تقارير وتحقيقات
12 رسالة وجهها قائد «النصرة» في سوريا خلال ظهوره الثاني
في الظهور النادر لأبو محمد الجولاني قائد جبهة “النصرة” فرع تنظيم القاعدة في سوريا، الذي لم يكتمل بالكشف عن وجهه، حاول قائد التنظيم المدرج على لوائح الإرهاب، أن يوجه أكبر قدر ممكن من الرسائل في اللقاء الذي جمعه مع قناة الجزيرة القطرية، وبث مساء أمس الأربعاء.
ورصدت وكالة “الأناضول” 12 رسالة وجهها الجولاني خلال اللقاء المذكور:
أولاً: عدم التراجع عن بيعة القاعدة:
لم يتطرق الجولاني للحديث عن نية الجبهة التراجع عن البيعة أو فك الارتباط مع تنظيم “القاعدة”، وخاصة بعد نشر تقارير إعلامية مؤخراًَ حول نية “النصرة” التراجع عن بيعتها وفك ارتباطها بالتنظيم.
وأشار قائد النصرة إلى أنه يتقلى توجيهات وإرشادات من أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بخصوص استراتيجية الجبهة وأولوياتها.
وقال الجولاني: “إن توجيهات الظواهري التي وصلتهم تنص على أن “تكون مهمة الجبهة في الشام هي إسقاط النظام السوري وحلفائه كحزب الله، والتفاهم مع الفصائل لإقامة حكم إسلامي راشد، وأيضاً عدم استخدام الشام كقاعدة انطلاق لشن هجمات ضد الغرب وذلك من أجل عدم التشويش على المعركة الموجودة”.
ثانياً: تعهد مشروط بعدم شن هجمات ضد الغرب:
بناء على توجيهات زعيم القاعدة أيمن الظواهري فإن الجولاني أكد أن النصرة لن تستخدم الشام كقاعدة انطلاق لشن هجمات ضد الغرب وأمريكا.
إلا أنه استدرك قائلاً “في حال استمرار قصف التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على مقرات جبهة النصرة في سوريا فإن كل الخيارات مفتوحة ومن حقنا الدفاع عن أنفسنا وستكون هنالك إفرازات ليست في صالح الغرب وأمريكا”.
ثالثاً: أمان مشروط للعلويين والأقليات:
أرسل الجولاني رسائل طمأنة للطائفة العلوية أو(النصيريين) كما يسميهم، بإعطائهم الأمان لكن بشروط حددها.
وأوضح بأن “لدى أهل السنة ثارات كثيرة لدى النصيريين والطائفة العلوية “ينحدر منها رئيس النظام بشار الأسد” خرجت عن دين الإسلام حسب أهل العلم، إلا أن حربنا ليست حرباً ثأرية ولا تقاتل الجبهة إلا من يرفع عليها السلاح ويقاتلها”.
وأشار القائد إلى الشروط الموضوعة لنيل العلويين الأمان وهي كما قال “كل قرية علوية تقول إنها تبرأت من النظام السوري وأفعاله وألقى شبابها أسلحتهم عن القتال في صفوف النظام وعادت إلى دين الإسلام فإن أهلها أخوة للجبهة وتدافع عنهم”.
وأرسل الجولاني رسائل طمأنه أيضاً لمصير الأقليات في سوريا خاصة المسيحيين والدروز، مؤكدا أنهم سيعاملون “بسماحة الإسلام ووفق أحكام الشريعة”، وأن جبهة النصرة “لا تكفر أحداً وتكفير المسلم بحاجة إلى فتاوى”.
رابعاً: أمريكا مساند كبير للنظام:
ادّعى قائد جبهة النصرة أن لديه دلائل ووثائق على تنسيق ودعم أمريكي مقدم للنظام السوري مستدلاً على ذلك بتناوب طيران التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وطيران النظام على قصف المواقع في سوريا وذلك في وقت متزامن أحياناً.
