لهذه الأسباب تقلل خرائط “جوجل” من قدراتك العقلية
يعد نفاد البطاريات في الهاتف وعدم القدرة على الوصول إلى الإنترنت، من المخاوف المعروفة للمغرَمين بالتكنولوجيا، والذين لا يستطيعون الاستغناء عن خرائط جوجل للتحرك.
وحسب صحيفة” هافينجتون بوست” الأمريكية، يشغل العلماءَ تخوفٌ أكبر: هل للاعتماد على نظم الملاحة عواقب على الإدراك البشري؟
للوهلة الأولى، تبدو هذه الابتكارات التكنولوجية مفيدة، ولكن يثير ستيفان روش، أستاذ الجيوماتكس في جامعة لافال، مفارقة مهمة في عصرنا هذا؛ مع القدرة على استخدام أنظمة المساعدة الملاحية، لم يعد للأفراد القدرة على تحليل البيئة التي يتواجدون فيها، على أية حال، هم يعتقدون أن خرائط جوجل تحدد لهم الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه، “نحن لم نكن نعاني قط مع الخرائط، وفي الوقت نفسه، فإن الشخص العادي لم يكن أبداً ذا قدرة محدودة على التنقل في فراغ دون مساعدة”.
ويذكر روش أنه ليس فقط تحركاتنا هي التي تخضع لإرادة خوارزمية على نحو متزايد، ولكن أظهرت الأبحاث في العلوم الاجتماعية أن هناك خطراً من الفقر الفكري.
ويضيف: “هناك الكثير من البحوث التي تبين أن هذه البرامج قد تؤثر على استقلاليتنا، عندما تزيل عدداً من السلوكيات التي يعتبرها الشخص، الذي يصمم الحل، غير مرغوب فيها”.
“إذا كنا سنقوم بتسهيل العمل عليك، فلن تتذكر أبداً الطريق الذي قد سلكتَه، تنشيط الذاكرة والإدراك المكاني، الذي لا نقوم باستخدامه عندما نسترشد بنظام تحديد المواقع”.
أنظمة غير قادرة على التأقلم”. وأشار روش إلى أن أنظمة المساعدة على الملاحة تتكيف بشكل سيئ مع الإدراك البشري، وأنظمة تحديد المواقع تعمل مع المسافة، في حين يعمل الدماغ البشري بالأحرى مع المعالم.
إن كنت تسأل شخصاً ما عن طريقك في المدينة، فلن تجد الكثير من الناس الذين يقولون لك: “امشِ 150 متراً، ثم دُرْ 30 درجة إلى الغرب”، الناس سوف يقولون لك: “إذهب إلى ستاربكس المقبل، وادخل يميناً”.
استخدام الخرائط بطريقة عمياء
أظهرت أبحاث تيريتيوتي قيسنو، طالب الدكتوراه في الجيوماتكس بجامعة لافال التي أجراها أن الشباب يتعرضون بشكل خاص للخطر، وأولئك الذين وُلدوا مع خرائط جوجل والذين لم يتعلموا أبداً التخطيط لطريقهم لم يشعروا بانخفاض قدرتهم أو ركودها، بالأحرى هم لم يكتسبوها أبداً.
حقيقة أن تخطيط المسار أصبح آلياً، قد أثرت على اكتساب المعرفة المكانية، في رأيه يجب على مصنّعي أنظمة المساعدة الملاحية إيجاد سبل لتشجيع المشاركة النشطة من جانب المستخدم.
مخاطر أمنية
كما أنه أمر ضار، فإن فقدان الاستقلالية والتأثيرات على المعرفة ما هي إلا أجزاء من القضية، هذا الاعتماد على التكنولوجيا له أيضاً تداعيات أمنية.
في حين ينعدم الاعتماد على لافتات الطرق، التي تحتوي مع ذلك على معلومات أساسية، قد يتسبب السائقون في حوادث كان من الممكن تفاديها، عند إزالة القرار، تصبح الآلة هي الحاكمة.
بدلاً من الاعتماد على الحكم الشخصي وتحليل الوضع مع العناصر المادية الملموسة، سوف نتنازل تماماً عن التحكم لصالح أنظمة المعلومات حيث انعدام الخطر غير موجود، وهي ليست معصومة من الخطأ.
في منتصف شهر نوفمبر 2016، ذكرت العديد من الصحف الأمريكية أن سائق جرار ظل عالقاً على السكك الحديدية في جورجيا، بالولايات المتحدة، اقترح عليه جهاز الـGPS عبور القضبان، بينما أشارت العلامات الإرشادية إلى أن ذلك ممنوع، وفي الوقت نفسه، كان القطار يقترب، لكن لحسن الحظ سمح الوقت للسائق وزوجته بترك السيارة والابتعاد بعيداً.
العثور على جثة بعد سنة ونصف السنة
منذ بضع سنوات، علق زوجان في الصين على الطريق بولاية نيفادا، أشار لهم الـGPS بالمغامرة هناك، لكن في شهر مارس 2011، لم يكن الطريق صالحاً للسير، وجد ألبرت وريتا كريتيان نفسيهما منعزلين وحدهما عن العالم.
بعد البحث معاً عن المساعدة سيراً على الأقدام، انفصلا، وذهب السيد كريتيان وحده، بسبب إصابة زوجته في الركبة، وكانت هذه آخر مرة شوهدا فيها، بعد سنة ونصف السنة، تم العثور على جثة الزوج على بعد 16 كيلومتراً من هناك، أما بالنسبة للسيدة كريتيان، فقد بقيت على قيد الحياة عن طريق تناول الحلوى والفواكه المجففة لمدة 49 يوماً قبل أن يجدها أحد المارة في مايو 2011، وإن كانت هذه الأمثلة حزينة، فإنها توضح العواقب الوخيمة للاعتماد على نظام تحديد المواقع.