«هجوم سوسة» يسلط الضوء على تمدد الإرهاب بين طلبة الجامعات في تونس
ألقى تورط سيف الدين الرزوقي طالب الماجيستير في كلية العلوم التطبيقية بالقيروان في أحداث سوسة الارهابية، الضوء على تصاعد حالة الاستقطاب في أوساط الشعب العلمية بالجامعة التونسية نحو التنظيمات المتشددة.
وشغل الرزقي الرأي العام بعد قتله 38 سائحا بدم بارد في نزل “ريو امبريال مرحبا” في سوسة وهي أعلى حصيلة للعمليات الإرهابية تشهدها تونس.
وبحسب شهادات من عائلة الرزقي والقريبين منه ، فإنه لم تكن بادية عليه أي علامات من التشدد قبل العملية بل عرف عنه في محيطه تفوقه في دراسته وولعه بالرقص في وقت ما.
وقال المحلل الأمني والعسكري فيصل الشريف العضو بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية “تستند بعض التحليلات إلى تأثيرات الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بتونس على خيارات الشباب للارتماء في أحضان الجهاد. انا لست من أنصار تلك التحليلات”.
ويوضح الشريف لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أن ” 80 بالمئة من القابعين في السجون التونسية ومتورطون في قضايا ارهابية هم طلاب في اختصاصات مختلفة من العلوم الصحيحة، من الواضح أنهم يفتقدون الى الفكر النقدي وملكة التحليل في العلوم الانسانية”.
وبالفعل كشفت الملاحقات الأمنية للعناصر المتشددة التي يشتبه بانتسابها لكتيبة عقبة ابن نافع التي تقف وراء أغلب العمليات الارهابية في تونس أن عددا من عناصرها أو المتعاونين معها كانوا من بين طلبة وخريجي جامعات الهندسة والعلوم.
كما صرح المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي بأن من بين أكثر من ألف متهم بالإرهاب لدى الداخلية فإن 30 بالمئة منهم هم من التلاميذ والطلبة. و95 بالمئة من هؤلاء ينتمون الى الشعب العلمية.
وكشفت نتائج استبيان أجراه الاتحاد العام لطلبة تونس في بالجامعة التونسية عن ان نحو 1300 طالب تونسي أغلبهم من الاختصاصات العلمية منخرطون في التنظيمات الجهادية خارج تونس، في سورية والعراق وبدرجة أقل في ليبيا. وقال كاتب عام اتحاد الطلبة رياض الدزيري “الأرقام مفزعة. إذا انخرطت نخبة المجتمع التونسي في مثل هذه الممارسات فالأكيد أن النتائج ستكون أكثر كارثية في الأوساط الأقل تعليما”.
ومن دون شك سمحت الثورة في 2011 ضد حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي بتحرير الجامعة التونسية من قبضة البوليس ولكنها دفعت في نفس الوقت اسلاميين متشددين إلى السطح مستفيدين من مناخ الحرية.
وكانت حادثة استبدال العلم التونسي بالراية السوداء من قبل أحد المتشددين في جامعة منوبة القريبة من العاصمة بعد أشهر قليلة من سقوط النظام بداية تحول فعلي في الحياة الجامعية بتونس.
وقال المؤرخ الجامعي والمحلل السياسي خالد عبيد لـ(د.ب.أ) ” تورط النظام السابق في تجفيف المناهج الدراسية في الجامعة من أي مواد نقدية وساهم في تسطيح العقول. واليوم نحن نجني نتائج تلك السياسات”.
وأوضحت تقارير دولية كيف أن تنظيم الدولة الاسلامية نجح في استقطاب خبرات وكفاءات في اختصاصات تقنية إلى جانب قدرته على التسويق والاختراق.
ولفت فيصل الشريف إلى أن قوة الدعاية التي تعتمدها التنظيمات المتشددة وعلى رأسها تنظيم الدولة الاسلامية نجحت في استقطاب حتى الشباب الأوروبي، وفي المقابل لا توجد أنظمة دعاية مضادة.
وقال المحلل “ماذا فعلت الدول وماذا فعلت أوروبا لمواجهة قوة الدعاية”.
وعلى الرغم من الضربات الجوية للتحالف الدولي فإن المقاتلين الأجانب لا يزالون يتدفقون نحو ساحات القتال تحت إمرة “داعش” بينما يحتل التونسيون مراتب متقدمة في عدد الجهاديين بالخارج إذ يسافر أغلب هؤلاء عبر الأراضي الليبية وتركيا ومنها ينطلقون الى سورية والعراق.
وقالت وزارة الداخلية إنها منعت منذ آذار/مارس عام 2013 أكثر من 12 الف شاب من السفر لشبهة الالتحاق بمناطق القتال.
وقال الشريف “بعد الثورة فتحت الأبواب للجهاد وكان ذلك أمام مرأى المسؤولين في الحكومة. وكان تدفق الشباب التونسي على سورية بعلة إسقاط نظام بشار الأسد مع اندلاع الاحتجاجات في سورية”.
وبحسب أرقام كشفت عنها الداخلية ، فإن عدد الجهاديين التونسيين في بؤر التوتر بالخارج يتراوح ما بين 2500 و.3000 من بينهم أكثر من 500 عنصر عادوا الى تونس أحيل عدد منهم إلى القضاء في حين يخضع آخرون إلى المراقبة الأمنية.