الإيزيديان «علي وفيان» .. هكذا أنقذ «العشق» المحبوبة من قبضة «داعش»
ليست وحدها الأفلام السينمائية أو الروايات من تحمل النهايات الجميلة، فحكاية الشاب الإيزيدي العراقي علي خضر، هي الأخرى تكللت بخاتمة أشبه بتلك، بعد أن تمكن من إنقاذ حبيبته من قبضة تنظيم “داعش”.
وفي مدينة هانوفر الألمانية، يستعد خضر، صاحب الـ (20 عاماً)، لإقامة حفل زفافه على فيان ميرزا، الناجية من الأسر، والهاربة من “الموت” و”فظائع” ما خلّفه اجتياح “داعش” لقضاء سنجار (في محافظة نينوى شمالي العراق) مطلع أغسطس/آب 2014.
بدأ الأمر وكأنه أشبه بـ”الخيال”، كما يروي خضر لوكالة “الأناضول”، عبر الهاتف، من منزله بألمانيا: “على مدار 3 سنوات مضت، وأنا على علاقة حب مع فيان التي تقطن بلدة حردان (قضاء سنجار)، وخلال اجتياح “داعش” للمنطقة وقعت هي في قبضة التنظيم، وتم نقلها إلى تلعفر (غربي الموصل)”.
ولأنّ لا معنى لحياته دون محبوبته، ولا أهمية لأيامه في غيابها، فقد عقد العزم على إنقاذها، كما يقول، وخلال فترة اعتقالها كان على اتصال عبر الهاتف المحمول مع شقيقها.
ويستدرك:” قررت إنقاذها، ولو كلفني ذلك حياتي، فبدون فيان لا حياة لي”.
وترك خضر المخيم الذي يقطنه في محافظة دهوك ( شمالي العراق)، وتوجه إلى سنجار للالتحاق بإحدى الفصائل الإيزيدية المقاتلة والمتحصنة في الجبل.
ومضى قائلًا: “علمت أن فيان وعائلتها في معتقل ببلدة تلعفر، (..)،شجعتهم عبر تواصلي مع أخيها على الهروب، وفعلاً تمكنوا من مغافلة الحرس، والفرار مشياً، كنت أزودهم بإحداثيات الطرق التي يجب أن يسلكوها لتجنب نقاط داعش”.
ولنحو 12 ساعة ظلّت فيان وعائلتها تسير إلى حين وصولهم لسفوح الجبل الشرقية، حيث كان علي انتظارهم، بصحبة عدد من المقاتلين الإيزيديين.
ويضيف علي : “تم نقل حبيبتي وذويها إلى محافظة دهوك، بعد أن بقوا بقبضة التنظيم 4 أشهر كاملة، ثم توجهت عائلتها الى ألمانيا، فلحقت بهم إلى هناك”.
ويضيف بأنه يحب فيان التي تصغره بعامين “بشدة”، وهو عازم على الاقتران بها بغض النظر عن أي شيء آخر.
واقتصر حفل الخطوبة في هانوفر الألمانية، على العائلتين فقط، مستطرداً: ” نستعد لإقامة حفل زفاف بسيط جداً، بعيداً عن الرقص والغناء، فكيف يمكننا الاحتفال وهنالك مئات وربما آلاف الأسرى والمخطوفين من أهلنا لدى “داعش” الإجرامي”.
“وليفهم العالم أننا لا نتخلى عن بناتنا وما حصل لهنّ فوق إرادتهنّ”، بهذه الكلمات ختم علي حديثه مع الأناضول.
واستولى تنظيم “داعش” على قضاء سنجار، غربي الموصل (شمال)، والمناطق المحيطة به، في أغسطس/ آب ٢٠١٤، وقام باحتجاز عدد كبير من الإيزيديين نساءً ورجالاً، وترددت أنباء عن معاملة مقاتلي التنظيم، للنساء الإيزيديات باعتبارهن “جواري”، وباعوا بعضهن في الأسواق.
وتقول منظمات حقوقية، إن التنظيم ارتكب انتهاكات جسيمة بحق السكان من الأقلية الإيزيدية شمالي العراق.
من جهته، يقول خيري بوزاني، مدير عام الشؤون الإيزيدية في وزارة الأوقاف في حكومة إقليم شمال العراق: “ينبغي علينا جميعا أن نحيي شجاعة الشاب علي خضر، ونهنئه على ما قام به”.
ويضيف بوزاني في اتصال مع الأناضول: “بالنسبة لنا، سنتقوم برفع دعوة قضائية ضد أية شخصية أو مؤسسة تتهم الإيزيديين بإساءة معاملة الناجيات من قبضة “داعش”، وأمامنا الدليل الحي الذي يشهد على حسن المعاملة، والإصرار على احترام وتقدير كل الناجيات من قبضة هذا التنظيم المجرم”.
ووفقاً للمعلومات التي بحوزة الباحث الإيزيدي، داود مراد ختاري، فإن حالة الشاب خضر هي الرابعة التي يتم فيها الاقتران بناجية إيزيدية من قبل حبيبها أو خطيبها، أو من قبل شاب لم تتعرف عليه سابقاً.
ويقول ختاري للأناضول: “نتيجة تواجدي المستمر في المخيمات، وإجراء المقابلات مع الناجيات، هناك العديد من الشباب يطلبون الزواج من الناجيات”,
ويتابع: “هنالك ناجية في مخيم إيسيان (محافظة دهوك)، تقدم لها شخصان للزواج، لكنها ترفض وتريد إكمال دراستها”.
وهناك حالات عديدة لناجيات يقبلنّ بالزواج، شرط عودة ذويهم المخطوفين، والمأسورين لدى “داعش”، والقدرة على التعايش مع ما أصابهم من مآسٍ وويلات.
والإيزيديون (أو اليزيديون)، مجموعة دينية، يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل، ومنطقة جبال سنجار، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة،وتعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وإيران، وجورجيا، وأرمينيا.
وبحسب باحثين، تُعد الديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، وتُتلى جميع نصوصها في مناسباتهم وطقوسهم الدينية باللغة الكردية.
وتفاقمت الأزمة الإنسانية في العراق منذ صيف العام الماضي، باجتياح تنظيم “داعش” العديد من المناطق في البلاد، وسيطرته على مساحات واسعة من الأراضي، وخاصة في الشمال، قبل أن يستولي على مناطق أخرى في الغرب.