«التشخيص المبكر» يمنع تدهور حالة مرضى المخ والأعصاب
أمراض المخ والأعصاب متعددة، والكثيرون يجهلون بعضاً منها، حتى ولو علم الناس بماهية المرض، فهم دائماً ما يكذبون أنفسهم بوجود الأعراض، خوفاً من مواجهة أنفسهم بإصابتهم بمرض، وذلك لوجود صورة نمطية خاطئة فى أذهانهم تخلط بين الأمراض النفسية، وأمراض المخ والأعصاب، مما يجعلهم لا يريدون الذهاب إلى الطبيب المختص عند الشعور بأى من أعراض أمراض المخ والأعصاب، وبالرغم من خطورة تلك الأمراض فإن التشخيص المبكر لأى منها يساعد بشدة فى تأخر تطور المرض ومنع تدهوره وتسببه فى تلف خلايا المخ، إضافة إلى أن بداية العلاج مبكراً تمنع حدوث أى مضاعفات خطيرة على صحة الدماغ، من هنا جاءت أهمية المؤتمر السادس لقسم المخ والأعصاب بكلية طب قصر العينى الذى عقد بالتعاون مع الجمعية المصرية لطب وجراحة المخ والأعصاب واتحاد الأطباء العرب للعلوم العصبية.
ويقول دكتور ماجد عبدالنصير، أستاذ أمراض المخ والأعصاب، كلية طب جامعة القاهرة، إن المؤتمر ركز هذا العام على 3 أمراض مهمة جداً فى علم الأمراض العصبية وهى الزهايمر، والصرع، والتصلب العصبى المتناثر والمعروف بـ«الإم إس»، وأضاف أن فعاليات المؤتمر استمرت على مدار يومين، وعُقدت دورات تدريبية وورش عمل لشباب الأطباء فى اليوم الأول، ومحاضرات وجلسات وتقديم الأبحاث الجديدة فى اليوم الثانى.
وعن ماهية مرض الزهايمر يقول «عبدالنصير»، إن الزهايمر هو داء يصيب المخ ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلم، وقد يتطور ليحدث تغييرات فى شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية أو يصاب بالهلوسة، ويمثل تدهوراً فى الوظائف المعرفية للمخ، فلا يستطيع المريض تذكر الأحداث القريبة نظراً لتدهور الذاكرة الحديثة ولكنه يستطيع تذكر كل التفاصيل القديمة لأن الذاكرة القديمة لم تتأثر.
وأوضح أن الزهايمر مرض كبار السن، أى أنه لا يأتى إلا فى سن الشيخوخة، بداية من سن الستين فيما فوق، وكلما تقدم العمر زادت احتمالية الإصابة، وأشار إلى أن له علامات وإنذارات مبكرة تنبئ بالإصابة به، وتتمثل فى النسيان الشديد وفقدان الذاكرة، وعدم تذكر أين وضعت الأشياء، والشعور بالارتباك الشديد، وعدم القدرة على تحديد أو تذكر الأسماء والأشياء، وحدوث ارتباك فى القدرات الكلامية، أى أن المريض لا يستطيع التعبير عما يريد قوله.
وشدد على ضرورة أن كل من يشعر بأى من تلك الأعراض يجب أن يذهب للطبيب المختص فوراً، لأن التشخيص والعلاج المبكر يحد بشدة من تدهور المرض وانتقاله للمرحلتين الثانية والثالثة اللتين يعانى المريض خلالهما من أعراض أكثر خطورة.
وعن مدى انتشار المرض، يوضح «عبدالنصير» أنه لا توجد فى مصر إحصائية دقيقة ترصد عدد المصابين، ولكن فى العالم وصل عدد المصابين فى عام 2008 إلى 30 مليوناً، ومن المتوقع أن يتضاعف ذلك العدد فى عام 2020، أما فى عام 2050 فمن المتوقع أن يزيد العدد ليصل إلى 100 مليون وأكثر.
وأفاد أن إحدى الدراسات أثبتت عكس ما كان يعتقد الكثيرون، وهو أنه كلما ارتفع المستوى التعليمى للإنسان، قلت احتمالية الإصابة بالزهايمر والعكس، حيث إن المخ يستطيع أن يحتفظ بصورة جيدة للقدرات الذهنية عندما يكون المستوى التعليمى للإنسان مرتفعاً، فاستخدام العقل فى النواحى التعليمية مفيد وصحى ويمكن أن يقى من الإصابة بالزهايمر. وأضاف «عبدالنصير» أن الدراسات وجدت أيضاً أن المدخنين هم أكثر عرضة للإصابة بالمقارنة بغير المدخنين.
أما عن مرض التصلب العصبى المتناثر، فيقول دكتور شريف حمدى، رئيس قسم أمراض المخ والأعصاب، كلية طب قصر العينى لـ«الوطن»: هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبى المركزى الذى يتكون من النخاع الشوكى، المخ، والعصب البصرى، وغالباً ما يحدث نتيجة حدوث خلل فى الجهاز المناعى للجسم، مضيفاً أنه مرض يصيب الفئة العمرية المنتجة، حيث إن الفئة العمرية الأكثر عرضة للإصابة هى ما بين العشرينات والأربعينات، وهو مرض يصيب الجهاز العصبى، وله العديد من الأشكال، وطبيعة المرض تكمن فى أنه يهاجم الغلاف الأبيض الذى يغلف الأنسجة العصبية، ويأتى هذا الهجوم على هيئة نوبات.
وأوضح «حمدى» أن أعراض التصلب العصبى المتناثر تتمثل فى تدهور شديد فى القدرة البصرية، وضعف شديد فى الأطراف، وينتج عن ذلك الشعور بتنميل مستمر فى الأطراف، والإحساس بكهرباء شديدة فى الجسم، وتدهور فى وظائف الإخراج، ويمكن أن يؤدى المرض إلى الشعور بالاكتئاب وعدم ثبات نفسى أو تدهور فى الذاكرة. وأفاد «حمدى» أنه يقدر أن عدد المرضى المصابين بالتصلب العصبى المتناثر يتراوح من 30 إلى 40 ألف مريض.
وأضاف «حمدى» رئيس المؤتمر، أنه توجد الآن مجموعة من الأدوية الحديثة التى لا تسيطر فقط على أعراض المرض بل أيضاً تمتاز بكفاءة عالية فى قدرتها على إنقاص مدى تدهور وضمور المخ، لافتاً إلى أنه توجد الآن علاجات حديثة للمرض، وهى تناول الأقراص بدلاً من الحقن، والأقراص لها فوائد عديدة، وهى أنها تجنب المريض ألم الحقن ومتاعبه، حيث إن المريض لا بد أن يأخذ الحقن من ثلاث إلى خمس مرات فى الأسبوع، أما الأقراص فهى غير مؤلمة ويتم تناولها يومياً.
وينصح «حمدى» بضرورة التشخيص المبكر، لأنه يحد من تطور المرض ويقى من مضاعفاته الخطيرة، منوهاً بأنه من أجل الوقاية قدر الإمكان من الأمراض العصبية يجب ممارسة الرياضة والبعد عن التوتر والعصبية، وعدم الإكثار من المأكولات الدسمة المليئة بالسعرات الحرارية المرتفعة والابتعاد عن التدخين السلبى والإيجابى.