وزير خارجية نيوزيلندا لـ”امل مصر”: سنفعل ما فى وسعنا لتشجيع الاستثمار
جاء إلى القاهرة يحمل ملفين، الأول خاص بالعلاقات المصرية النيوزلندية، والثانى برغبة بلاده فى الحصول على تأييد عربى فى ترشحها للعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن، للعامين 2015 و2016، ولتحقيق أهدافه، خصص زيارته التى امتدت لثلاثة أيام للقاءات مكثفة، محاولا العودة لبلاده محملا بالنجاح.
موراى ماكولى، وزير خارجية نيوزلندا، التقاه “امل مصر” فى حوار خاص أكد فيه على استعداد بلاده لتوفير مراقبين للانتخابات البرلمانية فى مصر، التى كان من المقرر عقدها فى غضون أشهر قليلة، مرجعا ذلك إلى توافر خبراء فى هذا المجال يمكنهم المساعدة، أغلبهم أعضاء سابقون فى البرلمان، لكنه فى المقابل يرفض الحديث عن رؤيته لشكل الحكم فى مصر حاليا، ورد مازحا بقوله “علمت أن وزراء الخارجية الذين يعلقون على الشئون الداخلية للدول التى يزورنها لا يبقون وزراء لوقت طويل، لذا لن أعلق على أداء الرئيس مرسى، أو شئون مصر الداخلية”، وإلى نص الحوار:
ما هدف زيارتكم لمصر فى هذا التوقيت؟
حقيقة الأمر توقيت الزيارة فرضه اجتماع مجلس الجامعة العربية بحضور وزراء الخارجية العرب، ونحن هنا لإجراء عدد من المباحثات الثنائية معهم، ومع نظرائنا المصريين الذين تجمعنا بهم علاقات صداقة طويلة الأمد، ونيوزيلندا لديها تاريخ حافل مع مصر، وشمال أفريقيا بوجه عام، إذ كان لدينا تواجد قوى إبان الحرب العالمية الثانية، كما أن لدينا اهتماما بالشراكة التجارية والاقتصادية أولا مع مصر، باعتبارها أحد أكبر القوى فى الشرق الأوسط، ومع المنطقة بأسرها نظرا لما باتت تحمله من أهمية كبيرة فى العالم ككل، ونراقب عن كثب التطورات التى تحدث فيها، ومصر تمر بوقت يفرض عليها الكثير من التحديات، ونتمنى لها كل الخير فى سعيها للانتقال نحو الديمقراطية وبناء مؤسسات قوية للدولة، ونتمنى أن تنعم بالاستقرار والأمن فى أقرب وقت، ونعى جيدا الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد وندعمها كليا.
وتجمعنا مع مصر كذلك ارتباطات مثل القوات المتعددة الجنسيات فى سيناء، الموجودة هناك منذ 30 عاما ويقودها حاليا، ومنذ 3 سنوات، اللواء وارين وايتينج وهو نيوزيلندى الجنسية.
تقابلتم مع نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية، ومحمد كامل عمرو وزير الخارجية، ووقعتم اتفاق تعاون بهدف تطوير التعاون السياسى والاقتصادى وفتح قنوات حوار بخصوص القضايا الإقليمية وعلى رأسها قضيتا سوريا وفلسطين، ماذا تعنون بالتعاون السياسى، هل طلب منكم مثلا المراقبة على الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
نعم، ناقشنا هذه المسألة، وأكدت على استعداد نيوزيلندا لتوفير مراقبين للانتخابات، إذ يتوافر لدينا خبراء فى هذا المجال يمكنهم المساعدة أغلبهم أعضاء سابقون فى البرلمان، أما بالنسبة لاتفاق التعاون فهو عبارة عن اتفاق رمزى يعكس تقارب العلاقات بين مصر ونيوزيلندا، ومتانة الصلة مع الجامعة العربية، وأعجب كثيرا بقيادة الجامعة العربية لاسيما فى تعاملها مع القضايا الإقليمية التى تؤرق المنطقة، ويتعين عليها فى بعض الأوقات أخذ قرارات صعبة تظهر حسن قيادتها، وفى هذا المضمار، لا يجد المرء سوى أن يعرب عن شعوره بالإحباط حيال بعض الهيئات الدولية، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذى اتسم بالتردد فى حسم بعض القضايا الهامة.
