نواب الإخوان والسلفيين: انسوا تعديل الدستور قبل عامين.. صبحى صالح: الر
هل تنتهى أزمة خلافات القوى السياسية حول تعديل الدستور بالاتفاق على لجنة قانونية تقوم بدراسة المواد المختلف عليها، وكتابة مذكرة بها، ليقوم الرئيس بتقديمها فى أول جلسة لمجلس النواب؟
قد يتصور القارئ للأحداث أن هذا حل جيد للأزمة، خاصة أن الرئيس استجاب فى جلسة الحوار الوطنى الأخيرة لهذا المطلب، كما وافق على تشكيل هذه اللجنة. وقد يشعر البعض ببارقة أمل مع تكليف رئيس الوزراء للدكتور عمرو سليمان، وزير الدولة للشؤون القانونية والنيابية بإعداد تقرير حول المواد المختلف عليها فى الدستور، والمطلوب تعديلها لمناقشتها فى الحوار الوطنى للاتفاق عليها، على أن يلتزم الرئيس بتقديمها إلى مجلس النواب فى أول انعقاد له ليطلب تعديلها، لكن هل يحل ذلك أزمة تعديل الدستور التى استغرقت شهورا من معركة جبهة الإنقاذ وقوى المعارضة مع النظام؟ أم أن اللجنة ستكشف عن المأزق الحقيقى لتعديل الدستور الذى قد يعلمه البعض ويتجاهله أو لا يعلمه؟
إن تعديل الدستور أو مناقشة أى مواد معدلة به لا يناقشه مجلس النواب بمفرده، إنما وفقا للدستور يجب أن يناقشه مجلس النواب ومجلس الشورى معا، وبالتالى لكى تتم مناقشة تلك التعديلات لا بد أن يكون قد تم انتخاب مجلس النواب ثم انتخاب مجلس الشورى، وذلك لأن المادة «217» تنص على أنه «لكل من رئيس الجمهورية وخمس عدد أعضاء مجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ويناقشه مجلسا النواب والشورى خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلمه ويصدر كل مجلس قراره بقبول طلب التعديل كليا أو جزئيا بأغلبية عدد أعضائه وإذا رفض الطلب لا يعاد طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى كما تنص المادة «218» على أنه إذا وافق المجلسان على طلب تعديل الدستور يناقش كل منهما نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوما من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا أعضاء كل مجلس عرض على الاستفتاء الشعبى خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور هذه الموافقة».
ووفقا لتلك المواد يقول النائب صبحى صالح، عضو مجلس الشورى، القيادى بالإخوان المسلمين، إن مناقشة التعديلات الدستورية تستوجب وجود مجلسى النواب والشورى، وبالتالى فبعد أن تنتهى اللجنة القانونية المشكلة لإعداد المواد المختلف عليها، سيأخذ الرئيس تلك المذكرة ويضعها فى الدرج حتى يتم انتخاب مجلس النواب. ويتابع صالح: عندما يقدمها الرئيس لمجلس النواب سيأخذها مجلس النواب، ولن يناقشها إلا بعد انتخاب مجلس الشورى، لأن الدستور يشترط أن يناقش المجلسان طلب التعديل. وأضاف صالح: إن الرئيس لا يملك إلا أن يقدم مذكرة بطلب التعديل فى عدد من مواد الدستور، كاشفا عن أن الرئيس لا يملك الـ50% من النواب زائد واحد التى يجب أن توافق على مناقشة الطلب فى المجلسين، ولا يملك ثلثى أعضاء كل مجلس، والذين يجب أن يوافقوا على إقرار المواد، وأخيرا إذا ضمن تركيبة المجلس هنا وهناك فهو لا يملك موافقة الشعب على مواد الدستور عندما تطرح للاستفتاء.
من جهته يقول الدكتور صفوت عبدالغنى، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية بمجلس الشورى: إن قصة المواد المختلف عليها فى الدستور مسألة عبثية هزلية وليست جادة بسبب الواقع العملى، وليس لأن الرئاسة لن تلتزم بوعدها فى تقديم المذكرة لمجلس النواب، ولكن لأن مجلس النواب فى تقديرى لن ينعقد قل شهر يونيو. وتابع عبدالغنى: إن الإجراءات الانتخابية ستبدأ فى نهاية الشهر، وهناك شهر سيكون لفتح باب الترشيح، ثم أسبوعان لتقديم الطعون، وشهر على الأقل للدعاية الانتخابية، ثم شهر ونصف الشهر لإجراء العملية الانتخابية، سواء تمت على مرحلتين أو ثلاث، كما أن كل مرحلة ستتم على يومين، وتليها الإعادة ثم مرحلة إعلان النتائج والطعون، مضيفا: إن السلطة التشريعية ستنتقل لمجلس النواب كاملة فور انتخابه لحين انتخاب مجلس الشورى الذى سيتم انتخابه خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب، أى أن مجلس الشورى ستكون أمامه سنة أخرى لينعقد، وبالتالى أمامنا سنة ونصف كى تأخذ إجراءات تعديل الدستور مسارها نحو التنفيذ.
