مسلمو بريطانيا يتفوقون على «عنصرية» حزب الاستقلال!
هل زيادة عدد النواب المسلمين في مجلس العموم البريطاني الجديد، سيحدث تغييرًا في الاهتمام بقضايا الجالية المسلمة التي يزيد عددها عن المليونين و800 ألف مسلم، يشكلون 4.4% من نسبة السكان؟ أم أن هذه الزيادة لن يكون لها تأثير في ظل التعبئة السياسية والإعلامية ضد المسلمين وتنامي انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا»؟
طبقًا للإحصاءات النهائية في انتخابات مجلس العموم البريطاني الجديد، فإن عدد النواب المسلمين في مجلس العموم البريطاني 13 نائبًا، بينهم 8 سيدات، من أصل 650 نائبًا، ليصل تمثيل المسلمين إلى أعلى مستوياته في البلاد في تاريخ الانتخابات البريطانية، بحسب ما أفرزته الانتخابات الأخيرة.
وقال أحمد ويرسي، رئيس تحرير جريدة “مسلم نيوز” الشهرية البريطانية، إلى أنَّ عدد النواب المسلمين في مجلس العموم البريطاني، وصل إلى أعلى عدد له، قائلاً ” إذا نظرنا إلى التنوع الموجود في المجتمع البريطاني، لا نستطيع أن نقول أنَّ 13 نائبا يمثلون كل الجالية المسلمة في البلاد”.
ووصل 9 نواب مسلمين إلى مجلس العموم عن طريق حزب العمال وثلاثة عن حزب المحافظين، ونائب (سيدة) عن الحزب القومي الاسكتلندي، ومن الملفت للنظر في هذه الانتخابات تفوق النائبة “ناز شاه” المعروفة بمناصرتها للقضية الفلسطينية، عن حزب العمال على منافسها في منطقة “برادفورد الغربية” جورج جلوي زعيم حزب الاحترام البريطاني، بفارق 11 ألف و420 صوتا.
وكشفت نتائج فرز الأصوات في 7 مايو الجاري تمكن حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون من تشكيل حكومة بمفرده بعدما حصل على 331 مقعدا، وحصول حزب العمال على 232 مقعدا، والحزب الإسكتلندي القومي على 56 مقعدا، إضافة إلى ثمانية مقاعد لكل من الحزب الديمقراطي الليبرالي وحزب الاتحاد الديمقراطي الأيرلندي الشمالي، في حين تمكنت بقية الأحزاب الأخرى من الفوز بـ 15 مقعدًا.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 66%، حيث يصل عدد الناخبين المسجلين إلى 50 مليون شخص، وعقب الانتخابات قدم 3 رؤساء أحزاب استقالتهم، وهم رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي “نيك كلج”، ورئيس حزب العمال “إيد ميليباند”، وزعيم حزب استقلال المملكة المتحدة “نايغل فرج” المعروف بتوجهاته المناهضة للاتحاد الأوروبي والمهاجرين.
ويبلغ عدد الجالية الإسلامية في بريطانيا مليونين و800 ألف مسلم، يشكلون 4.4% من نسبة السكان، وفي الانتخابات العامة الأخيرة عام 2010 بلغ عدد المسلمين في البرلمان 8 نواب، ويشكل المسلمون في بريطانيا بـ 26 منطقة انتخابية أكثر من 20 % من السكان.
و يعد الإسلام في المملكة المتحدة ثاني أكبر ديانة في البلاد، و يتزايد المسلمون فيها بشكل ملحوظ، ويتركز معظمهم في لندن، ومانشستر وجلاسجو، ولكن يسكن لندن ما يقارب 43% منهم، أغلب المسلمين في المملكة من المهاجرين أو من أصول تعود لشبه القارة الهندية، ومن بعدها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن ثم دول أخرى مثل ماليزيا ونيجيريا.
ويوجد عدد متزايد من البريطانيين يعتنقون الإسلام سنويًا، فقد كتبت صحيفة “إندبندنت” في يناير 2011 إن العدد الحقيقي للبريطانيين المعتنقين الإسلام يمكن أن يكون أعلى من 100 ألف، وذلك نقلًا عن دراسة جديدة لمجموعة “فيث ماترز” الفكرية، كما قدرت الدراسة ذاتها عدد المعتنقين الإسلام سنويًا إلى أكثر من 5000 شخص.
