تقارير وتحقيقات

«آرئيل» الاستيطاني.. يضع العصا في عجلة السلام

على قدم وساق، تجري عمليات توسعة مجمع “آرئيل” الاستيطاني، ملتهمة مزيداً من الأراضي الفلسطينية غرب مدينة سلفيت شمالي الضفة الغربية، في مخطط يهدف إلى فصل شمال الضفة عن وسطها، حسب مسؤولين فلسطينيين، فيما اعتبرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية ”خط مباشر يسعى لتقطيع أوصال الضفة، وعبارة عن عصا في عجلات أية فرصة أخيرة لعملية سلام ممكنة”.

وحسب جاد إسحق، مدير مركز أبحاث الأراضي “أريج”، فإن المشروع “واحد من أربعة مشاريع استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، من شأنه ضم البؤر الاستيطانية والمستوطنات الإسرائيلية الصغيرة إلى كتل استيطانية تعمل على تقسيم الضفة إلى كانتونات صغيرة؛ حيث تصل المستوطنات بشوارع وطرقات، في حين يتم التواصل بين التجمعات الفلسطينية عبر طرق فرعية وأنفاق”.

وقال إسحق في تصريحات لمراسل الأناضول “ومشروع آرئيل تحديدا يصل منطقة الأغوار شرقا بجدار الفصل العنصري، ملتهما آلاف الدونمات الزراعية”، مضيفاً ”من شأن التجمعات الاستيطانية السيطرة على نحو 75% من مساحة الضفة الغربية، وهي المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو”. تقع مناطق (ج) تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيا وإداريا.

من جانبه حذر القائم بأعمال محافظ سلفيت عبد الحميد الديك من أن “إسرائيل تسعى من خلال المخطط إلى بناء تجمع استيطاني كبير مركزه مستوطنة آرئيل التي تعد ثالث أكبر مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه إيصال التجمع إلى داخل إسرائيل غربا، وصولا إلى منطقة الأغوار شرقا، وبالتالي فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها”.

وأضاف  في حديثه لمراسل الأناضول ” في محافظة سلفيت 18 تجمعا سكانيا فلسطينيا، يقابلها 24 تجمعا استيطانيا يسكنه ما يزيد عن عدد السكان الفلسطينيين”، مردفاً ”هذه جريمة حرب، سرقة ونهب لممتلكات المواطنين”.

ويضم تكتل آرئيل الذي بدأ تأسيسه في العام 1975، (15) مستوطنة وبؤرة استيطانية، بحسب خليل التفكجي مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية “مسارات”.

وبين التفكجي أن “نحو 50 ألف مستوطن يسكنون بهذا التجمع الاستيطاني”، لافتا إلى أن “إسرائيل توصل العمل بالمشروع لسد فراغات بين التجمعات الاستيطانية لتشكل كتلة من المستوطنات التي يصعب تفكيكها”.

بدوره أشار رئيس بلدية كفر الديك “جمال الديك”، إلى أن الموقع المقام على أراضي بلدته، غربي سلفيت، “يشهد عمليات تسارع في البناء الاستيطاني بشكل كبير، بحيث أصبح طوقاً خانقاً، يسعى إلى سرقة وتقويض الوجود الفلسطيني في المنطقة”.

وأضاف في حديثه لمراسل الأناضول “في الطريق الواصل بين بلدات برقين مرورًا بكفر الديك غربا حتى بلدة دير بلوط المحاذية للحدود الإسرائيلية مع الضفة الغربية، تبني إسرائيل خمس مستوطنات، تسرق آلاف الدونمات الفلسطينية المملوكة بأوراق رسمية فلسطينية، ومزروعة بأشجار الزيتون”.

ومضى بقوله “الاستيطان سرق نحو 60% من أراضي البلدة، نُمنع من بناء مساكن جديدة خارج المخطط القديم رغم حاجتنا لذلك، بينما يتم تجريف أراضينا لبناء مزيدا من الوحدات الاستيطانية”، مردفاً “خسر المواطن مصدر رزقه (شجرة الزيتون)، بينما تشق الطرقات الاستيطانية لخدمة المستوطنين”.

أعمال البناء تجري بالقرب من موقع أثري يدعى “دير سمعان” يقول السكان إنه موقع تاريخي يعود لمئات السنين، ويخشون “تحويله وتزويره إلى موقع يهودي”.

عضو اللجنة التنفيذية المنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات اعتبر، من جهته في تصريحات إعلامية الأحد الماضي، أن ”إسرائيل تسعى إلى إنشاء دولة واحدة بنظاميين، تمارس فيه الاعتقال والقتل والسرقة بحق الفلسطينيين”.

وشدد في حديثه مع إذاعة صوت فلسطين (رسمية)، أن ”المشروع الاستيطاني آرئيل من شأنه فصل شمال الضفة الغربية وتحوليها إلى كانتونات”، مستطرداً “إسرائيل تريد سلطة فلسطينية بدون سلطة، واحتلال بدون تكلفة، ولكننا سنعمل على معاقبة إسرائيل في المحاكم الدولية على ما ترتكبه من مخالفات وجرائم”.

وكانت صحيفة هآرتس العبرية قد وصف التوسعات الجارية في مجمع آرئيل الاستيطاني، في عددها الصادر السبت، بأنها “خط مباشر يسعى لتقطيع أوصال الضفة، وعبارة عن عصا في عجلات أية فرصة أخيرة لعملية سلام ممكنة”.

ويمثل موضوع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وشرقي القدس المحتلتين، عقبة في طريق مفاوضات السلام التي توقفت بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أواخر أبريل/ نيسان من العام الماضي، بعد استئناف دام 9 أشهر برعاية أمريكية.

واستخدمت واشنطن،  في31 ديسمبر/ كانون أول الماضي، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار عربي ينص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنهاية عام 2017.

وبعد ساعات من هذا الإخفاق، وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس 18 اتفاقية ومعاهدة دولية، في مقدمتها ميثاق روما؛ لتعلن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مطلع الشهر الماضي، عن انضمام فلسطين رسميا كعضو كامل العضوية بها.

وبموجب عضوية فلسطين، يحق للسلطة الفلسطينية طلب إحالة ضد قادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية.

وبطلب من فلسطين تجري الجنائية الدولية حالياً تحقيقا أوليا بملفي “الاستيطان” و”جرائم الحرب” الإسرائيلية خلال حرب غزة الأخيرة (صيف 2014، والتي استمرت 51 يوما).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى