السفير الإسرائيلى الأسبق فى القاهرة: الموافقة على الدستور تعطى السيسى الفرصة لعلاج مشكلات مصر الضخمة
قال السفير الإسرائيلى الأسبق لدى القاهرة، زيفى مازل، إن التصديق على الدستور الأكثر ديمقراطية، يمنح الفريق أول عبد الفتاح السيسى الشرعية لمعالجة مشكلات مصر الاقتصادية الضخمة.
واعتبر مازل، فى مقال له بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، أن الاستفتاء على الدستور بنسبة موافقة مكتسحة قد حقق أول بند فى خارطة الطريق، مضيفا أن الفريق السيسى الذى كان من أعلن عن هذه الخارطة فى الثالث من يوليو الماضى قد حصل على الشرعية التى يحتاجها، ليس فقط فى مصر ولكن فى الغرب الذى اعتبر أن التخلص من نظام الإخوان المسلمين ورئيسهم “المنتخب” نوعا غير مقبول من الانقلاب العسكرى.
ويضيف مازل، أن نسبة الموافقة بـ 98% على الدستور ليست عملا عاديا، على الرغم من أنه للأسف يعيد للأذهان أيام رؤساء سابقين مثل مبارك والقذافى وآخرين لم يترددوا من اللجوء لتضخيم الأرقام فى مثل هذه الأمور، الأمر الذى كان ينظر له بعين من الشك فى البلدان الديمقراطية. إلا أن الوضع الآن يبدو مختلفا تماما. فما حدث الأسبوع الماضى كان تصويتا على الثقة فى السيسى أكثر من موافقة على الدستور الذى ربما لم يستطع أغلب المصريين قراءته ناهيك عن فهمه. ولكن جدير بالذكر أن هذا الدستور أقل فى طابعه الإسلامى وأكثر ديمقراطية منذ عهد السادات. وعلى أى حال، فإن التصويت بنعم باكتساح كان دعوة واضحة للسيسى للترشح للرئاسة.
ويمضى الكاتب قائلا: إن مصر شهدت اضطرابا وغياب للأمن على مدار ثلاث سنوات، وحصد العنف أرواح أكثر من 3 آلاف شخص إلى جانب آخرين أصيبوا، والاقتصاد فى حالة دمار، والسياحة فى تراجع والبطالة مرتفعة. وكان الأسوأ من ذلك كله هو ضياع الأمل، والإحساس بأن الثورة التى كان يفترض أن تحقق الديمقراطية وتحسن الاقتصاد وتقدم مستقبل أفضل لعشرات الملايين من المصريين قد فشلت.
والآن يبدو أن الفريق السيسى هو الملاذ الأخير، فهو يمثل الجيش، المؤسسة الوحيدة الأكثر تمتعا بالمحبة والاحترام فى البلاد لأنه رمز وحدتها وحصن الأمان لها. ولا يزال هذا صحيحا برغم فترة حكم المجلس العسكرى فى مصر بعد سقوط مبارك.
ومن جديد، يتطلع المصريون لرجل قوى يضع نهاية للفوضى ويعالج المشكلات الملحة فى البلاد.
وبرغم ذلك، فإن تلك ليس الصورة الكاملة، والسيسى لديه حق فى الشعور بالقلق. فقد أمل بنسبة إقبال على المشاركة فى الاستفتاء أكبر تتجاوز 50% لكى يظهر القاعدة الواسعة لتأييده شعبيا فحصل على38.6%، صحيح أن تلك النسبة أفضل بلا شك من نسبة دستور 2012. غير أن عديد من المصريين لا يزالوا مترددين إزاء تسليم مقاليد السلطة لشخصية أخرى من الجيش.
وتحدث مازل عن موقف الإخوان المسلمين وحلفائها من الأحزاب السلفية الأخرى ومقاطعتهم للاستفتاء، وقال إنهم قام بسوء تقدير بالغ عندنا قرروا المقاطعة، فلو شاركوا ربما حصلوا على نسبة أصوات تراوحت ما بين 20 إلى 25%، بما يظهر قوتهم ويؤهلوا أنفسهم للانتخابات البرلمانية القادمة فى الوقت الذى لا تزال فيه الأحزاب غير الإسلامية غير مستعدة.
ويستطرد السفير الإسرائيلى الأسبق قائلا: إن السيسى وحلفاءه ربما حققوا انتصارا قوىا لكن لا يزال يتعين عليهم أن يثبتوا أنفسهم.
ومن المرجح أن يعلن الفريق عن ترشحه ويتم انتخابه بسهولة، لكنه يعرف أن ثقة الشعب أساسية، وعليه أن يظهر أنه يكرس كامل طاقاته لعلاج مشكلات مصر، ولو أبدى علامات على أنه يحول النظام إلى مجرد ديكتاتورية عسكرية أخرى، سينزل الشعب إلى الشارع من جديد، لتغرق مصر فى جولة جديدة من الفوضى.
ولن يمنحه الإخوان وقتا سهلا.. هكذا يتوقع مازل، ويقول إنهم سيواصلون معركتهم رغم أنها من المتوقع أن تخمد بعد فترى. والآن هم يرفضون قبول الاعتراف بفشلهم برغم حقيقة أن الاستفتاء نقل الشرعية التى كان يمتلكونها من قبل إلى النظام الجديد، وإنزال مسلحيهم إلى الشوارع سيزيد الأمور صعوبة، وهم يعودون إلى العنف بما يعنى رد مقابل من الشرطة وسقوط مزيد من الضحايا من الجانبين.
وفى الختام، قال مازل إنه لو انتخب السيسى رئيسا، فسيجعل ذلك الأحزاب العلمانية مضطرة إلى تقديم جبهة موحدة لإعاقة الأحزاب الإسلامية قبيل الانتخابات البرلمانية، ولن يكون الأمر سهلا، وستشهد الأشهر المقبلة مزيدا من المظاهرات والعنف. لكن فى النهاية، ينبغى أن تبشر الانتخابات البرلمانية لعهد جديد وحينها سيعود الأمر للسيسى وللحكام الجدد ليظهروا للشعب المصرى أن ثقتهم لم تذهب هباء.