وفى سياق متصل، أوضح الدكتور جمال جبريل، عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، أستاذ القانون الدستورى، أن مشكلة المواد المطلوب تعديلها فى الدستور ترجع إلى أن بعضا ممن يتكلم عنها يتحدث بهدف التعديل لتحقيق المصالحة الوطنية، والبعض يهدف للمعارضة، وآخرين بهدف التعديل لمجرد التعديل فقط، مشيرا إلى أن اللجنة المصغرة التى تم تشكيلها من قبل الرئاسة فى الحوار الوطنى الأول، وكان هو نفسه عضوا فيها، تلقت تعديلات مثيرة للضحك، حيث إن بعضا ممن تقدموا بتعديلات كانوا قد أخذوا المواد التى يريدون تعديلها من برامج توك شو، والبعض الآخر كان لا يعرف ماذا يكتب، والبعض الثالث لم يفهم ما يريده تحديدا.
وقال الدكتور محمد محيى الدين، عضو مجلس الشورى، وكيل حزب غد الثورة، إنه يرى أن مجلس النواب يمكنه دستوريا أن يصدر بمفرده التعديلات الدستورية، خاصة أنه ستنتقل له السلطة التشريعية كاملة بمجرد انتخابه لحين انتخاب مجلس الشورى كما تنص المادة «230» من الدستور، لافتا إلى أنه حاليا يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع كاملة، ويصدر التشريعات بمفرده، ومع انتقال سلطة التشريع كاملة للشورى حتى انتخاب مجلس النواب، فإنه من الممكن أن يتولى مجلس الشورى تعديل الدستور بما أنه يمتلك التشريع كاملا، مؤكدا أنه يرى أنه من الأفضل من ناحية المواءمة السياسية أن يقوم بذلك مجلس النواب منفردا بعد انتخابه، نظرا للنقد الشديد الذى يتعرض له مجلس الشورى، سواء من حيث تشكيله أو طريقة انتخابه.
وأشار محيى الدين إلى أن أهم المواد التى يرشحها للتعديل هى المادة الثانية من الدستور، وإعادة صياغة وضبط المادة الثالثة الخاصة بالاحتكام لشرائع المسيحيين واليهود، قائلا: إما أن نلغى هذه المادة مع إلغاء المادة 219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة، أو أن يتم تعديل المادة الثالثة، بحيث تلغى شرائع اليهود، لافتا إلى أن وضع هذا الأمر كان بمثابة مصيدة لنا فى مطالبات اليهود بتعويضات عن أملاكهم، مطالبا بأن تعدل المادة الرابعة الخاصة بالأزهر، بحيث يكون رأى الأزهر جوازيا وليس وجوبيا، وأن يتم نقل مادة الأزهر لباب الهيئات والأجهزة المستقلة.
وأشار محيى الدين إلى أن المادة الخاصة بتشكيل الحكومة هى من المواد المطلوب تعديلها، حيث يرى أن يكون تشكيل الحكومة على مرحلة واحدة، بحيث يكلف الرئيس حزب الأكثرية مباشرة بتشكيلها أو أن تكون على مرحلتين، بحيث تكون المرحلة الثانية فى حالة عدم حصول الحكومة على الثقة، فيشكلها حزب الأكثرية.
وتابع محيى الدين: مادة الأجهزة الرقابية يجب النص فيها على عدم عزل رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، بالإضافة إلى إعادة اختصاصات المحكمة الدستورية إلى ما كانت عليه. من جهته قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، عضو المكتب التنفيذى لجبهة الإنقاذ، إن موافقة الرئاسة على تشكيل لجنة قانونية لدراسة المواد المختلف عليها قد تساعد فى حل الأزمة الراهنة إذا أحسن تشكيلها. واقترح أن يكون تشكيلها محايدا من أساتذة قانون متخصصين ومحايدين من عمداء كليات الحقوق، وأقدم رؤساء أقسام القانون العام فى الجامعات، وأن يكون التشكيل بتوافق على أسماء اللجنة من مختلف الأطراف. وأوضح أن اللجنة ستكون مهمتها تلقى المقترحات والتعديلات حول المواد ممن يرغبون فى تعديلها، وتنظر فى صياغتها، وتجرى ما تراه من تعديلات لازمة حتى يخرج الدستور بشكل يليق بمصر وشعبها.
وأعرب عبدالمجيد عن عدم تخوفه من طول الفترة التى ستنتظرها التعديلات حتى يتم اكتمال انتخاب مجلسى الشورى والنواب. وقال: لو فيه التزام فإنه ليس هناك قلق من الانتظار، لافتا إلى أن تونس بدأت فى إعداد الدستور قبلنا ولم تنته منه حتى الآن.