شيوخ فى هيئة علماء الأزهر لـ«امل مصر»: مرسى أمير المؤمنين والمتطاولون
وسط حومة الانتقادات الساخرة التى تصب غضبها وانفعالها من الرئيس محمد مرسى، وسياساته استطلعت «امل مصر» آراء بعض أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف التى أصبحت بحكم الدستور، المرجعية الجديدة للدولة، فيما يخص الشأن الدينى، بل وصارت الهيئة الدينية الرسمية، حول هذه القضية فأكد عدد منهم، أن محمد مرسى، فى منزلة أمير المؤمنين، نظرا لأنه يحكم عرش مصر، ومن ثم فإن التطاول عليه يدخل بصاحبه فى باب الفسوق، نظرا لأن التطاول عليه يسقط هيبته.
يقول الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء، إن رئيس الجمهورية بمنزلة أمير المؤمنين ومن ثم فلا يجوز التطاول عليه لا قولا ولا فعلا، لأن التطاول يسقط هيبته، ومن ثم تسقط هيبة شعبه فيقول النبى صلى الله عليه وسلم «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة»، فالتطاول على رمز الأمة وعنوانها هو إنقاص للدولة التى يمثلها والعالم الإسلامى والعربى الذى يمثله خاصة من يتولى عرش مصر حيث فى القديم افتخر فرعون بأنه يحكم مصر فقال كما حكى القرآن «ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون».
وأضاف مهنا: يحدثنا التاريخ والسنة الصحيحة والقرآن الكريم بأنه لا يجوز التطاول على رمز الأمة وعنوانها فلما أراد سعد بن أبى وقاص وهو خال النبى وأحد العشرة المبشرين بالجنة وصاحب الدعوة المستجابة، لما أراد أن يصل إلى عمر بن الخطاب عن طريق العنف متخطيا الصفوف فضربه عمر على رأسه بالدرة فقيل له يا أمير المؤمنين إنه خال رسول الله، فقال: علمت ذلك ولكنى أحببت أن أعلمه كيف يهاب الدولة.
واستشهد عضو هيئة كبار العلماء بموقف إهانة أبى ذر الغفارى لسيدنا بلال بن رباح عندما قال له يا ابن السوداء فعلم الرسول، فقال له إنك امرؤ فيك جاهلية، مضيفا أنه من هذا المعتقد يجب أن نشكر الله على منحنا رجلا فى وزن هذا الرئيس الذى يحترم القيم والمبادئ ويؤدى الصلاة فى أوقاتها ولا يسمع منه لفظ يسخر من أحد فمن هذا المنطلق كان يجب علينا أن نقدره ونرفع من شأنه وسط الدول، لا أن نسخر منه فإن كل ما يستهزئ بالرئيس «آثم» لأنهم يغتابون والاغتياب يكون بالقول والفعل.
وقال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو هيئة كبار العلماء، إن هذا العمل مرفوض من كل النواحى الشرعية والأخلاقية والقانونية؛ أما الناحية الشرعية فالاستهزاء أو السخرية من أى شخص آخر مهما كان مركزه الاجتماعى حتى لو لم يكن من أصحاب الجاه أو الشخصيات العامة هو من أكبر الكبائر وبعد الكبيرة تكون جريمة شديدة العقوبة وصريح القرآن يدل على هذا وليس اجتهادا من الفقهاء وإنما هو بنص الآية «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون».
ومن ثم هذا الفعل «فسوق» فالذى يرمى أو يسخر منه أو يستهين بلقبه «فاسق» فالله تعالى يقول «بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون»، كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الكلمة التى تسىء إلى الغير يعاقب الله عليها فاعلها فعندما تحدث صلى الله عليه وسلم عن الغيبة قال «ذكرك أخاك بما يكره، قال: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته».
وأضاف: أما من الناحية الأخلاقية فإنما تدل على سوء التربية وحقارة النفس، فكريم النفس لا يهين الآخرين وكما يبين الحديث الشريف «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذىء»، ومن سوء الخلق التطاول على شخص يمنعه حلمه من الرد عليك فهذا يشكل جبنا فى الأخلاق، لأنه لو يعلم الفاعل ما يقوله فى غيره بأنه سيعاقبه لتردد فى ارتكاب ما ارتكبه.
ويقول الدكتور طه أبوكريشة، عضو هيئة كبار العلماء، إنه بصفة عامة دون استثناء فإن الإسلام يحرم أسلوب السخرية والاستهزاء بين المسلمين، وذلك من خلال قوله تعالى ناهيا وزاجرا ومتوعدا «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون»، وكذلك من خلال قوله تعالى: «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما».
ومن خلال قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذى إليه تحشرون»، وكذلك فإن الإسلام ينهى عن التحقير بأى أسلوب وبأى وسيلة كما جاء النهى عن ذلك فى قوله صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه.. من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته.. ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة.. ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».
وتابع أبوكريشة: «كذلك من خلال قول النبى صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير»، فهذه قواعد عامة فى الإسلام التى تحكم ضوابط التعبير وأدب الحديث المتبادل بين الأفراد والجماعات وإذا كان الأمر يتعلق بشخصية لها مكانتها فى المجتمع فيترتب على السخرية آثار كبيرة فإن التأثير يكون أكبر وأشد ونؤكد أن هذه الضوابط ضوابط عامة لجميع أفراد المجتمع الإسلامى كبارا أو صغارا حكاما ومحكومين.
من جانبه يقول الدكتور محمد المختار المهدى، عضو هيئة كبار العلماء، إن التطاول على أى إنسان حتى لو كان غير مسلم مرفوض فلم يكن النبى سبابا ولا لعانا وإن التحقير والاستهزاء مناف للأخلاق ونحن لدينا أزمة أخلاق والانفلات ناتج عن ضعف الإيمان باليوم الآخر فيقول الله تعالى «وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» فلو استقر هذا المعنى فى وجدان الناس ما أقبلوا على مثل هذا.