الجمعيات والمراكز والهيئات الإسلامية كثيرة ومتعددة، بعضها يهتم بمسجد معين والبعض الآخر يركز نشاطه على المطبوعات والنشر، والبعض يهتم بالتعليم، وجمعيات تهتم بالنواحي الإعلامية ويوجد في بريطانيا أكثر من 1400 مركز إسلامي، ومعظمها في لندن، كما يوجد أكثر من 1500 مسجد ومصلى موزعة في أنحاء البلاد.
الجالية المسلمة
ويتوقع خبراء سياسيين أن يساهم المسلمون الفائزون في مجلس العموم البريطانية في رعاية مصالح الجاليات الإسلامية ومنحهم حقوقهم الكاملة.
ويأمل الشباب المسلم في بريطانيا أن يكون هناك استراتيجية جديدة تعمل عليها الحكومة الجديدة مع الشباب المسلم في المملكة المتحدة، والتنسيق معهم لتقليل أعداد الشباب المسلم البريطاني المنضم لجبهات القتال في سوريا والعراق ضمن صفوف “داعش”.
ضد العنصرية
وقبل نحو شهرين من الانتخابات البريطانية المقبلة، شهدت العاصمة البريطانية لندن مظاهرة حاشدة تندد بتصاعد العنصرية والتيارات المعادية للهجرة والمهاجرين، وتنامي ظاهرة التخويف من الإسلام في المجتمع البريطاني، وتبني بعض السياسيين خطابا عنصريا لحشد أصوات الناخبين.
واحتشد المتظاهرون في شارع إكسفورد سيركوس وسط لندن، تلبية لدعوة “تحالف أوقفوا الحرب” ومجموعة “قفوا ضد العنصرية ” منددين بتنامي ظاهرة العداء للمسلمين، والتوجه اليميني والسياسات العنصرية التي يدعو لها “حزب الاستقلال” البريطاني ضد المهاجرين، وبعض الجماعات القومية التي تناصب المسلمين العداء.
وحصل حزب الاستقلال البريطاني على مقعد واحد، متراجعا عن انتخابات 2010 الذي حصل على مقعدين اثنين، نتيجة لما يقوله خبراء سياسيون، عداء الحزب للمسلمين في بريطانيا.
ويتوقع خبراء سياسيين أن تعيد المملكة المتحدة سياساتها مع المسلمين، وأن يشكل العدد الجديد الذين فازوا بمقاعد مجلس العموم نواة حقيقة لتصحيح صورة أوضاع الجالية المسلمة.
مستقبل لندن مع أوروبا والعرب
وتحدى ديفيد كاميرون التوقعات بعد أن حقق فوزا مذهلا في الانتخابات العامة، رغم أن عددا من المحللين يتوقعون أياما صعبة أمامه لاسيما خطر القنبلة الموقوتة التي أشعل فتيلها بنفسه، أي خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي.
ويرى هؤلاء أن فوز المحافظين يعني أن لندن ستواجه خلال العامين المقبلين استفتاء على بقائها أو خروجها من الاتحاد الأوروبي وهو شيء وعد به كاميرون في حال فوزه.
ويؤكد وزير المالية البريطاني جورج أزبورن في هذا الصدد أن الحكومة القادمة أمامها مهمة أساسية هي توحيد البلاد بعد انتخابات شهدت صعودا قويا للقوميين في إسكتلندا، وهو ما قد يسبب إرباكا لعمل الحكومة مع صعود نوايا إجراء استفتاء آخر على الانفصال.
وقال أزبورن في خطاب النصر بعد إعادة انتخابه في البرلمان وفوزه بمقعد في تاتون في شمال غرب إنكلترا “جمع شمل المملكة المتحدة هو من المهام الكبرى التي نواجهها الآن”.
أما بالنسبة إلى علاقة لندن بالعرب، فلدى المحافظين تمسك أقوى بالعلاقات بين بريطانيا وشعوب المنطقة التي نمت لأكثر من قرن ترعاها النخب العربية والإمبراطورية البريطانية، منذ أيام الاستعمار حتى يومنا هذا، حسب ما يقوله أزبورن.