واتفاق التعاون دليل على رغبتنا الجادة لإقامة هيكل رسمى لعلاقاتنا بمصر والعالم العربى، كما حاولنا إنشاء علاقات مماثلة مع بعض الهيئات الإقليمية فى المنطقة، مثل مجلس التعاون الخليجى ومنظمة التعاون الإسلامى، تأكيدا منا على اهتمامنا بهذا الجزء من العالم.
قيل فى بيان وزارة الخارجية النيوزيلندية، الذى أعلن عن مجيئكم إلى المنطقة، إن جزءا من أهداف زيارتكم يرتكز على جذب الدعم العربى لمحاولتكم الفوز بمقعد غير دائم فى مجلس الأمن عامى 2015-16، ولكنكم ستتنافسون ضد تركيا، ألا تعتقد أن فرصتكم ضئيلة بالأخذ فى الاعتبار أن الكثير من الأنظمة العربية باتت إسلامية ومن المتوقع أن تؤيد تركيا؟
حقيقة الأمر، سعدنا للغاية بالاستجابة الإيجابية والدعم من قبل الدول العربية لسعينا للانضمام لمجلس الأمن، ومن هذا المنطلق، عكفنا على تعزيز العلاقات مع أصدقائنا العرب، وإظهار رغبتنا فى التقارب، وكنا من أوائل الدول التى دعمت فلسطين فى سعيها للحصول على صفة دولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة، وصوتنا من أجل ذلك إيمانا منا بأن هذا هو الموقف الحق والعادل الذى ينبغى أن يتبناه الجميع، وبالفعل نحن نسعى للحصول على تأييد الدول العربية بشكل مباشر، ونحن واضحون فى هذا الشأن.
أما الشق الثانى من الإجابة، فيتعلق بكونك مرشحا لمجلس الأمن وما ينطوى على ذلك من مهام، فالدول الأخرى لديها الحق فى التأكد من أنك تدرك جيدا التحديات التى تواجه العالم، وكيف ستواجهها كعضو فى المجلس، وينبغى أن تسأل الدول نفسها كيف يواجه مجلس الأمن المشاكل التى تواجه منطقتهم، وكيف تستطيع الدول الأعضاء أخذ القرارات البناءة، والشرق الأوسط ملئ بهذه التحديات، ونريد أن نفهمها ونحاول مواجهتها بذكاء وعدل.
وما الذى سيعود على الدول العربية إذا أيدتكم فى مجلس الأمن؟
هذا سؤال هام للغاية، فما الذى تريده أية دولة من الدول الأعضاء فى مجلس الأمن، أعتقد أنها تريد آذانا صاغية تتحرى العدل فى قراراتها، ودولة صغيرة مثل نيوزيلندا ستكون مستمعا جيدا لهذه المشكلات، وأوضحنا بمرور الوقت قدرتنا على مواجهة قضايا صعبة، مثل المذابح العرقية التى شهدتها رواندا فى هذا الوقت، عندما حصلنا على مقعد غير دائم بمجلس الأمن فى فترة التسعينيات، وشاركنا فى العديد من المواقف الصعبة التى شهدها العالم آنذاك، لهذا تمتلك نيوزيلندا ملفا حافلا وجيدا فيما يتعلق بقدرتها على المشاركة ضمن الجهود الدولية لحل العديد من المشكلات الدولية، وستسعى نيوزيلندا فى حالة فوزها بمقعد غير دائم فى مجلس الأمن لمحاولة دفع الاهتمام بمشكلات الدول الصغيرة التى يقع عليها العديد من الضغوط، وهى الدول التى يجب أن تهتم بها الأمم المتحدة حتى لا تخسر كثيرا من أهميتها كمنظمة دولية.
وأعتقد أن من العادل القول إن هناك شعورا بالإحباط حيال مجلس الأمن فى الفترة الأخيرة، وأتمنى أن يحدث وجود نيوزيلندا فارقا.
ماذا عن الاستثمارات فى مصر، هل يمكن أن تحدثنا عن حجم التعاون التجارى بين مصر ونيوزيلندا؟
ليس هناك استثمارات كبيرة مع مصر، أو مع المنطقة عموما، ولكننا من أكبر المنتجين الزراعيين فى العالم، ونريد أن نبقى كذلك، وأحد السبل لضمان تحقيق ذلك هو فتح أسواق لنا فى دول متفرقة من العالم بصورة تضمن لتلك الدول تطوير قدرتها للحصول على الأمن الغذائى، ونحن نتبع مثلا هذا النهج مع الصين، التى تعد ثانى أكبر شريك تجارى لنا بعد أستراليا، فالتجارة التى تجمعنا أغلبها زراعية، ونستطيع أن نتبنى نفس النمط مع دول شمال أفريقيا، حيث تزداد الرغبة لشراء منتجاتنا وفى الوقت نفسه تحسين مستوى القطاع الزراعى بصورة تجارية. وبالفعل نحن نريد أن نبيع المزيد من البضائع هنا، لكننا نرغب أيضا فى إقامة شراكة قوية مع أصدقائنا فى المنطقة.
وأتفهم حساسية الوقت الذى تمر به مصر، لاسيما مع عدم وجود برلمان منتخب يدير شئون البلاد، ونحترم الوقت الذى تأخذه العملية السياسية، ولكننا نريد التعاون مع بلادكم فى إطار علاقات تجارية طويلة المدى، لهذا ننوى التحدث مع مسئولين رفيعى المستوى فى الحكومة المصرية للمضى قدما بهذا التعاون، الذى نظن أنه سيبدأ يأخذ مجراه بعد إجراء الانتخابات البرلمانية.
أتيتم إلى مصر فى مايو المنصرم لحضور قمة عدم الانحياز فى شرم الشيخ، أى قبل تنصيب الرئيس محمد مرسى، والآن أنتم هنا بعد قرابة الثمانية أشهر من حكمه، ما هو تقييمك لأداء الرئيس حتى الآن؟
علمت أن وزراء الخارجية الذين يعلقون على الشئون الداخلية للدول التى يزورنها ولا يبقون وزراء خارجية لوقت طويل، لذا لن أعلق على أداء الرئيس مرسى أو شئون مصر الداخلية، ولكنى أؤكد أن نيوزيلندا صديق قديم لمصر، ونريد أن نفهم آلية النقاش السياسى هنا وسنعمل مع من سيختاره المصريون فى الانتخابات، “التى كان من المقرر أن تعقد فى غضون شهور”.
الكثير من الدول الغربية تريد تقديم المساعدات لمصر، ولكن تربط المساعدات بالتوقيع على اتفاق صندوق النقد الدولى، هل ستربطون استثماراتكم مع مصر بالتوقيع على هذا القرض؟
لا، ولكننا نراقب تطور المباحثات التى تمهد الطريق لتوقيع الاتفاق، واستثماراتنا لا تعتمد عليه، وأغلب الظن أن مستثمرى القطاع الخاص النيوزيلنديين سيحكمون على الشروط التى سيوقع بموجبها القرض، لأن القطاع الزراعى تحكمه إقامة الشراكات الجادة بين الشركات وبعضها، والحكومة النيوزيلندية ستفعل ما فى وسعها لتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فى مصر، ولكن مجددا سننتظر حتى ينتهى السجال السياسى لاحترامنا للمرحلة التى تمر بها البلاد.
زار وزير الدفاع النيوزيلندى جوناثان كولمان مصر فى أكتوبر الماضى، على رأس وفد مكون من 100 شخص، وأكد على أهمية التعاون العسكرى بين البلدين، هل تم بالفعل أى تعاون عسكرى مؤخرا؟
تجمعنا علاقة طويلة طيبة مع الجيش المصرى، وندرك الدور الهام الذى يلعبه الجيش ويسعدنا التعاون معه.
الأزمة السورية تحتل مساحة كبيرة من الاهتمام العالمى، والكثير يطالبون الآن بتسليح المعارضة، هل أنتم مع أو ضد هذا الحل؟
أعتقد أن مثل هذه المقترحات ينبغى أن تدرس بعناية شديدة، ونحن نتابع النقاش حول وضع حل لهذه الأزمة الإنسانية، وحقيقة الأمر نحن محبطون حيال موقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعدم قدرته على أخذ قرارات حاسمة كان لابد من إقرارها منذ وقت طويل، ونحن لسنا مع تسليح أحد أطراف النزاع.