وقال الجولاني: “إن أمريكا لها دور كبير مساند للنظام وبعدد من الوسائل أبرزها قصف مقرات جبهة النصرة التي تدافع عن المسلمين ويتم ذلك عادة عندما تشكل الأخيرة ضغطاً على النظام”، معتبراً أن دور الولايات المتحدة أو التحالف الدولي هو “تخدير الشعب السوري للوصول إلى حل سياسي وفقاً لمصالحها”.
خامساً: رفض الحل السياسي:
جدّد الجولاني رفضه المشاركة في أي مساع لحل سياسي في سوريا سواء عبر جنيف أو غيرها، مؤكداً أن من أسماهم بـ”المجاهدين” سيغيرون بقوة السلاح الوضع وسيطيحون بالأسد والذي توقع أن يكون ذلك “في وقت ليس بالطويل وأن المعركة معه في نهايتها”.
سادساً: عدم النية لإعلان إمارة قريباً:
أكد الجولاني على أن الجبهة ما تزال في مرحلة “دفع الصائل وقتال من يقاتلها” ولا تسعى في المرحلة الحالية لإقامة إمارة أو دولة إسلامية، وذلك على الرغم من تأكيده على أن الجبهة “تسعى لتحكيم الشريعة في المناطق التي تسيطر عليها لينعم بها المسلمون”.
سابعاً: مقتل النظام في دمشق:
على الرغم من تأكيده على أهمية معركة الساحل وأن مناطق العلويين بقيت أربع سنوات في مأمن عما يحدث في سوريا، وأن مقاتلي الجبهة أصبحوا على مقربة من القرى العلوية والأخيرة باتت تحت مرمى صواريخهم، إلا أنه رأى أن المعركة الحقيقة والمؤثرة ضد النظام في الشام (العاصمة دمشق) وذلك في المسعى لإسقاطه وليس في القرداحة (مدينة تابعة لمحافظة اللاذقية ومسقط رأس الأسد وعدد كبير من الدائرة الضيقة حوله).
ثامناً: نفي الدعم أو الارتباط بأي جهة أو دولة:
نفى قائد جبهة النصرة بشدة تلقي أي دعم أو تمويل من أي دولة أو جهة معينة، معتبراً أن هذا الأمر “مرفوض” تحت بند أن الجهة الممولة تعمل على فرض أجنداتها وهذا الأمر لا تقبله الجبهة.
إلا أن الجولاني قال إن “الجبهة تتلقى تبرعات فردية من المسلمين الذين يحبّون جبهة النصرة وتنظيم القاعدة”، كما ركز على أن الغنائم وبعض المصالح التجارية التي تديرها الجبهة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إضافة إلى التبرعات التي تتلقاها تجعلها تصل لمرحلة الاكتفاء الذاتي.
تاسعاً: جيش الفتح تحالف استراتيجي:
فيما تشير التقارير الإعلامية إلى أن جبهة النصرة هي العنصر الضارب في “جيش الفتح” وأن الأخير نجح خلال الشهرين الماضيين بالسيطرة على مدينة إدلب (شمال) ومناطق واسعة في ريفها، في محاولة اعتبرها البعض لتحسين صورة الجبهة والحصول على دعم كون الأخيرة مدرجة على لائحة الإرهاب، أكد الجولاني أن “جيش الفتح” الذي يضم عدداً من الفصائل معظمهما إسلامية هو تحالف استراتيجي بغض النظر عمّن يقوده.
ورأى أن جبهة النصرة “رأس حربة وليست عنصراً ثانوياً في الصراع السوري”، وأن انضواء جبهة النصرة في غرفة عمليات “جيش الفتح” كان لتحرير محافظة إدلب وهو تحالف استراتيجي وقائم على مبدأ الشورى بغض النظر عمن يقوده.