بالمقابل، اكتشف العرب أن حكومة يقودها حزب العمال تضغط بشكل أكبر في ملفات ينظرون إليها على أنها داخلية منظمة للعلاقات الاجتماعية وفق منظومة أعراف وتقاليد مثل وضع المرأة وقيادتها السيارة.
وحتى أكثر المحافظين تشددا والتي تجسدت في شخصية المرأة الحديدية مارغريت ثاتشر كانت ذات علاقة متميزة إن لم نقل دافئة مع معظم الحكومات العربية. ويتوقع سياسيون أن تنتهج الحكومة الجديدة نفس ذلك النهج.
الدوائر الانتخابية
إجمالي الدوائر الانتخابية في بريطانيا: 650
عدد الدوائر الانتخابية في انجلترا: 533
عدد الدوار الانتخابية في إسكتلندا: 59
عدد الدوائر الانتخابية في وليز: 40
عدد الدوائر الانتخابية في إيرلندا الشمالية: 18
الأحزاب ومقاعدها
حزب المحافظين: 330 مقعدًا “أغلبية مطلقة” منهم ثلاثة مسلمين ” مرأة نصرت غاني، ورجلين”.
حزب العمال: 232 مقعدًا – منهم 9 مسلمين “6 نساء و 3 رجال” من بينهم ناز شاه المناصرة للقضية الفلسطينية.
الحزب القومي الاسكتلندي: 56 مقعدًا بينهم تاسمينا أحمد شيخ (سيدة مسلمة)
حزب الأحرار الديمقراطيين: 8 مقاعد
حزب الاستقلال: مقعد واحد وهو حزب معارض للهجرة وللمسلمين، وفشل في الوصول إلى مجلس العموم
مجلس العموم البريطاني
يتكون مجلس العموم في بريطانيا من 650 عضوا ينتخبهم المواطن بشكل مباشر كل خمس سنوات، يشكل رئيس الأغلبية الفائزة الحكومة، وبإمكان الأعضاء تقديم طلب سحب ثقة من الحكومة. من مهامه التشريع ومراقبة العمل الحكومي.
الأعضاء والدورة الانتخابية
ينتخب الشعب البريطاني 650 من أعضاء مجلس العموم لتمثيلهم والدفاع عن مصالحهم.
تُجرى الانتخابات كل خمس سنوات لانتخاب أعضاء جدد.
معظم المرشحين يتقدمون للانتخابات على قوائم حزبية، فيما يفضل البعض الترشح مستقلين.
برلمان وحكومة
رئيس الوزراء هو رئيس الأغلبية الحزبية بالبرلمان وهو الذي يشكل الحكومة.
رئيس الوزراء مسؤول أمام مجلس العموم ويجب أن يحظى باستمرار بدعم المجلس له.
يملك المجلس أن يمرر قانونا لسحب الثقة من رئيس الوزراء، وإذا سحبت الثقة منه يقدم استقالته.
رئيس الحكومة البريطانية ومعظم أعضاء الحكومة هم أعضاء في مجلس العموم.
مهام النواب
تمثيل جميع الناخبين.
المساعدة على إصدار قوانين جديدة.
التدقيق والتعليق على ما تقوم به الحكومة، ومناقشة القضايا الوطنية الهامة.
طرح أسئلة على الوزراء حول القضايا الراهنة سواء في غرفة العموم أو داخل اللجان.
مجلس العموم وحده هو المسؤول عن اتخاذ القرارات بشأن مشاريع القوانين المالية، مثل الضرائب الجديدة المقترحة. ويمكن لمجلس اللوردات النظر في مشاريع القوانين هذه ولكن لا يمكنه منعها أو تعديلها.
اكتسب مجلس العموم مزيدا من السلطات عام 1832، وقبل ذلك كان للمجلسين سلطات متساوية تقريبا، لكن قانون الإصلاح في ذلك العام قلص كثيرا من سلطات مجلس اللوردات لصالح مجلس العموم المنتخب.
يحق لكل بريطاني عمره 18 سنة فما فوق الترشح، لكن من غير المنتظر فوزه إذا لم يكن مدعوما من حزب سياسي.
يدار مجلس العموم من قبل مجموعة من النواب الذين يشكلون “لجنة مجلس العموم”.
توجد لجنة إدارية مشكلة من كبار المسؤولين في مجلس العموم.