تقارير وتحقيقات

صوماليون يتقاسمون بيوتهم وشظف العيش مع يمنيين لجأوا لمقديشو

في غرفة لا يتجاوز طولها 4 أمتار، تستقبل عائلة صومالية أسرة يمنية، فرّت من ويلات الحرب، وتوفر لها المأوى والإعاشة، رغم شظف الحياة في  مقديشو.

“ماما عائشة” أم لستة أولاد، كانت الكلمات تنساب من بين شفتيها بصعوبة، وهي تسترجع تفاصيل رحلتها التي قادتها إلى الصومال، وتستجمع قواها لتقول للأناضول، ” رافقتنا المعاناة والأوضاع المزرية، منذ أن تركنا منازلنا وأمتعتنا وراءنا”.

تتوقف عائشة لتعصر ذكرياتها بالضغط على رأسها بكفيها، ولتتخلص من وعثاء السفر الذي انتهى قبل يومين فقط في العاصمة الصومالية..

أشارت عائشة بيدها نحو زاوية الغرفة، حيث يجلس ثلاثة من أبنائها، قائلة: تمكنت من اصطحاب أولادي هؤلاء ، وتركت ثلاثة آخرين، تحت وطأة المدافع والطائرات الحربية التي تقصف مدينة “تعز” اليمنية، (بسبب ضيق ذات اليد).

وسردت عائشة بعضًا من تفاصيل رحلتها: منذ وصولنا إلى الصومال عبر ميناء بوصاصو، حظينا باستقبال حار من أهل الصومال، كأننا أقاربهم، إضافة إلى أن أسرًا صومالية ساعدتنا في دفع تكاليف الطائرة، من بوصاصو إلى مقديشو، وجهتنا الأخيرة.

وتابعت: تقاسمنا لقمة العيش مع الأسر الصومالية، رغم الاحتياجات الكثيرة خلال رمضان، ونحرص على التأقلم مع ظروف الحياة مهما كلف الأمر.

مهند الصغير ابن الثمانية أعوام يحمل لعبة كلاشنكوف، وكأنه يجسد حالة بلاده الذي تمزقه الحروب، لعبة السلاح بيديه الناعمتين باتت اختزالاً لصورة الحرب في اليمن.

حسن شيخ من المقربين من الأسرة الصومالية، التي استضافت اليمنيين، قال للأناضول إنه رغم قصر طول يدنا، (كناية عن الفقر)، إلا أننا قدمنا لهم هذه المبادرة وتكفلنا بإعاشة هذه الأسرة على غرار الأسر الصومالية الأخرى التي تحتضن أشقاءً يمنيين.

وأضاف حسن- المدرج إسمه في قوائم البطالة كغيره من آلاف الصوماليين- أنه يسعى يوميًا لعمل يسد به رمق أسرته المكونة من 9 أفراد، بينها الأسرة اليمينة، ولا “مفر من أن أحمل هذه المسؤولية الكبيرة على عاتقي” كما يقول.

واعتبر حسن شيخ كرم ضيافة الأسر اليمينة في ظل أوضاعه الصعبة، يأتي من باب الوفاء، علما قام به اليمنيون عندما استقبلوا آلاف الصوماليين العالقين هناك، والسماح لهم بالتنقل فيه من أقصاه إلى أقصاه ومنحعهم نفس حقوق المواطن اليمني.

أما بنت الأسرة اليمنية البكر، إكرم حسن، فقد أكملت دراستها الثانوية مؤخراً، بالرغم من ظروف بلدها، ولا تعلم كم من الوقت ستقضي في الصومال، أو بالأحرى متى ستنتهي أزمة اليمن، لتستكمل مشوارها التعليمي الجامعي، قائلة بصوت يملأه حنين الدراسة:  لم يحالفنا الحظ وجاءت بنا الأقدار إلى هنا.

ارتباطها بالدراسة دفعها إلى تمني أن تواصل دراستها الجامعية في الصومال ، مطالبة الأيادي الخيرية بأن توفر لها ولأقرانها فرصة استكمال مشوارهم التعليمي.

وإن اختلفت الأحوال المعيشية للاجئين اليمنيين في مقديشو إلا أنهم يتقاسمون طعم الهموم ومعاناة الغربة.

من جهته، قال رئيس الجالية اليمنية حسين سالم للأناضول، “إن اللاجئين اليمنيين في مقديشو يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة، حيث لا توجد هيئات خيرية أو جهات أخرى تؤهلهم وتوفر لهم لقمة عيش، كما أنهم يفتقرون لأبسط مقومات الحياة”.

وحول ما إذا كان هناك جهوداً لإنشاء مخيمات لإيواء اللاجئين، قال رئيس الجالية: “لا يوجد أي جهود محلية أو دولية لإيواء اللاجئين اليمنيين سوى مبادرات فردية بسيطة” .

ويقدر عدد اللاجئين اليمنيين الذين يعيشون في مقديشو وحدها بنحو 400 أسرة بحسب إحصائيات الجالية اليمنية في الصومال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى