«رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً».. دعاء مسلمي توجو في رمضان

أصوات جهورية تصدح بالدعاء عاليا، وأيادي مرتعشة تتضرّع إلى الله طالبة تجنيب بلادهم أزمة كادت معالمها أن تتشكّل إبّان الانتخابات الرئاسية التي شهدتها توغو، في 25 أبريل/ نيسان الماضي: “ربّ إجعل هذا بلدا آمنا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ”.

ففي كلّ ليلة، منذ حلول شهر رمضان الكريم (الخميس الماضي)، دأب مسلمو توجو، خلال صلاة التراويح، على الإبتهال وتلاوة الأدعية من أجل سلام دائم في البلاد، حيث تدفّقت أفواج المصلّين على المسجد الكبير في العاصمة لومي، لأداء الفرائض في أجواء خاشعة، ووسط الابتهالات لله بحفظ البلاد من كلّ سوء.

إمام المسجد الكبير في العاصمة التوجولية، الحاج محمد سيالاي، قال لوكالة “الأناضول”: “فترة ما بعد الإفطار تعدّ بالنسبة لنا مناسبة للإكثار من الصلاة، وعند أداء صلاة التراويح، نشكر، نحن مسلمو توغو، الله عزّ وجلّ، الذي منحنا الفرصة لندرك سعادة الصيام.. كما نشكر الله أيضا على حفظنا من الإنزلاق إلى منعطف العنف في أعقاب الانتخابات الرئاسية”.

وتمكّنت توغو، غداة الانتخابات الرئاسية التي جرت، في 25 أبريل/ نيسان الماضي، من الإفلات من تكرار سيناريو العام 2005، حين اندلعت موجة احتجاجات عارمة إثر الانتخابات،

وأسفرت عن مقتل المئات من التوغوليين. أزمة كادت أن تندلع من جديد عندما رفضت المعارضة التوجولية القبول بفوز الرئيس المنتهية ولايته، فور جناسينجبي، وأصرّت على أنّ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية تم في إطار انتهاك واضح لجميع القواعد والإجراءات المنظمة للإقتراع، وفي ظل انتهاك للقانون الانتخابي وللمبادئ التوجيهية للجنة المشرفة على الانتخابات، بحسب تصريحات متفرّقة لقياداتها.

وأضاف: “ندعو الله بنفس دعاء إبراهيم عليه السلام: رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ”، كما “ندعو الله باستمرار أن يحلّ علينا السلام، وأن يبعد البؤس والألم عن بلادنا”.

وبارتفاع صوت المؤذن، كل مساء، مناديا لصلاة العشاء، يتدفّق أكثر من 500 مسلم، باتجاه مسجد لومي الكبير، لتلبية النداء وأداء الفرائض. إبراهيم، مسلم شاب إلتقاه مراسل “الأناضول”، في باحة المسجد، قال متحدّثا عن رحلته الروحية التي يخوضها كلّ ليلة: “عندما أصلي التراويح، أدعو الله أيضا أن يمد يد العون للطلاب الذين هم بصدد إجتياز امتحانات آخر السنة”..

وفي توجو، تتّسم الأجواء خلال شهر رمضان الكريم بحيوية كبيرة.. أنوار براقة تلف المساجد، وسجاد فاخر يزيّن باحاته وقاعات الصلاة فيها، وأشغال لا تعرف التوقّف لإصلاح وصيانة التجهيزات الصوتية والصحية التابعة لها.. نشاط وحيوية تميّز هذه الفترة من كل عام، حتى أنّ العاصمة تتحوّل فجأة من مدينة تعيش على وقع رتيب إلى مكان يعجّ حركة وحياة، رغم أنّ مسلمي توجو يمثّلون أقلية في البلاد، حيث لا يتجاوز عددهم ثلث سكان البلاد، أي حوالي 1.8 مليون نسمة، من إجمالي السكان، البالغ عددهم 6.191 مليون نسمة.

وتضم العاصمة لومي 160 مسجدا، إلاّ أنّ بقية محافظات البلاد لا تضم أكثر من 2 إلى 5 مساجد في كلّ عاصمة من عواصم المحافظات، وفقا لإتحاد مسلمي توجو. أما الإسلام، فقد وصل إلى بلدان غرب افريقيا عموما وإلى توجو بشكل خاص، عن طريق الصحراء، حيث قام المسلمون الناشطون في تجارة الملح والذهب، لدى عبورهم، بنشر تعاليم الاسلام، وبناء المساجد على طول الطريق التي تشكل محور تجارتهم أو منفذ عبورهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *