ندوة بالمعرض: تجار «اللحمة» ضيّعوا الثقافة!
في ندوة “التجديد في الوسائط الثقافية” التى عقدت ضمن أنشطة المحور الرئيسى بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، جذب الدكتور رأفت رضوان عالم التجارة الالكترونية الجمهور بشدة حين ترجل عن مقعده وظل يتحدث واقفا؛ قائلاً: أنا في العصر الذي تنبأ به (طوفلر) في كتابه الشهير “تغير السلطة” وذكر فيه ان العالم يتغير الى ثورة المعلومات وأن السيطرة ستكون لمن يملك معلومات أكثر وهذا الكلام قيل في التسعينات ولم يكن الانترنت قد وصل الى حيز الانفجار المعرفي.
وأضاف: أتيت ببيانات تتكلم عن 117 مليار بريد الكتروني في اليوم في الوقت الذي وصل فيه عدد مستخدمي الانترنت إلى 3 مليار.
ويؤكد: هذا العالم مختلف لان أسس التنافس اختلفت وأولها السرعة والقصر حجم الأحداث زاد بطريقة كبيرة في الماضي كانت شركة السيارات تخرج موديل واحد والان اربع موديلات في العام.. نحن نتحدث عن عالم جديد.
هناك قيمة انهيار الفواصل الجغرافية كل الناس تلتقي في فضاء واحد، سقطت الفروق الزمنية في الماضي كان نصف العالم يستيقظ والاخر نائم اما الان كل الناس مستيقظة.
البروسيسر يصنع من السيلكون.. والرمل يتحول الى ثروة قيمة المواد الخام تنهار لكن نحن في حاجة اساسية الى تدفق المعلوماتي وحرية المعلومات لاول مرة في تاريخ البشرية يكون هناك هذا الحجم من التدفق المعلوماتي، إن مستخدمي الفيسبوك الآن 1.3، هناك 12 مليون عملية بحث في اليوم، وعدد التويتات 600 الف تويتة.
كنا في الماضي نتلقى المعلومات، لم يكن لنا حق في ابداء الرأي واذا حدث يكون في اطار المحدد الان كل واحد لديه الحق ان يضع رأيه ويستمع إليه الناس في كل مكان.
حجم الفيديوهات يوميا قرابة 600 ألف فيديو.. إنه عالم مخيف يقود حضارة جديدة اسميتها اتصل ولا تنتقل، منذ قيام البشرية حتى نهاية القرن العشرين كانت تعتمد على وسائل الموصلات فالثورة الصناعية وعالم الصناعة ارتبط بالموتور والان كل شئ عند أطراف اصابعك.
كنا ننتظر صدور المجلة العلمية لنقرأ مقالاتها الان قبل ان تقول لاحدهم شيئا يبحث في جوجل ويخرج لك قائمة عريضة، والمشكلة في تنظيم المعلومات الان يمكنك أن تشتري وتبيع وتسمع وتقرأ وتكتب وانت في مكانك.
العالم الجديد ايضا واكبه شئ غريب اسمه العقل الجديد، العالم يتحدث عن فكرة تطور مستمر في العقل الانساني لدى الدكتور مستجير كتاب اسمع “عالم جديد نحو عقل جديد” يتحدث عن تطوير العقل والمقارنة بين الانسانين القديم والجديد.
يضيف: مركز الصحة العقلية أجرى دراسة وضعت في كتاب باسم “الفص الأيمن”، المسئول عن التحليل، والفص الأيسر مسئول عن الإبداع، ووجدوا أن هناك نشاط في الفص الـيسر للجيل الجديد، وهذا يعني ان هذا الجيل مبدع لكننا نحط من قدره لاننا نعلمه بطريقة خاطئة.
الحقيقة الثانية ان هذا الجيل لا يعرف الحساب، في الماضي كان عدد طلاب العلمي أضعاف أضعاف الادبي، والجيل الجديد فرض على 23 ولاية في أمريكا الغاء تعليم جدول الضرب لأنه مهانة للطفل والأم.
