة ويسر كما رأينا فى المرات السابقة، وما هى إلا أسابيع قليلة ويتحقق أهم وأحلى الأحلام التى طالما حلمنا بها. حفظ الله مصر بلد الأمن والأمان.