عاشراً: معركة القلمون فاصلة مع حزب الله:
رأى الجولاني أن معركة القلمون فاصلة بالنسبة لجبهة النصرة في معركتها للسيطرة على دمشق وإسقاط النظام السوري، ولحزب الله أيضاً كونها تحفظ حدوده الشرقية.
وربط الجولاني زوال حزب الله بزوال النظام السوري وأن حزب الله “سينزوي إلى الجنوب اللبناني(معقل حزب الله الأساس) في حال سقوط النظام السوري وحتى وجوده هناك سيكون محل استفهام لكثرة خصوم الحزب داخل لبنان”.
ولم ينسى قائد النصرة أن يتوعد الحزب بالقادم حيث قال ساخراً: “إذا كان الشيخ أبو مالك (أمير جبهة النصرة في القلمون) ومجموعة من مقاتليه فعلوا كل تلك الأفاعيل بحزب الله وأربكوه كل هذا الإرباك، فماذا لو تبنت جبهة النصرة أو جيش الفتح وباقي الفصائل المعركة ضد حزب الله فماذا سيكون مصيره؟”، معتبراً أن المعركة الفاصلة مع حزب الله “قادمة لا محالة”.
حادي عشر: اتهام “داعش” ونفي وجود “خراسان”:
قال الجولاني إن جماعة “الدولة”، في إشارة لتنظيم “داعش”، هاجموا مقاتلي الجبهة في القلمون والتفوا عليهم ويقطعون الطرق بين الجبهة وقوات النظام، مشيراً إلى أن التنظيم كان فعل ذات الأمر في عدد من المناطق في الحسكة ودير الزور(شرق) وحلب(شمال).
ورأى أن التنظيم قام بهذا الأمر من باب “التقاء المصالح أو شيء من هذا القبيل”.
ونفى الجولاني أي وجود لجماعة “خراسان” التي تقول واشنطن إنها تنفذ غارات على أهداف لها في سوريا، مؤكداً أن بعض المقاتلين من منطقة خراسان(تسمية قديمة لمنطقة جغرافية تضم إيران وأفغانستان وبعض مناطق آسيا الوسطى) يقاتلون بالفعل في صفوف النصرة.
ثاني عشر: رسائل الملبس والمجلس:
على الرغم من عدم إظهار وجهه أو التعريف بشخصه، إلا أن الجولاني حرص على ارتداء زي شعبي تراثي يرتديه أهالي الشام، وذلك فيما يبدو محاولة للتأكيد على سوريته وأنه لا يرتدي الزي الأفغاني الذي يشتهر بارتدائه مقاتلو وقيادات تنظيم القاعدة و”داعش” وعدد من الفصائل الإسلامية.
كما أثار جلوس قائد النصرة ومحاوره على كراسي فاخرة التساؤلات حول عائديتها، وقال ناشطون سوريون لمراسل “الأناضول” إنها تعود لمكتب محافظ إدلب خير الدين السيد الذي فرّ مع سيطرة “جيش الفتح” على مدينة إدلب قبل نحو شهرين، وأورد الناشطون صوراً للكراسي نفسها والمحافظ وضيوف له يجلسون عليها في وقت سابق، فيما يشير إلى أن الجولاني عمل على تقديم “النصرة” كجهة قادرة على إدارة المناطق التي تسيطر عليها وكبديل حقيقي للنظام.
ويعد لقاء الجولاني الظهور الثاني له، حيث أجرت الجزيرة معه لقاءاً سابقا في ديسمبر/كانون الأول 2013 لم يظهر فيه وجهه أيضاً، وقالت القناة في المرتين إن اللقاء جرى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا.
ولم تكن جبهة النصرة معروفة قبل بدء الاحتجاجات في سوريا في مارس/ آذار 2011، لكنها برزت كقوة قتالية ميدانية مع تبنيها تفجيرات استهدفت مراكز عسكرية وأمنية للنظام في الشهور الأولى للاحتجاجات، واتسع نفوذها تدريجياً حتى باتت تسيطر على مساحات واسعة من شمال وجنوب البلاد.