يواصل: نحن أمام جيل يتصفح ولا يقرأ هو جيل مبدع اقل تحليلا، والسمة الثالثة ان نشاطه قليل نظرية نم مبكرا واستيقظ مبكرا سقطت، الجيل الجديد ينام كلما أراد ويستيقظ متى شاء ويعمل في أي وقت يريد هو جيل يتأثر بالمشاهدة والممارسة .
العرب تسيدوا العالم لمدة 800 سنة ويجب ألا ننزعج من ثمانين عاما تفوق فيها غيرنا.
ويوضح: التكتل الثقافي العربي يسير على عدة مستويات: مؤسسي، وعلى مستوى المثقفين وتجمعاته من اتحاد الكتاب وغيرهم ممن لم يقتربوا من التكنولوجيا الجديدة .. نبحث عمن يتجاوب مع الشباب.. الثقافة الجديدة ليست مجرد تلقي ولكنها ثقافة تفاعل..وهو ما يطلق عليه الثقافة التبادلية ..نريد رسائل قصيرة تصل الى القلب والوجدان للجيل الجديد لا يجب ان اتحدث بالساعات لجيل “هات من الآخر” .. تجار “اللحمة ضيعوا” الثقافة .. ميز الله الانسان بالعلم السجود لم يكن لادم ولكن للعلم لابد ان نرفع قبعاتنا لعصر العلم.
وتحدث الدكتور خالد الغمري عن كهنة آمون الذين ادركوا أن اجادة الكتابة سيكون لها اثر ايجابي على ذاكرة المصريين، ولم يريدون للجماهير أن تتعلم حتى لا تتاح لهم المعرفة فيتولد عند التلاميذ وهم المعرفة والحكمة ويصبحون اعلى صوتا وصخبا وهي نبوءة آمون اتاحة المعرفة على نطاق واسع لها تأثيراتها الخطيرة.
وذكر بعض الأرقام حول تطور التواصل الالكتروني فقال: سنة 57 اطلق الاتحاد السوفيتي اول قمر عرفه العالم وكان تفوقا روسيا وتم تغير كل المناهج في امريكا بما يخدم السلطات بعلوم تليق بعصر الحرب الباردة؟
وفي 69 عرف العالم اول نسخة من الانترنت كشبكة اتصال للطوارئ والتواصل بين وزارة الدفاع والجامعات ولم يكن الهدف منها نشر المعلومات، وفي 1971 عرف العالم اول رسالة بريد، وفي 89 عرف العالم الويب، وفي 91 خرج الانترنت من الممرات والاستخدامات العسكرية الى المدنية، وفي 98 عرف العالم جوجل فاختلف العالم، وكانت تونس عام 1992 اول دولة عربية تستخدم الانترنت وتلتها مصر عام 92.
كان الاعلام الرقمي ورقي مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي تحدثنا عن الموجة الثانية للانترنت وهي موجة ازاحة النخبة وتمكين الجماهير فضعفت سيطرت الدولة على تداول المعلومات، 2003 شهدت اول شكة تواصل الاجتماعي، وفي 2005 عرف العالم فيسبوك وانتشر في الجامعات والمدارس الأمريكية، وفي 2006 عرف العالم تويتر ويوتيوب.
وتساءل الغمري: ماذا فعل كل ذلك في السياسة والثقافة والدين ؟.. هناك قلق على الدين لارتباط الانترنت بارتفاع نسبة الالحاد، حدث تفكيك للسلطة التقليدية على الدين هناك اعادة توزيع للسلطة لم تتأثر روح التدين ولكن ضعفت سلطة المؤسسات التقليدية.
الثقافة اقتربت من ثقافة الهواة وليس ثقافة النخبة هناك شباب تأثيرهم في الثقافة اكثر من وزارة الاعلام، هذا التوزيع الجديد للسلطة انتج حروب الاديان وبدأ العالم العربي يعرف ما هو العالم البديل للإعلام.
وعرفت مصر لاول مرة يداس فيها صورة حاكم في 2009 وسمعنا عن تأثير تويتر على الانتخابات الايرانية بعد ان اغلقت السلطة كل وسائل التواصل فتم استدعاء مخترع تويتر ليكون عضوا في مجلس الحرب الأمريكية.